2024-06-28 06:37 م

بيانات رسمية إسرائيلية لآلاف المنتجات من دول عربية وإسلامية في السوق الإسرائيلي

2024-06-23

تكشف بيانات رسمية إسرائيلية عن وصول آلاف المنتجات الغذائية من دول عربية وإسلامية إلى مستوردين إسرائيليين، من بينها مئات المنتجات المُصنّعة من قبل عشرات الشركات المتواجدة في 6 بلدان عربية، وتظهر البيانات التي وصل إليها “عربي بوست” وتحقق منها، أسماء الشركات صاحبة المنتجات، كما تظهر شهادات الترخيص التي حازت عليها هذه المنتجات من السلطات في إسرائيل، ومن بينها شهادات صدرت خلال فترة الحرب على غزة. 

أجرى فريق “عربي بوست” بحثاً طويلاً لرصد وصول بضائع عربية إلى مستوردين إسرائيليين، واستمر العمل لمدة أسابيع من أجل التحقق مما ورد في البيانات الرسمية، والاستقصاء عن الشركات التي وردت أسماؤها في البيانات، وتم التواصل مع العشرات من هذه الشركات، للحصول على تعليق منها. 

وهذه البيانات عن وجود منتجات عربية في إسرائيل صادرة عن “الحاخامية الكبرى في إسرائيل“، التي تُعد المؤسسة الدينية في البلاد والمتخصصة في قضايا عدة، بينها إصدار شهادة “الكوشير” اللازمة من أجل تسويق وبيع المنتجات في إسرائيل، والتي يعني وجودها أن الطعام متوافق مع الشريعة اليهودية، حيث يوضع شعار الشهادة على المنتجات المباعة بإسرائيل، وتم نشر هذه البيانات على موقع الحكومة الإسرائيلية. 

منتجات عربية في إسرائيل
تظهر بيانات الحاخامية استيراد 442 منتجاً عربياً تتضمن العشرات من الأصناف الغذائية من خضار وفواكه مجمدة أو معلبة، وزيوت، وأطعمة محلية عربية، وحصل مصر، والأردن، والإمارات، والمغرب، إضافة لوجود شركة في تونس، وأخرى في السعودية. 

ويبلغ عدد الشركات التي تعمل وتتواجد مصانعها في دول عربية والتي وصلت منتجاتها لمستوردين إسرائيليين، 80 شركة، في حين يبلغ عدد الشركات الموجودة في دول إسلامية 332 شركة، بحسب البيانات الإسرائيلية، ليصبح بذلك مجموع الشركات بالدول العربية والإسلامية الواردة بالبيانات 412 شركة. 

وتعطي البيانات صورة كبيرة عن حجم وصول منتجات من شركات عربية إلى مستوردين إسرائيليين، ولا تغطي جميع أنشطة التجارة بين دول عربية وإسلامية وإسرائيل، بل تركز على التصدير المتعلق بجزء من المنتجات الغذائية.

وبحسب البيانات، منحت “الحاخامية الكبرى في إسرائيل” شهادات “كوشير” لمئات المنتجات المصنعة بمصانع وشركات في دول عربية، والتي ذهبت إلى مستوردين إسرائيليين، وتقول الحاخامية إن البيانات الصادرة عنها تتضمن قائمة المنتجات الغذائية والمواد الخام المستوردة، والتي تمت الموافقة عليها من قبل الحاخامية، والتي لا تزال صلاحية الشهادة الخاصة بها سارية، إضافة إلى منتجات انتهت صلاحية الشهادة الخاصة بها خلال 60 يوماً الماضية.

والبيانات المذكورة تشمل التحديث الذي نشرته الحاخامية الكبرى عن المنتجات الواصلة لمستوردين إسرائيليين من مصانع وشركات في دول عربية وإسلامية، حتى يوم 30 مايو/أيار 2024، وتجب الإشارة مجدداً إلى أن البيانات يتم تحديثها باستمرار، وفقاً للشهادات الجديدة الممنوحة من قبل الحاخامية. 

وتُشير البيانات أيضاً إلى أن مستوردين إسرائيليين استوردوا 2925 منتجاً من دول إسلامية، مثل تركيا، وباكستان، ودول أخرى، ليصبح بذلك عدد المنتجات التي حصل عليها مستوردون في إسرائيل من شركات في دول عربية وإسلامية، 3367 منتجاً. 

وكانت تركيا قد أعلنت بداية مايو/أيار 2024 إيقاف جميع الصادرات والواردات من إسرائيل وإليها، وذلك على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف بين شهداء وجرحى. 

دول الشركات الواردة أسماؤها 
مصر: بحسب البيانات الرسمية الإسرائيلية، ورد أسماء 37 شركة في مصر، وحصل مستوردون إسرائيليون على 206 منتجات غذائية تعود لهذه الشركات، وتتضمن 41 صنفاً مثل الخضراوات والفواكه المجمدة، والسكر، والعصائر، وغيرها.

من بين الشركات التي وردت أسماؤها في البيانات: مجموعة “فرج الله”، وشركة “النيل”، و”أغرو غرين”. 

الأردن: بحسب قاعدة البيانات، هناك 5 شركات في الأردن، وصل 19 منتجاً لها إلى مستوردين في إسرائيل، وتبين لنا أن جميع منتجات الشركات الواردة في القائمة كان تاريخ إصدار شهادة الكوشير لها خلال فترة الحرب على غزة، باستثناء 5 منتجات تتبع شركة واحدة، كانت لا تزال شهادتها سارية خلال فترة الحرب، ومن بين الشركات المذكورة في قاعدة البيانات الإسرائيلية، شركتا “سرور” و”الجديدة”.

الإمارات: ورد في قاعدة البيانات ذكر 11 شركة في الإمارات، وصل 99 من منتجاتها إلى مستوردين في إسرائيل، وتتبع “عربي بوست” هذه الشركات وتبين أن بعض المنتجات ليست مخصصة للبيع بالإمارات، وإنما للتصدير للخارج فقط، في حين أن بعضها الآخر منتشر في الأسواق الإماراتية، ومن بين الشركات المذكورة، الخليج للسكر، وتمور البركة. 

السعودية: ورد اسم شركة واحدة في السعودية في قاعدة البيانات وهي شركة Durrah، بمنتج واحد يحمل شهادة كوشير، ووصل إلى مستورد في إسرائيل.

المغرب: بحسب قاعدة البيانات الإسرائيلية، ظهرت أسماء 25 شركة في المغرب، ووصل 113 منتجاً لها إلى مستوردين إسرائيليين، من بين الشركات وجدنا مجموعة شركات تابعة لـ”TALIKI GROUPE”، وشركة “RIO DE ORO”، وشركة “DARI”.

تونس: من بين الشركات العربية التي ورد اسمها في بيانات الحاخامية الكبرى لإسرائيل، وجدنا شركة واحدة في تونس تسمى “Moona Food”. 

الحصول على شهادة الكوشير
على موقع الحكومة الإسرائيلية يشير ملف صادر عن الحاخامية الكبرى في إسرائيل إلى أنه حتى يكون “المنتج الغذائي المستورد حلالاً قانونياً يجب أن يحصل على شهادة الكوشير من الحاخامية الكبرى في إسرائيل، وهي شهادة يصدرها قسم الاستيراد في الحاخامية الكبرى للدولة”. 

تؤكد الحاخامية أيضاً أنها تمنح المنتج المستورد شهادة “كوشير”، لكن ذلك لا يعني منح “الكوشير” لجميع منتجات المصنع الموجود في الخارج. 

وخلال بحثنا عن المستوردين الإسرائيليين لمنتجات الدول العربية والإسلامية والواردة أسماؤهم في قاعدة البيانات، فإنهم مسجلون في إسرائيل، كما أن هذه المنتجات تم إصدار شهادة “كوشير” لها من أجل السماح للمستوردين الإسرائيليين بإدخالها وبيعها في الأسواق الإسرائيلية. 

تصدير البضائع للفلسطينيين لا يستوجب الحصول على “كوشير”
خلال مراسلتنا للشركات العربية الواردة أسماؤها في قاعدة البيانات، قال بعضها إن منتجاتهم تم إرسالها إلى فلسطينيين، في حين أن المستوردين الواردة أسماؤهم في البيانات مسجلون على أنهم شركات خاصة إسرائيلية. 

عند الحديث عن الفلسطينيين، فهناك فلسطينيون في الضفة وغزة، وفلسطينيون في الداخل المحتل (عرب 48)، لذلك تواصلنا مع مصادر مختصة من كلا الطرفين لفهم طبيعة حركة الاستيراد والتصدير في تلك المناطق، وارتباطها بمسألة الحصول على شهادة “الكوشير”.

وتواصل “عربي بوست” مع تجار في الضفة الغربية، ومسؤول في غرفة التجارة في نابلس، وأكدوا أن البضائع التي يستوردها فلسطينيون إلى مناطق الضفة لا تتطلب الحصول على شهادة “الكوشير”. 

ويجلب المستوردون الفلسطينيون البضائع من خلال شحنها إلى الموانئ الإسرائيلية، ويتم تخليصها جمركياً من الموانئ ثم نقلها إلى المناطق الفلسطينية، لكن هذا الإجراء لا يستوجب الحصول على شهادة “الكوشير” كشرط للاستيراد، أو كشرط لاستخراج البضائع من الموانئ. 

من بين الذين تحدثنا معهم بهذا الخصوص، طارق سقف الحيط، وهو تاجر وعضو هيئة عامة للغرفة التجارية الصناعية في نابلس، وسألناه: هل هناك بضائع مستوردة في مناطق الدولة الفلسطينية تحمل شهادة “الكوشير”؟

أجاب طارق بأن البضائع التي تُباع في المناطق الفلسطينية لا تحمل شهادة دينية، وأكد أنه لا يوجد شرط على المستورد الفلسطيني بأن يحصل على شهادة “كوشير” لاستيراد المنتجات إلى المناطق الفلسطينية. 

وأكد لـ”عربي بوست” أن “الكوشير” له علاقة بتوزيع البضائع على المحال في إسرائيل، وقال إن “بعض المحال في إسرائيل ترفض شراء المنتجات دون أن تكون حاصلة على “الكوشير”، فيما تقبل محال أخرى بذلك”.

لفت طارق إلى أن هنالك بعض المنتجين للمواد الغذائية الفلسطينية، وهؤلاء يحصلون على “الشهادة الدينية” من أجل استغلال السوق الإسرائيلي وتوريد البضائع إليه، ويذكر مثالاً على ذلك “مصانع الطحينة والحلويات” التي يتم توريد منتجاتها للسوق الإسرائيلية أو التصدير للخارج. 

سألنا المسؤول في غرفة التجارة أيضاً عما “إذا كانت هناك بضائع ستدخل إلى مناطق الضفة بحسب شروط الاستيراد الإسرائيلية فهل شهادة “الكوشير” مطلوبة؟ وأجاب: “غير مطلوبة؛ لأن الرخص التي تصدر من وزارة الصحة الإسرائيلية للمستورد الفلسطيني تكون مكتوباً عليها للبيع لمناطق السلطة الفلسطينية، حتى لا تكون ملزماً بهذه الشهادة، أو المصادقة الدينية”. 

الكوشير كشرط لبيع المنتجات بإسرائيل 
في السياق ذاته، تواصل “عربي بوست” مع تجار من “فلسطينيي 48” ومن بينهم رجل الأعمال عمر جسار، الذي أوضح أن “المنتج العربي أو أي منتج من أي دولة حول العالم بحاجة إلى شهادة كوشير، كشرط قانوني لإدخاله إلى السوق الإسرائيلي، وبيعه في شبكات التسوق الإسرائيلية التي تعمل بموجب شهادة كوشير”. 

لفت إلى أنه بخصوص المستورد من فلسطينيي 48 الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، فهؤلاء “تنطبق عليهم القوانين الإسرائيلية بما يتعلق بإجراءات الاستيراد والتصدير، والتسويق، ورسوم الضرائب والجمارك والشحن، وحتى اشتراط الحصول على شهادة كوشير (حلال) من الحاخامية اليهودية الكبرى في إسرائيل أو من فروعها حول العالم”. 

لكن جسار يوضح أنه “في حال اقتصر استيراد المنتجات على تسويقها في السوق العربي في الداخل أو في الأسواق الفلسطينية، فالأمر ليس ملزماً بالحصول على شهادة كوشير، شريطة عدم تسويقها وبيعها بالأسواق وشبكات التسوق الإسرائيلية”. 

كما لفت إلى أن “الغالبية العظمى من المستوردين من فلسطينيي 48 جلّ نشاطهم وتعاملاتهم التجارية تكون في السوق العربي في الداخل أو السوق الفلسطيني في الضفة الغربية”.

يوضح رجل الأعمال أيضاً أنه “بحسب القانون الإسرائيلي، فإن التعاملات التجارية والاستيراد والتصدير لرجال الأعمال والمستوردين من فلسطينيي 48، تقتصر على الدول العربية والإسلامية التي تربطها علاقات دبلوماسية ورسمية بإسرائيل، ما يعني أنه يمكن التبادل التجاري معها واستيراد منتجاتها وبيعها بالسوق العربي في الداخل والأسواق الفلسطينية بالضفة والقطاع، ودون الحاجة إلى شهادة كوشير؛ لأنها لن تباع بالأسواق وشبكات التسوق الإسرائيلية التي تعمل بموجب أنظمة الحلال التي تنص عليها الحاخامية اليهودية”.

وعليه، يضيف جسار أن “جميع المنتجات التي يتم استيرادها من أي دولة، وتكون وجهتها الأسواق وشبكات التسوق الإسرائيلية، يجب أن تضع على غلاف أي منتج مهما كان نوعه، علامة الكوشير، بحيث لا يمكن الحصول على هذه الشهادة لأي منتجات وجهتها السوق الإسرائيلي دون وضع شعار الشهادة على غلاف المنتج”.

جسار أكد أيضاً في تصريحاته لـ”عربي بوست” أن “التاجر والمستورد الفلسطيني من الضفة وغزة يمكنه الاستيراد والتصدير مباشرة دون الحاجة إلى وساطة رجل أعمال إسرائيلي أو مستورد من فلسطيني 48، وهو أيضاً ليس بحاجة إلى شهادة كوشير كون المنتجات والبضائع التي يستوردها وجهتها الأساسية هي الأسواق الفلسطينية في الضفة والقطاع”.

وتوجد هناك تجارة بين مناطق “فلسطينيي 48” والضفة الغربية، وأفادت مصادر تحدث إليها “عربي بوست” في مناطق الداخل المحتل، بأن الحصول على المنتجات من الضفة يعد أرخص سعراً.

وتحدث “عربي بوست” مع عدد من التجار في مناطق الداخل المحتل، الذين يقولون إنهم يبتاعون بضائعهم من أسواق الضفة الغربية، مؤكدين استمرار وجود حركة البضائع بين المنطقتين، دون الحاجة لاستيراد البضائع مباشرة من الدول العربية.

وأفاد سكان من مناطق الداخل المحتل -فضلوا عدم ذكر اسمهم- بأن بعضهم يفضل الامتناع عن شراء منتجات من شركات عربية تدخل مباشرة إلى الأسواق في “مناطق 48″ وليس عبر المستوردين الفلسطينيين في الضفة، موضحين أن الاستيراد المباشر إلى الأسواق في الداخل المحتل يثير مخاوف من فتح باب التطبيع التجاري بين الشركات التجارية في الدول العربية و”إسرائيل” بحجة التعامل مع الفلسطينيين في الداخل المحتل، بدليل أن بعض منتجاتها تحصل على شهادة كوشير، ما يعني أنها باتت غير مخصصة للأسواق العربية، ومعدة لدخولها إلى الأسواق الإسرائيلية.

في حين يرى آخرون من “سكان 48” أنهم بحكم حصولهم على الجنسية الإسرائيلية “مُكرهون”، ولا يمكن اعتبار التجارة معهم “تطبيعاً”، وأن ما هو مرفوض بالنسبة لهم وصول المنتجات العربية عبر مستوردين إسرائيليين غير عرب إلى مناطقهم.

المصدر: عربي بوست