2024-11-30 08:31 ص

"ورشة البحرين".. خطوة لتطبيق "كذبة القرن" بحجم مضيفتها

2019-05-31
تحتضن المنامة الشهر القادم اجتماعا يوصف مرة بأنه ورشة عمل اقتصادية ، وحينا آخر بمؤتمر البحرين تضخيما له ولقراراته . ومهما كانت التسمية فان الاجتماع هو في الحقيقة محاولة من الإدارة الأميركية لتمرير المرحلة الأولى من مؤامرة "صفقة القرن" او بتعبير ادق "صفقة ترامب" والتي هي في الحقيقة خطوة اولى لتصفية القضية الفلسطينية.

كذبة القرن تبدا باكذوبة كبيرة هي "تسوية المشاكل الاقتصادية للفلسطينيين". التركيز على هذه النقطة بالذات يعود الى ان الفلسطينيين هم المعارضون الرئيسيون والاساسيون لهذه الصفقة الترامبية والعقبة الكأداء امامها، والمخططون لهذه الصفقة حاولوا من خلال التلويح بتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين الذي عانوا لعقود ولا زالوا يعانون من أوضاع اقتصادية مزرية ، تسوية العقبة الاولى التي تعترض طريقهم . لكن الموقف الموحد الذي اتخذته فصائل المقاومة الفلسطينية ، وحتى تلك الجهات المعروفة بانبطاحها وتطبيعها وتنسيقها مع سلطات الاحتلال ، كشف مرة أخرى بان المنظرين والمخططين لكذبة القرن لم ينجحوا في التغرير بالفلسطينيين وخداعهم ، ما يعني ان هذه الصفقة كغيرها من الصفقات الاخرى لن تحقق ماربها على الامد المنظور على الاقل.

مكة المكرمة تحتضن اليوم وغدا قمتين، عربية واسلامية ، هي ايضا كورشة البحرين محكومة بالفشل مسبقا كما يرى المحللون ، حيث ان جميع الاهداف المدرجة على جدول اعمال المؤتمر اما ساهم القائمون عليها ، في خلقها وتأجيجها مثل مكافحة الارهاب أو هم ليسوا بمستوى ترجمتها على ارض الواقع كما كان الحال بالنسبة للناتو العربي وارساء السلام والاستقرار الاقليمي ، وذلك لان غالبية الانباء التي تم نقلها تشير الى ان مسألتي التهديد الايراني المزعوم والقضية الفلسطينية ستتصدران أعمال القمتين، ولكن ما يهمنا في هذا البين هو ان عباس الذي وصف الصفقة بـ "صفقة العار" سيلقي كلمة في القمتين يدعو من خلالهما الى رفض هذه الصفقة . لكن الامر الذي كان لافتا خلال الايام الماضية هو ان إدارة ترامب سعت جاهدة للحصول على دعم الحكومات العربية وخاصة الخليجية منها لتتحمل العبء المالي لها عبر تقديم مليارات الدولارات كدعم مالي للفلسطينيين ، وهو ما يعني أن عملية حلب جديدة في الطريق ولا يمكن الفرار منها سواء كانت الصفقة ناجحة أم فاشلة .

وما يعزز فشل ورشة البحرين بشكل خاص والصفقة بشكل عام هو ان هناك من يرى بأن أسباب فشل هذه الصفقة لن يقتصر على الموقف الرافض للفلسطينيين ، بل أن مهندسي هذه الصفقة الامريكية باجمعهم ، أمريكيون من أصل يهودي ، يؤيدون الكيان الاسرائيلي والاستيطان بشكل خاص، وهم المبعوث الخاص جيسون غرينبلات وصهره جاريد كوشنر والسفير الأمريكي في "إسرائيل" ديفيد فريدمان، وهذا ما يجعل من الصعب اعتبارهم أناس مناسبين لهذه المفاوضات. هذا فضلا عن ان ورشة البحرين التي تشكل المرحلة الاولى من كذبة القرن والتي تركز على الجانب الاقتصادي ، هي في الحقيقة ترجمة لمخطط مسبق طرحه رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2008 ويرتكز على فكرة تحقيق "السلام الاقتصادي" قبل "السلام السياسي" حسب زعمه.

بناء على تجارب سابقة فانه لن يحضر ورشة البحرين المرتقبة سوى بضعة رؤساء من الدول العربية، هذا اذا حضر أي منهم . اما الوفد الإسرائيلي فسيجد نفسه معزولاً كلياً في ورشة المنامة، وما ينبغي الا ننساه هو ان العقوبات الاقتصادية لن تدفع الفلسطينيين للتخلي عن تطلعاتهم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، عاصمتها القدس المحتلة، وتشمل فرض السيادة الفلسطينية على الحرم الشريف.

احمد سعيد / العالم