2024-11-27 06:37 م

مفاتيح لجنوب أفريقيا جديدة

2018-02-22
فريد فاسوانا*
أعلن رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، استقالته من منصبه كرئيس لجنوب أفريقيا - وهي خطوة حتمية عقب سحب المؤتمر الوطني الإفريقي الثقة منه داخل البرلمان. وبعد عقدين من محاولة نيلسون مانديلا نقل الرئاسة إلى سيريل رامافوسا- وقد فشل في ذلك - أصبح نائب الرئيس السابق ورئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحالي قائداً لجنوب أفريقيا. إن التحديات التي سيواجهها رامافوسا تكاد تكون شاقة، مثل التي واجهت مانديلا في إخراج بلده من حطام التمييز العنصري.

منذ ما يقرب من ربع قرن، بعد أربع سنوات من إطلاق سراح مانديلا من السجن، احتفل الجنوب أفريقيون بولادة دولة دستورية شاملة. لكن خلال فترة ولاية زوما، خمد ذلك الحماس. وفي خضم الادعاءات حول الفساد المستشرى، وتراجع التصنيف، وتجاوزات الشركات، وتعميق الشعور بالاستياء بين الشركات المملوكة للدولة، أصبح وضع جنوب أفريقيا الإقليمي والدولي ضعيفا للغاية.

وبالنسبة للكثيرين، يمثل رامافوسا العودة إلى القوة الوطنية. وقد تعهد بإعادة الثقة في إدارة شؤون جنوب أفريقيا، وتنشيط قيم الدمج الديمقراطي. إن تصرفاته البسيطة، مثل بدء الاجتماعات في الوقت المحدد، هي بمثابة خروج عن نهج زوما الفاتر، ولكن إعادة المساءلة والحكامة الجيدة إلى جنوب أفريقيا سيتطلب أكثر من مجرد الالتزام بالمواعيد. وستحتاج ثلاثة مجالات رئيسية إلى اهتمام عاجل، إذا أراد الزعيم القادم للبلاد رسم مسار جديد.

يكمن التحدي الأول في استعادة الثقة في سيادة دولة القانون، وقد يكون ذلك صعب المنال. فقد قام زوما «بالاستيلاء» على الأعمال التجارية، وهيئة الادعاء الوطنية، وتعيينات مجلس الوزراء. وسوف يستغرق فك كل هذه الروابط وقتاً طويلاً. ولكن استعادة الثقة العامة في هذه المؤسسات الحيوية يجب أن تحظى بأولوية قصوى.

ثانياً، ستحتاج حكومة رامافوسا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح علاقة الدولة مع الشركات المملوكة للدولة. فقد اعتبر زوما هذه الشركات وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية، وأدى سوء إدارتها إلى تقويض النمو الاقتصادي والتنمية. فالاقتصاد الذي يعاني من الفقر وعدم المساواة والبطالة لن يتعافى أبدا إذا لم تشتغل محركات الثروة بشكل فعال.

فعلى سبيل المثال، لا يزال التعدين يساهم مساهمة كبيرة في اقتصاد جنوب أفريقيا؛ وإذا ما تمت إدارته بشكل صحيح، يمكن أن يكون القطاع أداة قوية لدعم نمو التصنيع في المراحل الأولى. تتوفر جنوب أفريقيا على أكبر المعادن في العالم من الكروم والمنغنيز، والمعادن الضرورية لتصنيع السيارات الكهربائية، ومحركات الرياح، وغيرها من مكونات ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة.

ولسوء الحظ، فقد أساءت حكومة زوما استخدام موارد الثروة عن طريق إعادة توزيع الإيجارات المعدنية للزبائن المخلصين، ونتيجة لذلك، أصبحت الثقة بين صناعة التعدين والدولة معدومة. وتتمثل الطريقة الوحيدة لاستعادتها - وبالتالي زيادة التنقيب والإنتاج - في إصلاح التشريعات والتنظيم لضمان حماية أقوى لمصالح الصناعة، ومن شأن استعادة الثقة والمساءلة في بيئة الأعمال جذب الاستثمار وخلق الوظائف وملء خزانات الدولة وتحسين إعادة التوزيع ولاسيما بالنسبة لذوي فرص العمل المحدودة. تعد هذه النقطة الأخيرة حلا فعالا؛ في السنوات الأخيرة، تعرضت برامج الرعاية الاجتماعية في جنوب أفريقيا للتهديد بسبب سوء الإدارة والتدبير، ولا يمكن إصلاحها إلا بعودة النمو الاقتصادي.

وأخيرا، سيحتاج رامافوسا إلى الاستثمار بكثافة في نظام التعليم في جنوب أفريقيا، وهو القطاع الذي أهمله زوما إلى حد كبير. وسيكون من الأفضل البدء بالتعليم الأولي، حيث كثيراً ما يحقق الإنفاق مكاسب ضخمة على المدى الطويل. ومع معدل بطالة الشباب حاليا بنسبة مذهلة 39