بقلم: ربى يوسف شاهين
من المعروف بأن مقومات اي دولة تقام على الأسس التالية “السلطة والشعب والحيز الجغرافي والقوانين والاحكام”، والولايات المتحدة التي تُعتبر من الدول القوية المؤثرة في العالم، تنتهج سياسة تدمير مقومات البلدان التي تخالفها، وبوسائل شتى، وبحسب اقتراب او ابتعاد أهمية الانصياع لتلك الاوامر.
وهذا ما شهدناه في كثير من الدول التي خالف واشنطن من دول غربية وعربية، والامثلة كثيرة، ولكن ما اود التركيز عليه هي دول الشرق الاوسط.
فمع بدء الحرب الإرهابية على سوريا، وبالتزامن مع تسلم دونالد ترامب رئاسة البيت الابيض، بدأت حماقات واشنطن تتكشف تدريجياً، وخاصة في الملف الإيراني، فالأسباب الحقيقية لفشل المخططات الامريكية تُعزى جميعها للجمهورية الإسلامية في إيران، ابتداءا من تعاظم قوة حزب الله، والذي بدأت ملامحه تتأكد وتتشكل في حرب 2000 و2006، وصولاً الى الانتصار الذي يحققه المحور الثلاثي الإيراني السوري في عموم لمنطقة. هي ابجديات في قاموس السياسة الامريكية الغير مرغوب بها، فكيف لها ان توقف هذا الزحف الإيراني المقاوم؟، خاصة وانها تتلمسه مباشرة على الارض العراقية، حيث وجود الحشد الشعبي المدعوم إيرانياً.
الحرب الإرهابية الاقتصادية وذريعة الملف النووي، لم تنجح في ثني إيران عن دعمها لمحور المقاومة، وهذا ما قصدته من ضرب إحدى اهم مقومات الدولة عبر الشعب، لتتسع دائرة الانهزامات بالجملة لواشنطن على ارض اعتبرها ترامب ارض رمال وموت، وحتى ان ما صُنع على يد الولايات المتحدة بما يسمى داعش، لم يؤتي بالنتائج المرجوة للقضاء على هذا المحور المقاوم، بل على العكس تعاظم في كثير من مجريات الحرب على سوريا، وكذا في مختلف ساحات الصراع الإيراني الأمريكي.
الانهزام والانكسار الامريكي ولّد لدى الرئيس ترامب حتمية ضرب إيران في صميم رجالاتها، عبر استهداف الجنرال قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، ورفيق دربه النضالي المقاوم أبو مهدي المهندس، وعلى ارض العراق.
الاسباب الحقيقية لاغتيال سليماني والمهندس:
_ الشعور القوي للإدارة الامريكية عبر اجهزة استخباراتها وقواتها العسكرية على الأرض العراقية والسورية، بأن محور المقاومة اقوى مما كانت تتوقع.
_ تظافر قوى المحور رغم الهيبة التي تتمتع بها سمعة الجيش الامريكي وحلفاؤه والذي لم يشكل رادعاً لمحور المقاومة.
_ وصول الحرب السورية الى خواتيمها بالقضاء على الإرهاب عبر التحالف السوري الإيراني، وما تقدمه ايران عبر قياديها للدولة والجيش السوريين.
_ استمرار الدولة الإيرانية رغم كمّ الضغط والحصار الإرهابي الاقتصادي عليها لثنيها عن تحالفها مع الدولة السورية ومحور المقاومة بشكل عام.
_ الشهيد سليماني يُعد ثاني اهم رجل في إيران، والذي يُشهد له في كثير من العمليات التي نُفذت على الارض العراقية والسورية.
_ محاولة قذرة لإضعاف محور المقاومة عبر اغتيال أهم شخصية لشباب المقاومة ككل، والمعروف بشخصيته المؤثرة والفاعلة لإعلاء الحق عبر مكافحة الإرهاب.
_ تحقيق رغبة الكيان الاسرائيلي في القضاء على اهم رموز قادة إيران والذين يشكلون العائق الاول الممثل لمحور المقاومة في تحقيق بنود صفقة القرن.
_ السمعة التي يتمتع بها القائد الجنرال سليماني عالمياً، والذي جعل ترامب والبنتاغون يُقدمون على هذه الحماقة المدوية.
متغيرات الساحة في الميدان السوري والعراقي، رغم مشهدية الحرب والفوضى، إلا ان امريكا ادركت ان اللعبة الغربية لن تجد لها مكانة في هذان البلدان، وانها غير قادرة على اختراق دولة إيران، فكان لابد من انتهاك المقوم الثالث للبلد العراقي، وتنفيذ قرارها الارعن بالاغتيال، والذي ادى إلى استشهاد قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي الشهيد ابو مهدي المهندس.
محور المقاومة كان وما زال صامداً، وباستشهاد اهم رموزه لن يزيده إلا قوة وأضعافا مضاعفة.