2024-11-30 06:34 م

ادلب آخر المعارك

2019-03-06
بقلم: حاتم استانبولي
تكرار الاعتداءات الارهابية على مواقع الجيش من قبل تنظيم النصرة يضع ادلب في عين العاصفة . الاعتداءات المتكررة تشكل خروجا عن اتفاقات استانة واحراجا للموقف الروسي الايراني الذي يخضع للابتزاز التركي الذي بدوره يخضع لابتزاز جبهة النصرة التي فرضت واحكمت سيطرتها على ادلب ومحيطها ووضعت كافة الفصائل المسلحة ضمن اسراتيجيتها. النصرة تريد ان تقدم نفسها على انها ما زالت خارج اجندة استانة واطرافها. النصرة تريد ان تؤكد ان مشروعها هو محاربة الجيش العربي السوري تحت عنوان اسقاط النظام لارسال رسالة الى البيت الابيض وحلفائه بان هذا الشعار ما زال ممكنا عبر العمل العسكري هذه الرسالة التي تترافق مع خروج القوات الامريكية. تريد النصرة ان تقدم نفسها كقوة عسكرية بديلة من الممكن الاعتماد عليها وهي قوة على مسافة من انقرة . بالغم من اعتبار جبهة النصرة تنظيما ارهابيا الى انه يحظى بحماية معنوية من قبل التحالف الغربي هذا الموقف يشرع تحت عنوان الوضع الانساني في ادلب وعنوان الكيماوي الذي اصبح مكشوفا. ولتاكيد ذلك فان جبهة النصرة لم تتجاوب مع الموقف التركي المتمثل باعلان الاكراد واحزابهم خطرا او عدوا مباشرا لها. اعتداءات النصرة تريد ان تجعل من ادلب قاعدة ارتكاز لاستنزاف الجيش العربي السوري وخلق حالة من عدم الاستقرار في الشمال السوري تستثمره كلا من تركيا لتثبيت مواقعها وتريدها جبهة النصرة لاعلان استمرار شرعية وجودها. الموقف المعلن للاخوان المسلمين بالطلب من تركيا بسط سيطرتها الادارية والقانونية على الشمال السوري ليكون مدخلا قانونيا لانشاء جيش يحظى بقانونية وتمويل تركي ليستثمر كورقة لطرح اعادة بناء الجيش السوري بهدف تغير بنيته وعقيدته القتالية ومن جانب آخر سيكون قوة منظمة محلية لحماية منطقة النفوذ التركي على طريق تذويب طابعه العربي السوري والحاقه بالدولة التركية هذا الموقف يكشف الدور اللاوطني للاخوان المسلمين وحلفائهم ويكشف كذب وادعاء القوى الاقليمية الداعمة لهم التي تطرح موقفا لفظيا بضرورة الحفاظ على وحدة الاراضي السورية وبذات الوقت تقوضه من خلال دعم الوجود التركي وتشريعه والوقوف امام عودة سورية للجامعة العربية. ان الحماية المعنوية لجبهة النصرة واحرار الشام من قبل التحالف الغربي الذي يعلن كل فترة ان استعمال الاسلحة الكيماوية في ادلب سيكون له ارتدادات على دمشق هذا الموقف المتكرر يحمل في جوهره ابتزاز لدمشق ولروسيا لابقاء الحالة في حالة جمود تستثمره الحكومة التركية لتثبيت مواقعها وتشريعها اداريا وقانونيا ويعطي جبهة النصرة الحماية المعنوية. ان شعار وحدة الاراضي السورية يفهمه كل طرف من اطراف الصراع الاقليمي والدولي بما يتوافق مع مصالحه وطموحاته. حلفاء سورية روسيا وايران تؤكدان على ان وحدة الاراضي السورية هو هدف وطني سوري له اولوية ومدخلا لاية اتفاقات بشان سورية ولا مساس باراضي سورية ووحدتها السياسية والجغرافية. امريكا واسرائيل يفهمون وحدة الاراضي السورية على انها لاراضي ما بعد عام 67 ويريدون اخراج الجولان المحتل من اجندة اي حوار وتسعى اسرائيل بان تستصدر قرارا امريكيا يماثل قرار ضم القدس كعاصمة للدولة اليهودية ويروا ان سورية القادمة سيكون للاكراد دور رئيسي في تكوينها السياسي والعسكري. تركيا والاخوان المسلمون يرون ان وحدة الاراضي السورية هي مدخل لدمج الاخوان المسلموين في الصيغة السياسية والعسكرية بهدف تغيير بنية النظام السياسي واعادة بناء عقيدته السياسية القتالية وتشريع السيطرة التركية على شمال سورية عبر استخدام اتفاق اضنة مدخلا له. الاكراد والنصرة يريدون تغيير الطابع الوطني التحرري العربي لسورية عبر تغيير جوهر النظام السياسي للدولة السورية واخضاعها للشروط الامريكية الاسرائيلية. الدولة السورية ترى ان عنوان المعركة القادمة تحمل ابعادا وطنية ديمقراطية تحررية يتداخل فيها البعد التحرري مع البعد الديمقراطي , اي ان المعركة الوطنية التحررية تتطلب انجازات ديمقراطية شعبية للحفاظ عل الانتصارات التي حققت عبر اشراك اوسع قاعدة شعبية في حماية الانجازات. المرحلة القادمة تتطلب مطالبة صريحة من قبل الحكومة السورية لاشراكها في اجتماعات استانة لكونها المعنية في تقرير مستقبل سورية وهي الممثل القانوني للدولة السورية واي حديث عن الشان السوري مدخله الحكومة السورية ولتحقيقه تصبح ضرورة حسم الموقف في ادلب اما سياسيا عبر الحوار واعطاء هذا البعد الوقت الكافي واذا لم ينجح فان خيار الحسم العسكري يصبح خيارا وحيدا رغم المه. هذا المطلب اصبح ضرورة وطنية ملحة لتبديد كل الطروحات التي تقول ان القرار السوري السياسي مصادر من قبل موسكو وايران. الموقف الخليجي يرى سورية بعيون اسرائيلية تحت عنوان الخطر الايراني ويطرح معادلة فك التحالف الايراني السوري مقابل تغيير الموقف الخليجي وهذا يتوافق مع الموقف الاسرائيلي الذي يرى مهمته هو اخراج ايران من سورية. الواقع والمعطيات الاقليمية تقول ان هنالك اخطار تواجه اربعة حلقات في الشرق العربي يتم التعاطي معها بشكل منفرد الحلقة السورية والفلسطينية والاردنية والعراقية هذه المخاطر عنوانها صفقة القرن. لكسر الفلسطينية وتفتيت السورية والغاء الاردنية واعادة بناء العراقية. هذا الواقع يتطلب من هذه الحلقات ولكي تحافظ على مصالحها الوطنية والقومية عليها ان تجد القاسم المشترك الذي هو موجود موضوعيا. ان السياسات الاسرائيلية الخليجية الامريكية وملحقاتهم تشكل الخطر الداهم على هذه الحلقات وهي سياسات تمارس يوميا عبر سياسات عملية من افقار ودعم القوى الاكثر رجعية والاستثمار في القوى الانفصالية التفتيتية والتلاعب بالمكونات الداخلية . كل هذه الاخطار المشتركة هي اخطار تجعل من ترابط الحلقات الاربعة امرا ضروريا للحفاظ على الذات الوطنية ومصالحها المشتركة وتفتح تعاون له ابعادا سياسية واقتصادية وثقافية. التنسيق الفلسطيني الاردني مطلوب توسيعه ليشمل كلا من سورية والعراق اضافة للبنان ليشكل عاملا للصمود امام الهجمة الشرسة التي تستهدفهم عبر تغييرات جوهرية ترمي الى انجاز التفتيت والالغاء واعادة التركيب والكسر والالحاق . حسم معركة ادلب سياسيا ام عسكريا هي المدخل لوقف المخاطر التي تستهدف الحلقات الاربعة وهي التي تفتح الباب امام اعادة البناء بمشاركة شعوب المنطقة وقواها ومؤسساتها. حسم معركة ادلب هي مدخل لمحاصرة الموقف التركي الذي يدعي ان امنه القومي مهدد من الحدود السورية التي هي خارج سيطرة الحكومة السورية هذا الموقف يعزز ضرورة حسم معركة ادلب ووصول الجيش العربي السوري للحدود الدولية . وبذات الوقت حسم معركة ادلب هي تقويض للموقف الكردي الذي يطرح من على قاعدة الدعم الامريكي البريطاني الفرنسي الذي يهدف لتقويض وحدة سورية السياسية والاقتصادية والعسكرية عبر تشريع كيان سياسي له قوى عسكرية مستقلة عن الجيش العربي السوري. ان اعادة احياء فكرة الدولة الكردية في شمال العراق سيكون مدخله شمال سورية لخلق وقائع مادية يصبح من الصعب تجاوزها في المستقبل واعطاء شرعية قانونية دولية لها. معركة ادلب هي معركة وحدة سورية واسقاط مخطط فصل شرق الفرات بامكانياته الاقتصادية والجغرافية والبشرية ان وحدة سورية مترابطة مع وحدة العراق جغرافيا وسياسيا وهذا يشكل دعما للموقفين الفلسطيني والاردني المستهدفين بصفقة القرن .