2024-11-29 07:51 م

القائمة المشتركة والحاجة الماسة للشفافية والرؤية الواضحة

2020-04-15
بقلم: خالد خليفة
يسود في خضم هذه الأيام عدم وضوح وضبابية على الساحة السياسية المحلية العربية في البلاد، بعد الصدمة الكبرى التي أحدثها بني غانتس وانخراطه المفاجئ في حكومة بنيامين نتانياهو الانتقالية.

لقد كان الدعم العربي الشعبي للقائمة المشتركة كبيرا وغير مسبوق أدى إلى حصول هذه القائمة على 15 مقعد من كافة الهيئات والتيارات السياسية التي اجتمعت كرجل واحد لتعطي التأييد الكامل والواسع النطاق لهذه القائمة.

وأمام هذا الالتفاف فقد اتخذت قمرة قيادة القائمة المشتركة والمكونة من النائبين احمد الطيبي وأيمن عودة إستراتيجية واضحة المعالم والتي تلخصت بالمواجهة والصدام المباشر مع نظام نتانياهو اليمني المتطرف ولقد جلبت هذه الإستراتيجية تعبئة وتجنيدا جماهيريا كبيرا من الوسط العربي حيث أيدت الجماهير العربية كافة هذا التحرك.

أما التكتيك الذي اتخذ للوصول وتحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية فكان تلقائيا وغير مهني بحيث وضعت القائمة المشتركة كل ثقلها مباشرة بعد فوزها الكبير على حزب ازرق ابيض بقيادة قائد الأركان السابق جانس وبعد مفاوضات قصيرة اقتصرت على اجتماع مقتضب مع مبعوثين من الدرجة الثالثة كعوفر شيلع من حزب يوجد مستقبل (بقيادة يايير لبيد) وافي نيسن كورن من حزب “ابيض ازرق” بقيادة جانس وكانت المفاوضات سريعة أدت بالتالي إلى إعطاء توصية المشتركة لجانس بإلقاء مهمة تكليف الحكومة عليه.

هذا ولم تُعلم قيادة القائمة المشتركة الرأي العام العربي بحيثيات نيتها لإعطاء هذه التوصية وأبعادها قبل مهمة التكليف وكنا نسمع ليل نهار عن نواياهم في مقابلات أعطيت للإعلام العبري حيث كشفوا للشارع الإسرائيلي كل مخططاتهم بكل ما يتعلق بنيتهم محاكمة نتانياهو وإبعاده عن الحلبة السياسية وعن رغبتهم القوية في أن يكونوا بيضة القبان بين تيار المركز واليمين المتطرف بقيادة نتانياهو.

وقد أداروا معركتهم  الإعلامية بالعبرية بشكل مدوي وصاخب الأمر الذي أدى بان يشن نتانياهو وبواسطة إعلامه اليميني حملة مباغتة ومضادة محرضا وبشكل قاسي على القائمة المشتركة بأنها تهدف في نهاية المطاف للسيطرة على الحلبة السياسية الإسرائيلية وقد لاقى هذا التحريض الدموي آذانا صاغية له في الشارع الإسرائيلي.

وفي نفس الوقت الذي كانت تجرى المفاوضات وببطء معين مع حزب يئير لبيد وبواسطة مبعوثه عوفر شيلح كان يشارك افي نيسن كورن في هذه الاجتماعات ويسرب تفاصيل هذه المفاوضات لجانس واشكنازي عن طبيعة مطالبهم هذا وتبين لاحقا أن اشكنازي نفسه كان عميلا لنتانياهو في حزب ازرق ابيض .

وهكذا يمكن القول أن الصورة قد اتضحت وتبين بان المشتركة كانت تدير مفاوضات مع حزب مخترق كان غالبية أعضاءه يعملون كمخبرين لنتانياهو.

ثم ظهر بعد ذلك جليا وللعيان أن جانس لا ينوي إقامة حكومة أقلية مع القائمة المشتركة بل حكومة مع نتانياهو نفسه بحيث لا يريد ان يظهر جانس تعاونه مع العرب الذي اعتاد أن يعرفهم عبر فوهة البندقية والذي خطط ونفذ الهجوم على قطاع غزة عام 2014 بحيث اصفرت حملته هذه عن مقتل 2500 فلسطيني وحملة حليفه اشكنازي في عام 2009 على غزة والتي اصفرت بالتالي عن مقتل 2000 فلسطيني.

وتعتبر خيانة جانس ليس فقط ضربة قاضية لحزب ابيض ازرق بل ضربة قاسية للمصداقية السياسية للقائمة المشتركة بحيث ان رهان أيمن عودة واحمد الطيبي على قوى سياسية كرؤساء أركان سابقين لا ياخذونهم بالحسبان عبروا وبشكل واضح أنهم غير معنين بذهاب مع القائمة المشتركة في معركتهم الانتخابية كان رهانا فاشلا لاحمد طيبي وأيمن عودة بدأ منذ مدة طويلة واخذ يزداد بعد انتخاب أيمن عودة رئيسا للقائمة المشتركة.

كما يبدو فان المعركة لم تحسم حتى النهاية فإمكانيات إقامة حكومة طوارئ أو إقامة حكومة بقيادة الليكود تبقيان إمكانيات ضعيفة وصعبة المنال وهناك الإمكانية عقد انتخابات رابعة, وعلى القائمة المشتركة ان تستغل كل طاقاتها وقواها وتتباحث مع كافة تياراتها وهيئاتها والاستعانة بالمستشارين والباحثين العرب لوضع خطة ورأيا جديدة مقبلة تستند إلى الشفافية وإعلام الرأي العام العربي إلى ما وصلت إليه الأمور من حيث تحقيق آمال ومطامح الجماهير العربية في هذا الظرف الخطير والذي يستعد نتانياهو فيه لتدبير كافة الخطط المتعلقة بضم مناطق واسعة من الضفة الغربية وتطبيق صفقة القرن الأمريكية ووضع الجماهير العربية بالزاوية.

صحفي ومحلل سياسي
رأي اليوم