تبين التطورات المستمرة أن التدخل التركي في سورية لن يكون يسيراً وسيكون بعيداً عن الأهداف التي رسمها الرئيس أردوغان إذ بدأت أولى خسائر تركيا في ادلب حيث قتل تسعة جنود أتراك وأصيب آخرون، وتوقعت مصادر تركية أن يثير وصول جثث الجنود الأتراك موجة غضب في الأوساط السياسية والاجتماعية التركية، ويفتح الجدل بشأن مغامرة أردوغان في المستنقع السوري.
منذ بداية الأزمة في سورية، وتركيا تضع هدفاً واحداً معلناً لسياستها، وهو إسقاط النظام السوري، بغرض تحقيق الهدف الأكبر الخفي، وهو تفتيت الدولة السورية وفرض مشروع التقسيم الطائفي على البلاد، وكلاهما فشلت في تحقيقه حتى الآن، لكنها ما زالت مستمرة في محاولاتها وأهدافها، حيث وضعت كل ثقلها في معركة ادلب لأنها أدركت أن عجزها عن وقف إجتياح المدينة من قبل الجيش السوري، سيشكل بداية لإنهيارها في سورية، فكسر شوكة المتطرفين في ادلب يعني بداية العد التنازلي لتفتيت جبهات المليشيات في المحافظات وسحقها في كافة المناطق والقرى التي لا زالت تحت وطأتها.
و بطبيعة الحال، ضخت تركيا ترسانتها المليئة بالأسلحة الأمريكية الصهيونية بالإضافة إلى ملايين الدولارات في هذه الحرب على الشعب السوري بداعي إسقاط النظام السوري، بالنتيجة سقط حزب العدالة والتنمية في الإمتحان السوري، وكل ما أنجزه هو تدمير للبنية التحتية و قتل الآلاف من الأطفال و النساء ، في حين لا تزال القوات السورية تدك القواعد الحدود التركية بنيران الصواريخ و ترفض رفع الرايات و الإستسلام،وإنطلاقاً من ذلك فشلت أنقرة في تحقيق أحلامها بالمنطقة، الأمرالذي تسبب في الإضرار بمصالح تركيا كونها إتبعت سياسة خارجية خاطئة، فضلًاً عن زيادة نفوذ موسكو وطهران في المنطقة ووقوفهما ضد أهداف تركيا، التي لم تتمكن من إيجاد موطئ قدم لها في المفاوضات الجارية المتعلقة بتسوية الأزمة السورية.
وعلى الجانب الأخر فإن إعلان الرئيس أردوغان وقوفه بالكامِل في خندق حكومة الوفاق التي يتزعمها السراج، ووصول قوات تركية والآلاف من المُقاتلين المتشددين الذين جرى نَقلُهم من إدلب إلى طرابلس يشعل فتيل حرب إقليميّة في المنطقة ، وبذلك يبدو أن أردوغان على حافّة الإقدام على "المُغامرة" أو "المُقامرة" الأكبر في حياته السياسيّة، خاصّةً أن مغامرته الأخرى في سورية عادت عليه بالعديد من المشاكل والإخفاقات المستمرة هناك.
وبقراءة موضوعية للأحداث على الأرض السورية، فإن بؤر الإرهاب تتساقط تحت ضربات الجيش السوري ، وتتساقط معها أحلام وأوهام عاشها بعض المغفلين الذين توهّموا سهولة إسقاط سورية ، فبعد سلسلة الهزائم التي مُنيت بها هذه القوى المتآمرة ، بدأت هذه القوى إعادة النظر في إستراتيجيتها القائمة والمعلنة اتجاه سورية .
مجملاً ... يبدو إن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن هذا العام سيكون عام المغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة، وها نحن نعيش انتصارات سورية وتراجع أعدائها بعد سنوات من الفشل والهزائم المستمرة لفقدانهم زمام المبادرة والسيطرة على مسار المواجهة العسكرية الجارية في البلاد، لذلك فإن النصر على الإرهاب ودحره واجتثاثه وإحباط مخططات داعميه باتت قريبة من المنال خاصة بعد أن أستطاع الجيش كسر المعايير المتعلقة بالتوازن وإسقاط كل حسابات تركيا والغرب بشأن سورية.
باختصار شديد... لقد ظن النظام التركي وحلفاؤه إن السوريين غير قادرين على طرد وسحق تنظيمهم الإرهابي الذي جاؤوا به، فإذا بالسوريين يثبتون للعالم أجمع بأنهم قادرين على هزيمة هذا التنظيم ومن يقف وراءه، ووجهوا ضربة قاسية للإستراتيجية التركية في سورية، لذلك نقول ونحن على يقين ثابت بأن تركيا تواجه صعوبات كبيرة لتحقيق أهدافها التي لم تكن تتخيلها في سورية، بجيشها القوي وشعبها المصمم على الوقوف خلفه بكل قوة.
Khaym1979@yahoo.com
لم يدرك أردوغان سر اللعبة... فوقع في الفخ !!
2020-02-05
بقلم:الدكتور خيام الزعبي