2024-11-30 09:29 ص

قضيتنا الكبرى... إيفانكا!

2019-07-03
بقلم: نبيه البرجي

هذه هي قضية العرب الكبرى في المنامة: ايفانكا...

لا فلسطين، لا سوريا، لا العراق، لا ليبيا ولا السودان. امرأة تفوق بسحرها شهرزاد، وتعيد الى بني قومنا ليالي ألف ليلة وليلة.

لا الدخول في القرن، ولا الدخول في الحداثة. الدخول في امرأة أميركية قال فيها أبوها ما لا يقوله عاشق متهتك بعشيقة متهتكة...

من هو جاريد كوشنر لكي يتولى صياغة حل لقضية قال هنري كيسنجر انها تختزل الصراع بين نصف الله والنصف الآخر، في اشارة الى البعد اللاهوتي في تلك القضية؟

المستشار السابق ستيف بانون سخر من كوشنر. كل رصيده الثقافي، وكل رصيده السياسي، زوجة فاتنة، وتتجول، بالكعب العالي، في رأس أبيها، وقد وصفها بـ«لؤلؤة البيت الأبيض». لعلها قنبلة البيت الأبيض.

الحضور في المنامة صدم لأن كوشنر شذ، هذه المرة، عن القاعدة، ولم يصطحب معه ايفانكا. هذا أثار الكثير من التساؤلات. هل لأن جدول الأعمال حساس، ومثقل، أم لأن كوشنر لاحظ أن المشاركين لن يأكلوا زوجته بعيونهم بل بأسنانهم؟

يسخرون في واشنطن من ذلك «الكوشنر الفارغ» الذي يتصدى لمسألة عجز عباقرة الديبلوماسية الأميركية عن ان يفتحوا ثغرة فيها، ما دام المفاوض «الاسرائيلي» يحمل حائط المبكى على ظهره، ويتكلم باسم يهوه (وعذابات يهوه) لا باسم الواقع، ولا باسم المنطق، بل ولا باسم الحياة.

هو الآتي من سوق العقارات. أب «نصّاب» وسجن 14 شهراً بتهمة التهرب الضريبي وأشياء اخرى. الطريف أنه كان متمسكاً بالنصوص التوراتية التي مثلما تدعو الى تخريب الآخر، تدعو الى تخريب العقل الآخر. هكذا ترعرع كوشنر. لا يرى في التراجيديا الفلسطينية أكثر من صكوك عقارية لا تعالج الا بلغة السماسرة.

هذا كل ما قيل في المنامة. العرب يشترون ما تبقى من فلسطين ويودعونه بنيامين نتنياهو. يا رجل، خمسون مليار دولار؟ العرب يدفعون أضعاف أضعاف هذا المبلغ من أجل ساقي امرأة!

في نظر أولياء أمرنا، هل تساوي القضية الفلسطينية أكثر من ساقي ايفانكا؟

كوشنر كثير التأثر بالايحاءات التوراتية، ربما بالايحاءات التلمودية. المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية هي المستوطنات التي اغتصبت، بغفلة من يهوه، أرض الميعاد. الرجل لم يقل بقتل من اغتصبوا الأرض وانما بشرائهم. (استكثروا بخيره).

بعبارة أخرى، ان «صفقة القرن»، وقد رأى فيها «فرصة القرن»، هي البديل الأخلاقي عن نظرية أفيغدور ليبرمان، الآتي من مواخير البلطيق، والذي كان يدعو الى وضع فلسطينيي الخط الأخضر في الحاويات، ومن ثم القاؤهم في البحر الميت.

ما تبتغيه الصفقة، وضع فلسطينيي الضفة في الحاويات، ومن ثم القاؤهم على أرصفة الأمم. من كوبنهاغن الى مونتريال، ومن ستوكهولم الى ريو دو جانيرو.

جاريد كوشنر ليس سوى «الصبي» لدى المؤسسة اليهودية. انه صهر دونالد ترامب، الجاهز للاقتداء بابنته واعتناق اليهودية اذا كان ذلك يؤمن له البقاء في البيت الأبيض.

المؤسسة خائفة على «اسرائيل»، بحمولتها الاسبارطية. ماذا تجدي الترسانة النووية اذا ما فاق عدد الفلسطينيين (على أرض فلسطين) عدد اليهود؟ الوكالة اليهودية استجلبت يهود أثيوبيا (الفالاشا) الذين شكك بعض الحاخامات بمعتقداتهم، من أجل مواجهة التكاثر لدى العرب...

لا عدو «للاسرائيليين» أكثر من الفلسطينيين الذين يحتفظون بذاكرة النار، وبذاكرة الدم، بعدما كان دافيد بن غوريون قد وصف العرب بـ«قبائل النسيان». غولدا مئير كانت ترى العكس «كلما ولد فلسطيني، في أي مكان من العالم، أشعر بالقنبلة تدق على بابي».

المؤسسة اليهودية تعتبر أن هذا هو الوقت المثالي لبعثرة الفلسطينيين. الدول العربية اما أنها محطمة، أو أنها ضائعة، او أنها تابعة للبيت الأبيض. الفلسطينيون، بتلك القيادة المترهلة، يفتقدون ديناميكية التوحد والانتقال الى المواجهة.

أكثر من ذلك، المؤسسة اياها ترى في الصفقة المدخل الى اقامة منظومة استراتيجية «اسرائيلية» ـ عربية، بقيادة «تل أبيب» بطبيعة الحال. لم يعد الخطر يتمثل فقط بالصواريخ التي تملأ الأسواق، وتكسر الوجه الاسبارطي «للدولة اليهودية». الصناعات الالكترونية، في المجال العسكري، تتطور على نحو اسطوري. لا بد، والحالة هذه، أن تنقلب المعادلات رأساً على عقب.

الروس والصينيون يركزون كثيراً على تكنولوجيا الفضاء. المنتجات جاهزة للبيع. الايرانيون مصابون بـ«اللوثة التكنولوجية». أبحاث استراتيجية في الغرب تتساءل ما اذا كانت الثورة (ما بعد) الالكترونية ستشل القاذفات، وهي في الجو، لتتحول الى توابيت طائرة. توابيت عمياء...

«صفقة القرن»، فرصة القرن، لانقاذ «اسرائيل» مما ينتظرها في منتصف القرن. متى يبدأ أئمة المساجد في ديارنا، وهم كهنة الأنظمة، في الدعاء ليهوه؟!