2024-11-29 05:59 ص

دولة واحدة أم إعادة للالحاق والالغاء

2020-07-25
بقلم: حاتم استانبولي
بالعودة إلى صفقة القرن تحت عنوان تبادل الأراضي، فإن الخطة تعطي إسرائيل الحق في ضم مستعمرات الضفة الغربية، ومن الممكن أن تكون ضمن عملية تبادل للأراضي بين الفلسطينيين وإسرائيل، تكون قرى المثلث التي تم التنازل عنها في مؤتمر رودوس الذي حدد خط الهدنة وأطلق عليه تسمية الخط الأخضر بين المملكة الأردنية الهاشمية وإسرائيل؛ من ضمن الصفقة. كذلك مكان عاصمة فلسطين في أبو ديس أو عقبة جبر مكان يتفق عليه، ويمكن أن يسميها الفلسطينيون القدس . منذ أن أعلن نتنياهو عن نيته تفعيل بنود صفقة القرن من طرف واحد؛ بضم غور الأردن وأجزاء من الضفة، متذرعًا بأن هذا لا يتطلب موافقة الفلسطينيون؛ سارع وزير الخارجية الأردني إلى إعلان رفض المملكة لتصريحات نتينياهو وحكومته حول قرار الضم لأجزاء من الضفة وغور الأردن، وأطلق تهديدات ضمنية وحدد موقف الأردن الواضح بحل الدولتين. وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أطلق عدة تصريحات متتالية حول رفض الأردن لخطة الضم الإسرائيلية ونشط دبلوماسيًا على الصعد المختلفة لإبراز موقف الأردن والقصر بشأن قرار الضم، حتى جاءت زيارة رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي في 25-06-2020 الذي حمل رسالة إلى العاهل الأردني من نتنياهو لم يعلن عن مضمونها. في 03-07-2020 خرج د. فايز الطراونة رئيس الديوان الملكي ورئيس الوزراء الأسبق وعضو مجلس الأعيان حاليًا في لقاء أجرته قناة رؤيا ضمن برنامج نبض البلد، بخصوص ما قاله عن قرار إسرائيل لضم أراضي فلسطينية وغور الأردن، حيث قال: ”كبرها بتكبر صغرها بتصغر”، ويوضح أن المقصود بقرار الضم هو غور الأردن الفلسطيني، وليس الأردني، وأن الأردن تربطه اتفاقية سلام مع إسرائيل، حددت فيها رسميًا الحدود السيادية. هذا يعني أن الأردن يعترف بأن حدوده مع إسرائيل هي نهر الأردن (هكذا يفسر حديث فايز الطراونة بمعناه السياسي) الذي يقسم غوره إلى قسمين وأطلق عبارته المشهورة- احنا شو دخلنا! بعد ذلك أطلق رئيس الوزراء عمر الرزاز أن الأردن قد يوافق على حل الدولة الواحدة! هذا التصريح يعتبر تبني للأفكار التي طرحها مروان المعشر الذي جاء فيها أن حل الدولتين، أصبح وراء ظهورنا، وعلينا البحث أو ابتكار أفكار جديدة؛ منها حل الدولة الواحدة. هذه المواقف الثلاث المتناقضة بين موقف وزير الخارجية حول التزام الأردن بحل الدولتين، وبين موقف الطراونة التنصل من المسؤولية (احنا شو دخلنا)، وبين موقف رئيس الوزراء الذي فتح الباب أمام موافقة الأردن على حل الدولة الواحدة، واشترط حق المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ يبدو أن هذه كانت تداعيات أحدثتها رسالة نتنياهو التي لم يفصح عن مضمونها. ما هو المقصود بالدولة الواحدة؟ الدولة الواحدة هي إسرائيل القائمة، وهذا يعني أن على الفلسطينيين أن يقبلوا الإلحاق في الدولة الإسرائيلية القائمة، وهذا يطرح عدة أسئلة: هل ستقبل إسرائيل هذا الحل الذي يجردها من صهيونيتها ويهوديتها؟ هذا الحل لا يمكن أن ينجز إلا عبر تغيير في ميزان القوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، هذا التغيير الذي سيغير طابع الدولة وسيطيح بفكرة يهودية الدولة وصهيونيتها ورأسماليتها، وهذا يتطلب تغيرًا في ميزان القوى الداخلي والإقليمي والدولي؛ فهل يملك السيد رئيس الوزراء القوة المادية لإحداث هذا التغيير؟ وهل هذا الحل سيتضمن حق العودة لفلسطينيي الشتات ويعوضهم على ما لحق بهم من مجازر وتشريد وإلغاء وإلحاق؟ ما الذي يضمن أن تطرح إسرائيل أن حل الدولة الواحدة يمكن أن يكون شرق النهر؟ من الممكن أن ترد إسرائيل بإعادة طرح الوطن البديل، ويستندون إلى قرار التقسيم الذي يطرح إقامة دولتين عربية ويهودية؛ والدولة العربية هي الأردن التي اعترف بها دوليًا في 15 -12-1955، وقبلت عضوًا في الأمم المتحدة بعد ضم الضفة الغربية بستة سنوات. ماذا عن رأي الفلسطينيون وحقوقهم الفردية والجماعية الوطنية والتاريخية والقانونية والإنسانية والحقوقية؟ وماذا عن حقهم في تقرير مصيرهم؟ هذا الطرح هو خشبة خلاص لإسرائيل وعدوانيتها وتعيد إنتاج فكرة الإلحاق والإلغاء، ولا يمكن تحقيقها في ظل ميزان القوى القائم، وهي تفتح الباب لكثير من التساؤلات. المصلحة الفلسطينية الأردنية هي مصلحة واحدة؛ تاريخيًا ووطنيًا وحقوقيًا هي تنطلق من وحدة النسيج الاجتماعي الذي قسم الوطن الواحد شكلًا، ولكن بالجوهر هو مجتمع تعزز عبر التاريخ الإنساني بتلاوين ثقافاته وبنيانه. الأردن ليس معني بطرح أفكار لحل أزمة عدوانية إسرائيل الاستعمارية الاحلالية، مع ضرورة إدراك أن حل الدولة الواحدة وهم، والانتظار لتغير ميزان القوى الديمغرافي هو ترحيل للأزمة وإعطاء حيز لإسرائيل لتفتيت وتشريد الشعب الفلسطيني وإعادة إنتاج لتجربة إبادة الشعوب الأصلية في الولايات المتحدة وكندا واستراليا. فلسطين لا تقبل القسمة فلسطين هي حق لأهلها الحقيقيون الذين ما زالوا في مخيمات اللجوء وفي الشتات. المعركة التي خاضها وزير الخارجية بتعليمات من الملك عبدالله الثاني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، هو الشعار الأكثر نجاحًا لمواجهة عدوانية إسرائيل في ظل ميزان القوى القائم. وأي أفكار تطرح خارج المنظومة السياسية التي تعبر عن المصلحة الوطنية المشتركة، سيكون الأردن أول ضحاياه وتعتبر تشتيتًا للجهود وإعطاء هامش لاستمرار عدوانية إسرائيل الاحلالية.