2024-11-30 05:35 ص

هل أمريكا بصدد صوملة لبنان وصولًا لحزب الله وهل وسَّع الكيان وظيفة السلطة لخارج فلسطين؟

2023-08-07


بقلم: فؤاد البطاينة
الدخول في التفاصيل لما يجري في بلدان العرب يضع الشرف الوطني والكرامة الشخصية لكل مسؤول فيها رسمي أو شعبي في قفص الاتهام بخيانة أمانة المسؤولية وخيانة الأوطان والشعوب لحسابات شخصية. كيف لأنظمة هذه الدول أن تصل لمستوى تتسابق فيه على شراكة دول الغرب الإستعمارية في نهب مقدرات أوطانها وإفقار وإذلال شعوبها وفي استعمار دولها وجعلها مناجم أو مزارع أو مجالات جغرافية للأوروبيين والأمريكان. وكيف يُقدِّم حكامها أنفسهم للغرب المتصهين بخيانة القضية الفلسطينية والإتجار بها. وكيف تُصبح الجيوش العربية أداة استعمارية مُسخرة بالإرتزاق على أوطانها وشعوبها وقضاياها، ولا يوجه سلاحها إلّا للداخل أو لحساب الأعداء المُفترضين. نحن في تراجع لا يمكن التنبؤ في مستقر له على المدى المنظور
أين الخلل في هذا الجلل ؟ لا أصدق بأنه في وعي شعوبنا ولا بثقافتها. فليست الشعوب الأخرى التي تعيش في دول مصانة بأفضل وعي من شعوبنا، ولا هو في عقيدتنا وهناك دول اسلامية كريمة عزيزة بشعوبها، كما لا نعزي فداحة أمرنا للدكتاتوريات فهناك ما يكفي منها في دول مصانة بشعوبها وأوطنها. ولا تكاتف وتركيز الهجمة الصهيو غربية على الوطن العربي كافيا لتفسير هذا الانكسار والخضوع. فهل نستطيع القول بأن الخلل المميز والذي لا سابقة تاريخية له يتمثل في استقرار الخيانة كنظام حكم عربي رسمي تعايشت معه الشعوب العربية وتطبعت معه وعليه ؟ وأن حرمان العرب من حكم صالح كان هو الهدف الأهم من أهداف مؤتمر كامبل التي اقرت عام 1907. أعتقد بهذا كواقع ولكني لا أجد مبررا أو سبباً مُقنعاً لصمت الشعوب عليه.
طاقة الأمل دائما موجودة، وهي لنا في المقاومة. فرغم تحالف أنظمة العرب الخيانية مع الصهيو أمريكي وتواطؤ الغرب فإن مشروعهم الذي يلاقي النجاحات السلسة والناعمة في بلإد العرب والنيل منها نراه مُتعثراً في فلسطين بصمود شعبها ومقاومته، ومتعثراً بنسخته الإقليمية ككل، وفاشل الخيارات، بفضل أصلب مقاومة عرفها التاريخ وأكثرها إعصاء وإعجازاً لأقوى وأثرى تحالف دولي إستعماري ظهر لتاريخه، وهي المقاومة الاسلامية الممثلة بحزب الله، والتي بوجودها يتعزز الصمود العربي والفلسطيني. برامجهم ومخططاتهم وجهودهم كلها اليوم منصبة على إنهاء المقاومة الفلسطينية وفكرتها وعلى النيل من حزب الله وسلاحه وتسليحه. وبهذا أقول في الساحتين الفلسطينية واللبنانية.

إن غياب السلامة عن الصف الفلسطيني يُفقد الفلسطينيين بكل اتجاهاتهم ثقلهم وتأثيرهم. ولا يمكن لهذه السلامة أن تكون دون وحدة الهدف والوسيلة السليمة لتحقيقه.ولا يُمكن الحديث بهذا بمعزل عن وقف مسيرة سلطة أوسلو كأكبر وأعمق اختراق للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني والأكثر إيذاء بالقضية على المستويات العربية والإسلامية الدولية. فقد أدت لأول مرة لانقسام فلسطيني في هدف التحرير وفي نهج المقاومة كوسيلة استراتيجية التحقيق الهدف. لقد نالت السلطة بفشلها المتراكم من القضية وعدالتها ومن منجزات كفاح الشعب الفلسطيني حين تبنت باسم الفلسطينيين ثنائية متناقضة هدّامة تقوم على خدعة استرداد المحتل عام 67 بالمفاوضات والدبلوماسية،ونبذ ومحاربة المقاومة بذات الوقت. وهي بهذا جعلت من المقاومة الفلسطينية أمراً جدلياً على المستوى الدولي بينما مكنت الكيان من ابتلاع المزيد من الأراضي والقضاء على أية فرصة على الارض لقيام دولة فلسطينية. وكانت صفقة القرن نتاجاً طبيعيا لسياسة سلطة أوسلو. الشعب الفلسطيني مطالب بالانتفاضة على الإحتلال وسلطة أوسلو وعلى كل فصيل يساوم على المقاومة أو يتاجر بها بدءا بفتح وحماس
وفي المجصلة الرهيبة، استطاع كيان الإحتلال من تحويل سلطة أوسلو الى لا مركزية في القرار. فعباس وصل سقفه،وظهر لذلك المنافسون له من رجال السلطة.مما حدا بالكيان إلى صنع مراكز قوة داخل جهاز السلطة يتنافسون على كسب وده بعرض خدماتهم المختلفة عليه بالمهمات القذرة داخل الأراضي المحتلة في مواجهة المقاومين والرافضين وأخذ دور الشرطي الأكثر خدمة للإحتلال. لكن هذا التنافس شجع كيان الاحتلال للتوسع في استخدام السلطة ورجالها خارج حدود فلسطين. فالدول العربية ذات الاهتمام وليس لبنان وحده، مطالبة اليوم بأخذ حذرها من امتدادات رجال السلطة، وكذا الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني كله معني بالحذر من أي تحرك للسلطة ورجالها فهي اليوم تتحول لمخلب صهيوني متحرك. وهذا ينقلنا إلى لبنان.
فما يجري في مخيم عين الحلوة في لبنان لا يُمكن أن نحسبه عملاً معزولا عن الأزمة اللبنانية وأصابعها، ولا عن مخططات ومصالح أمرو-اسرائيلية تخص مستقبل لبنان ولا بالتالي والأهم معزولة عن استهداف المقاومة اللبنانية (حزب الله) على حساب استهداف لبنان كله ولا معزولة عن تكرار مذابح صبرا وشاتيلا في باقي المخيمات إذا نُزع سلاح الفلسطيننين في لبنان. نعم في المخيم خلايا مافيوية وإرهابية وتخريبية وهناك خلايا تحمل الكثير من الفكر والسلوك الداعشي وليس كل من كان في مخيم اليرموك تبخروا.ولكن هناك تأمر على فلسطينيي لبنان في مخيماتهم لتهجيرهم بالمذابح الإرهابية.
وباعتقادي أن أمريكا التي تفرض على لبنان عقوبات اقتصادية قاصمة وضغوطات مالية،يرعبها الإعلان عن قرب استثمار الطاقة في المياه اللبنانية وتعافيه اقتصادياً. فلا شك بأن كل هذه المقدمات محل دراسة واستخدام وتبييت لمؤامرة كبرى على لبنان وحزب الله والمخيمات الفلسطينية، وليس مستبعد في المحصلة استدراج واستجلاب للجيش اللبناني الى داخل المخيمات توطئة لتجريدها من السلاح الذي يدافع الفلسطينيون به عن أنفسهم والهدف ترحيلهم بالإرهاب، ولتوسيع الفوضى والفتنة في انحاء لبنان.والتساؤل هنا هل اعلان بعض الدول العربية المركزية عن سحب رعاياها من لبنان جاء بناء على معلومات بخطر داهم أم لتسخين الموقف والحالة اللبنانية
لبنان الدولة العربية ليست على أجندة العرب ـ فهذا أمر مرتبط برغبة واتجاهات “اسرائيل “والحذر من مراميها،ولا على أجندة أوروبا. بما يعني أن المواقف العربية والدولية من لبنان تحكمها اسرائيل بسبب وجود حزب الله في المعادلة. وبتقديري أن أمر وجود دولة مسيحية في المشرق العربي لم يعد مهماً عند أمريكا ودول الغرب ما دام أن الثمن هو رغبة أو أمن إسرائيل، باستثناء فرنسا التي تترجم رغبتها بالحفاظ على لبنان ووحدته كدولة ذات طابع مسيحي بوقوفها لجانب المرشح سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية من زاويتين.الأولى، إدراكها بأن جميع المرشحين هم في بوتقة الإستخدام الأمريكي لضرب وحدة لبنان وصوملته على مذبح مواجهة حزب الله كخطة اسرائيلية تدعمها أمريكا. والثانية إدراك فرنسا لحقيقة أن حزب الله هو الضامن الأساسي والوحيد للبنان موحد بتركيبته التاريخية والمسيحية في قلبها.
أمريكا تنشط في لبنان واضعة برأسها حزب الله والمخيمات الفلسطينية، ومستعينة بعميل لها متمكن من إطلاق الشرارة هو قائد الجيش جوزيف عون لتنفيذ مخططاتها وستعلن عنه في الظرف الفوضوي المناسب الذي ستصنعه.. ويتراءى لي أن هذا التدخل الأمريكي يجري الأن من خلال محورين سني – جعجعي بمساعدة السعودية، وأخر هو محور قطري داعم لقائد الجيش. وما يحدث الان في مخيم عين الحلوة هو مقدمة ومنطلقاً لتنفيذ الاستراتيجية الامريكية بما يخص انهاء لبنان كدولة موحدة وتحويله الى مشيخات مناطقية ومراكز قوى سياسية تدخل في حروب بينية تؤدي لصوملة لبنان وتدويله، والمسعى هو باتجاه مواجهة حزب الله من خلال جر لبنان لحرب أهلية نجح الحزب بإفشال كل محاولاتها سابقاً
وأتصور أن أمام امريكا في هذا سيناريوهين الأول تأزيم الوضع داخل مخيم عين الحلوة كي يمتد لمخيمات أخرى ودخول الجيش اللبناني للمخيمات مدعوما بعناصر من القوى المسيحية المتطرفة وافتعال معارك وجمع سلاحها بمساعدة فتح ورجال السلطة، واتخاذ هذا العمل حجة لنشر قوات الجيش في أحياء ومناطق لبنانية أخرى لا سيما التي ترحب بذلك في خطوة تؤهل قائد الجيش لمركز ما يشبه قائد انقلاب بكل ما يترتب على ذلك من مقدمات لحرب أهلية. أما السيناريو الثاني فهو أن تعمد أمريكا لحشد الفصائل المتطرفة في لبنان والمخيمات وكل ألوان الطيف الداعشي بمسمى آخر تدعمه للوصول لمبتغاها.
كاتب وباحث عربي أردني