2024-11-30 12:41 م

في ذكرى رحيل جورج حبش الشعور بالغربة داخل الوطن

2020-01-26
بقلم بسام ابو شريف
في ذكرى رحيل الدكتور جورج حبش يدفعني افتقادي له وحنيني اليه الى حديث معه من القلب الى القلب ، ولم يكن القلب مني بعيدا عن العقل ولا كان عنده ، فكلانا أخضع قلبه وعقله لقضايا الأمة والوطن العربي الكبير ، وفلسطين منه القلب والعقل .

كم أفتقدك يا أبا الميس ، وكم أنا بحاجة للحديث معك وتبادل الرأي ...

أحس بالغربة داخل الوطن ، وأشعر بالوحدة في ظل ما يجري ويدور صحيح أننا كنا دائما نواجه  حالات فساد وانحراف خلال مسيرتنا لكن طغيان الفساد وانهيار الأخلاق ونخر السوس للأوصال وانتشار الكذب والغش والسرقة ، وفوق هذا تحويل الخيانة الى " وجهة نظر " ، واسناد أنظمة عربية للصهاينة الذين قاومناهم ومازلنا ..... كل هذا جديد علينا وطامة كبرى نواجهها هذه الأيام .

وفي الوطن " غربتي " ، تجد الناس صامتين لايتحركون وكأنهم استسلموا للجزار ووضعوا رؤوسهم في ازدحام الرؤوس نحو المقصلة !

قيادات تكذب على الجماهير وتسمح بالفساد وبيع الضمائر لخدمة العدو ( هذا اذا لم تشارك هي في ذلك ) ، وشرطة تلاحق المناضلين ! .... قيادات تقاتل دفاعا عن مصالحها الخاصة تاركة مصلحة الوطن والقضية على قارعة الطريق .... واستفحال من قبل العدو لقضم الأرض وهدم البيوت وتهجير الأسر ، وتهويد القدس وضم الضفة الغربية .

نصرخ بأعلى صوت لننغص ليلهم عل فجرا ينبثق فلا تسمع شيئا .... حتى الصدى ، صدى الصرخة لايرتد اليك بل يتوه في صحراء تحيط بك من كل الجهات .

ويحلو لكل هذه القيادات التي هانت واستسلمت للهوان أن تضيق الخناق على الصالحين والشرفاء والمتمسكين بزيتونة تتمسك بالأرض حتى يتمسكوا هم بالأرض التي يسرقها العدو من تحت أقدامهم حتى لاتصل صرختهم الى مسامع من تبقى لنا من صالحين ، والأهم كي لاتصل الى الجيل الذي بلغ الفطام منذ ولادته لأنه جيل المستقبل الذي لن يمكنهم من التحكم وحرف المسيرة .

ان كنت أشكو وحدة قاتلة ، وشعورا بالغربة في الوطن فهذا لايعني أبدا يا حكيم أننا نستسلم أو نهين ... نحن كما علمتنا ان لم نحرر فعلينا أن نستمر في القتال حتى يكون عمرنا وحياتنا التي بذلناها في سبيل الوطن شعلة تنير الطريق لمن يأتي بعدنا ... نحن الذين نجعل من قضيتنا قضية لاتموت ولا تفنى .... نموت وتعيش القضية .... نموت ويبقى الوطن .

ياحكيم ... يارفيقي وصديقي ومعلمي ( رغم الظروف التي سردتها لك نحن مازلنا نحن ، من حيث ماتعاهدنا عليه ، وأقسمنا الوفاء له  ... نحن قوم رضعنا حليب القومية العربية ، وفطمنا على نيران مقاومة من احتل الأرض والوطن ) ، نحن مقاتلون جفت مآقينا .... علمتني وأنا في العشرينيات ياحكيم أن القتال بعين واحدة يفسح المجال للعقل أن يرى كعين ثانية ، وأن الكتابة باصبعين قد تأتي بكلام يقض مضاجع العدو ، ويسبح في سماء حرة أبية .

علمتني أن تفجير العدو لسمعي لن يمنعني من صده وقنصه وتحرير الأرض التي دنسها ....

علمتني كيف يتعامل الجسد ليمكن العقل من قيادته عبر الأهوال ، ونحو شاطئ الحرية والكرامة والنهوض والتقدم ، والان نجمع ما علمتنا اياه ... ونحمله في كيس صغير .... كيس مخصص لكسرة الخبز وحبات الزيتون .... انه زادنا ..... انه زوادتنا

انه مصباح يفك ضوؤه أسرار الظلمة ، ويفتح لنا باب الحرية .

وفي الختام أيها الفارس الهمام أحييك حيثما كنت .....وأطلق الصرخة الاولى :

شعبك جبار ياعروبة

حديد ونار يا عروبة

عالاستعمار ياعروبة .

وأهتف كما هتفنا معا :

أخويا في الحجاز أمم آبار الغاز

وأخويا في الكويت أمم آبار الزيت

لتكن ثورة عربية تمتد من المحيط للخليج.