2024-11-29 09:35 م

إيران – الثورة ... النموذج المشرق دائما

2020-02-15
بقلم المهندس : ميشيل كلاغاصي
في الذكرى الواحدة والأربعون للثورة الإيرانية , والتي تتزامن مع مناسبة مرور أربعون يوما ً لإسشهاد القائد البطل قاسم سليماني .... ولمن لا يعرف إيران , وهي العريقة في التاريخ وخمسة اّلاف عامٍ قبل الميلاد , وصاحبة الحضارة البهية , ومدينة سوزا التاريخية , وأقدم الكتابات والمكتبات , ومن منكم لا يعرف عراقة شعبها وتفوقهم وذكائهم وثقافتهم , ناهيك عن كرمهم ولطفهم ومحبتهم للضيف , ومن منكم لا يعرف مساهمات مفكريها في العلوم والفن والأدب , ومن منكم لا يعرف السلام الذي تعيشه مع جيرانها منذ مئات السنين ... ومن منكم لا يعرف كم عانت وشعبها على مدى المائة عامٍ الماضية , بعدما وقعوا ضحية الهجمات والتدخلات الأجنبية لأجل دورهم الحضاري ومدى تأثيرهم في محيطهم وحول العالم , ناهيك عن ثرواتهم من النفط والغاز. ومن منكم لا يعرف التدخل البريطاني فيها منذ عشرينيات القرن الماضي وعبثه في داخلها وغزوها عام 1941 , وخشيته وحساباته التي لم تتوقف يوما ًمن أطماع هتلر الألماني للسيطرة على حقول نفط عبادان , وهاجس تمكّنه من إستخدام خط سكة الحديد العابر لإيران بهدف نقل الإمدادات لقواته التي تهاجم روسيا ... سنواتٌ صعبة وعصيبة جلبتها التدخلات والأطماع الغربية, وحملت معها الظلم والفقر لإيران وشعبها. ففي عام 1951, قامت الحكومة بتأميم شركة النفط الأنجلو- إيرانية في إيران , ما دفع البريطانيون لرعاية إنقلابٍ سري للإطاحة بالحكومة , وأقنعت الرئيس الأمريكي أيزنهاور ووكالة الاستخبارات المركزية بتنفيذ الانقلاب عام 1953, بدعوى أن رئيس الحكومة "مصدق" يشكل تهديدا ًشيوعيا ًعلى الرغم من خلفيته الأرستقراطية , وهكذا حصل الشاه على السلطة الكاملة على إيران... وتبنى الشاه محمد رضا بهلوي سياسة خارجية تابعة للأمريكيين والبريطانيين وداخلية أغضبت الإيرانيين , واتبع سياسة قاسية تجاه المعارضة وتجاه الشعب , إلى أن أطاحت به الثورة الإيرانية عام 1979, في الوقت ذاته ومنذ عام 1963 كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت دعمها السري للإنقلاب العسكري في العراق , والذي جاء بصدام حسين إلى السلطة.... ومنذ نجاح الثورة الإيرانية , كانت الولايات المتحدة تنظر إلى الدولة الإيرانية "الجديدة" وحكوماتها المتعاقبة , على أنها تشكل تهديدا ً لإمدادات النفط القادم من السعودية , الأمر الذي دفعها للنظر إلى عراق - صدام , على أنه رهانها المناسب ضد الحكومة الإيرانية. وفي عام 1980, وبتشجيعٍ أمريكي كانت البداية لحربٍ دموية ومدمرة للبلدين معا ً, واستمرت ثمانية أعوام , وتسببت في سقوط ما يقارب المليون ضحية من البلدين... ومع ذلك لم تتوقف الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على إيران ، حتى أن غزو العراق في 2003, منحهما فرصة الإقتراب الخطير من الحدود والمحيط الحيوي الإيراني , وأعتقد أنه كان واحدا ً من أهدافهم لغزوالعراق. لم يتوقف السعي الأمريكي لتحقيق أهدافه , ووجد فرصته عبر إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار المنطقة , وإعلان الحروب الدينية – التكفيرية الإرهابية , بالإضافة إلى التواجد العسكري الأمريكي المباشر في المنطقة , وبدأت الماكينات الإعلامية الأمريكية والتابعة لها , بالترويج لحملة أكاذيب حيال ما دعي بـ"التهديد النووي الإيراني" , وبدأت شيطنة الدولة الإيرانية , بعدما صادرت الولايات المتحدة حق الشعب الإيراني في الحصول على الطاقة النووية السلمية , وأخفت في الوقت ذاته أطماعها في الثروات الإيرانية الهائلة خصوصا ً النفطية منها , إسوة ًبالنفط العراقي والسوري حاليا ً, ناهيك محاولتها للتعمية على هدفها الرئيسي في حماية أمن ووجود الكيان الإسرائيلي الغاصب , خصوصا ً بعد تنامي قدرات ومقدرات محور المقاومة , والتي تقدم له الدولة الإيرانية دعمها الكامل والمطلق, هذا المحور الذي امتد من طهران إلى العراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة والأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل . وعلى الرغم من عديد الهزائم العسكرية والمباشرة التي منيت بها الولايات المتحدة وحلفائها وأدواتها أمام الدولة الإيرانية ومحور المقاومة مجتمعا ً – في غزة , جنوب لبنان , واليمن , وهزيمتها الكبرى في سوريا - , إلاّ أنها لم تنفك عن حروبها , ولجأت إلى تنويع أساليبها , واستخدام الحروب الإقتصادية والعقوبات والحصار , والقتل والإغتيالات , وإلى سياسة المراوغة والتصعيد السياسي والتهويل العسكري , وبشن حربٍ شاملة على الدولة الإيرانية ومصالحها في المنطقة تارة ً , وبإعلان رغبتها في التفاوض معها تارة ً أخرى. لقد تحولت الولايات المتحدة , إلى ثورٍ جريح , قد يدفع في لحظةِ جنون للرئيس الأمريكي الأهوج , وبتحريضٍ إسرائيلي وسعودي مستمر , لإدخال المنطقة والعالم بحربٍ عالمية ثالثة , خصوصا ً وأن روسيا والصين يعتبران من أهم حلفاء الدولة الإيرانية وأهم شركائها ... وأنهما ممن يسعون إلى ضبط التوترات العالمية , واللجوء إلى الحلول السياسية , ووفق القانون الدولي , وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن , ويدعما الإستقرار والسلم والأمن الدوليين , في وجه العربدة الأمريكية – الإسرائيلية , في المنطقة والعالم. وفي الذكرى الواحد والأربعين للثورة الإيرانية , لا بد لشعوب العالم الواقعة تحت ظلم وهيمنة الإمبريالية والصهيونية العالمية , من أخذ العبرة والنموذج , لإيمان الشعوب بنفسها وبمقدراتها , ولا بد من النظر بعين الإنصاف والتقدير والإحترام , إلى حكمة وشجاعة وصبر وتضحيات الشعب الإيراني وقادته , وإصراره وحضوره القوي على سلم المنافسة , العلمية والتاريخية والحضارية.