تأتي هذه الانتخابات في ظل انقسام يتعمق داخل الساحة الفلسطينية، وفشل يتجذر في القدرة على انجاز مصالحة دائمة بين المتصارعين في هذه الساحة، وبوضوح بين حركتي حماس وفتح، فكل نتائج وتفاهمات اللقاءات بشأن هذا الموضوع المفصلي هي هشة، سريعة الكسر، تكشف النوايا الحقيقية للطرفين، كذلك، هذه الانتخابات الطلابية،تأتي في ظل ارتباطات خارجية، وتحالفات تبنى من جديد لها تأثيراتها على طبيعة الوضع الفلسطيني، حيث أن خركة حماس ليست بعيدة عن هذه التحالفات وما نراه من فتح للقنوات بمعاول اقليمية ودولية، والمؤكد أن حماس تعمل بجدية لتعزيز مكانتها في الضفة الغربية وانجاز أهداف لها.
ورغم المأزق الذي تعيشه حركة حماس، بفعل سياسة الانتظار والسير في ركاب جماعة الاخوان، دون الاكتراث، أو الأخذ بعين الاعتبار المصلحة الفلسطينية العليا، الا أن الحركة حصدت نجاحا كبيرا في الانتخابات الطلابية ، وخاصة في جامعة بيرزيت.
هذا النجاح لحركة حماس تحقق بفعل ثغرات لم تغلق في جدار حركة فتح، وادارة ناجحة من جانب حماس للمعركة الانتخابية الطلابية، وفي جامعة بيرزيت تحديدا، حث المعاني كبيرة لهذا الفوز، ويؤسس للكثير من تطورات قادمة، وتبنى عليها حسابات في ميادين متعددة.
وهذا يقودنا الى الخوض مباشرة وصراحة في أسباب هزيمة حركة فتح، وقبل ذلك، نتعرض لطريقة ادارة حماس للمعركة الانتخابية في بيرزيت.
النتائج لم تفاجىء الكثرين الذين يقفون على ما يدور داخل فتح وحماس، فحركة حماس لها برامجها وأهدافها، وتعمل ليلا نهارا من أجل توسيع رقعة نفوذها، وكسب الأنصار ليس فق قطاع غزة فقط، وانما في الضفة الغربة أيضا، وهي تعلم تماما الحال داخل حركة فتح، وتبني الكثير من الامال على التحالفات بين جماعة الاخوان ودول في الاقليم ، بحيث تحولت غزة الى نقطة ارتكاز تسند برامج الجماعة، لذلك، هي معنة بالاستعداد وتحقيق النجاحات، وما حققته في جامعة بيرزيت سيزيد من حجم الآمال لدى الحركة، صوب مكاسب جديدة في هذا المجال أو ذاك، ونجاحا في انتخابات طلبة بيرزيت سيمنحها مزيدا من التصلب في المواقف ازاء قضايا مطروحة يجري النقاش والتفاهم بشأنها مع حركة فتح.
لكن، السؤال الذي يطرح نفسه، هنا، هو: لماذا صب الطلبة أصواتهم لصالح حركة حماس؟! هل السبب هو "زعل" من حركة فتح أو غضب من مواقف محددة، أم أن السبب الرئيس هو اقتناع ببرامج حماس وطروحاتها، وأيا كانت الأسباب، فان النتائج مريرة بالنسبة لفتح، ونجاح لحماس بكل المقاييس، والآن، يمكن ، عرض الأسباب التي أدت الى فشل حركة فتح، في انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت، استنادا الى مصادر مطلعة ، ومتابعة ليست آنية، لما تعاني منه حركة فتح، فقيادات الحركة متصارعة، وكل يعمل لمصالحه الذاتية ، خاصة مع الحديث عن انعقاد المؤتمر العام لحركة فتح، وكثيرون يريدون خوض المعركة الانتخابية، وفي مثل هذه الأوضاع، وكالعادة فان كل محور يحاول افشال المحور الآخر ، ليجرده من تأييد الأنصار، وتفريغ جعبته من الاصوات التي يرى فيها داعمة له.
وفي صفوف مؤيدي فتح وعناصرها انشقاقات وصراعات واضحة للطلبة، بمعنى، أن وحدة الموقف والتحرك وبذل الجهد غير متوفرة، وهذا يشكل أحد أسباب الهزيمة، كما رأينا في انتخابات مجلس طلبة بيرزيت والبولتكنيك، كذلك فان اعتماد سياسة المقايضة ودفع الأثمان لا تؤدي الى نتائج جيدة، اضافة الى أن بعض الممارسات المرفوضة تنفر الطلبة وتبعدهم عن مسار التصويت لفتح، وبكل وضوح فان الخلل في الصف القيادي للحركة ينسحب سلبا على عناصرها في الجامعات والنقابات، وهذا بدا واضحا من خلال نتائج الانتخابات.
ما حدث في جامعة بيرزيت من فشل مدوٍ لحركة فتح، هو رسالة الى قيادة الحركة، لتعيد تقييم أمورها بجدية، وصدق، بعدا عن المنافع الذاتية والانانية والتصارع حول المواقع، كما يستدعي هذا الفشل أن تعيد مؤسسات السلطة والأجهزة الخاصة خاساباتها ازاء التعاطي مع جمع الطلبة، بعيدا عن اعتماد التقارير الخاطئة، والكيدية، فهذا أسلوب مقيت لا يجدي نفعا، ويؤدي الى حصد الخيبة والمرارة.
إن نتائج انتخابات مجلس الطلبة، وتحديدا في جامعة بيرزيت يقرع ناقوس الخطر، ويدق جدران حركة فتح وتفرض عليها، انتهاج سياسة جديدة، ومسارات سلمة، فانعكاسات هذه النتائج سلبة وخطيرة تستدعي دراستها وتحليلها بتأني وجدية، قبل فوات الأوان، والبدء أولا بمعرفة الثغرات في جدار الحركة، والمشرفين على المعركة الانتخابية، والذين أداروها، وسلبيات المجلس السابق الذي استلمته فتح العام الماضي.
كان من حركة فتح أن تطرح نقاطا واضحة في برنامجها الانتخابي، نقاط تتناول سياسة حماس وارتباطاتها وتحالفاتها الجددة والمتغيرة، وفقدانها الواضح لقدرتها على اتخاذ القرار، وما تسعى اليه من وراء هذه التحالفات.. هذا لم يحصل، فكانت النتائج في غير صالح فتح، ذات المحاور العديدة، والمنغمسة غالبية قياداتها، في كيفية الوصول الى هرم المشهد السياسي ، وبكل الطرق.
لكنها، تبقى كبوة، والأمل معقود على أحداث ومناسبات قادمة بعد استخلاص العبر، والاستفادة من دروس الهزيمة.