2024-11-01 07:25 م

حراك دبلوماسي لإبرام صفقة تبادل-هل ينجح بايدن في خطف الورقة الرابحة قبل الانتخابات؟

2024-10-30

شهدت الساعات الماضية موجات متتالية من التسريبات عن حراك دبلوماسي متصاعد بشأن صفقة تبادل واتفاق هدنة يقود إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على الجبهتين، اللبنانية والفلسطينية، حيث احتضنت العاصمة القطرية الدوحة على مدار يومين كاملين، الأحد والاثنين 27و 28 من الشهر الجاري، جولة جديدة من الاجتماعات بين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير وكالة المخابرات الأمريكية “سي آي إيه” وليام بيرنز ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية “الموساد” ديفيد برنيع، لبحث صفقة تبادل عاجلة.

وتتباين الآراء بشأن جدية تلك الاجتماعات ومستوى وهوية الوفد الإسرائيلي، ففي الوقت الذي ذكرت فيه مصادر، مشاركة رئيس الشاباك في اجتماعات الدوحة، قالت هيئة البث الإسرائيلية إنه لم ينضم للوفد، في تعتيم وارتباك يعكس حالة الضبابية التي تهيمن على موقف حكومة بنيامين نتنياهو من عملية المفاوضات بشكل عام.

وطفت على السطح اليومين الماضيين عدد من المبادرات والمقترحات الخاصة بإبرام هدنة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، على رأسها المقترح المصري الذي قدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتهدئة مؤقتة لمدة يومين ثم تزداد إلى 10 أيام، في الوقت الذي شدد فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، على أن خطة وقف إطلاق النار التي طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم 31 مايو/أيار الماضي لا تزال على الطاولة.

ويأتي هذا الحراك الذي تقوده واشنطن قبل أقل من 10 أيام على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي يحاول فيها الديمقراطيون تحقيق أي انتصار دبلوماسي على المستوى الخارجي يمنحهم نقاطًا إضافية على حساب الجمهوريين الذين يوظفون الإدارة السيئة لحرب غزة من جانب فريق بايدن من أجل مغازلة الأصوات العربية واليهودية على حد سواء.

تفاصيل غائبة وحراك مرتبك
يفتقد الحراك الحالي بشتى جبهاته إلى الدقة وتحديد بوصلة الأهداف بشكل واضح، إذ يعاني من ارتباك، وفوضى عارمة تثير الشكوك في جدية الأطراف واحتمالية الخروج بنتائج إيجابية، فحسبما نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول مطلع، فإن تلك المحادثات الدائرة الآن في الدوحة تسعى للتوصل إلى اتفاق جديد قصير الأمد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح بعض الرهائن لدى “حماس” مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، فيما نقلت شبكة “فوكس نيوز” عن مصدر مطلع قوله إن هدف الاجتماع الرئيسي هو بحث وقف لإطلاق النار يمتد لأقل من شهر.

أما صحيفة “نيويورك تايمز” فترى أن مفاوضات الدوحة ستختبر عملية صُنع القرار لدى “حماس” بعد مقتل رئيس الحركة يحيى السنوار، حسبما جاء على لسان مسؤول إسرائيلي، فيما نقلت عن مسؤولين أمريكيين وقطريين قولهم إنه ليس واضحًا إن كانت الحركة مستعدة للعودة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار، هذا في الوقت الذي قال فيه مكتب نتنياهو إن رئيس الموساد سيناقش مع مختلف الأطراف في الدوحة “الخيارات المتعددة لبدء مفاوضات إطلاق سراح الرهائن لدى حماس في ضوء أحدث التطورات”.

وأمام غياب التفاصيل الكاملة والدقيقة عن هذا الحراك لجأت وسائل الإعلام، العبرية والعالمية، إلى لغة التسريبات للكشف عن بعض المسكوت عنه في تلك المباحثات، حيث نقلت جريدة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر مصرية قولها إن اليومين الماضيين شهدا اتصالات مكثفة مع المسؤولين الأمريكيين بشأن مفاوضات غزة، ومن المتوقع أن تجري مكالمة هاتفية بين بايدن والسيسي خلال الساعات المقبلة في حال تم إحراز تقدم في مفاوضات صفقة التبادل.

وأشارت القناة “12” العبرية إلى أن اجتماع الدوحة الذي عقد أمس الأحد، لبحث صفقة التبادل، انتهى في وقت متأخر الليلة الماضية، دون معرفة نتائجه حتى الآن، لافتة إلى أن المحادثات – التي وصفتها بالجيدة – ستستمر لمدة يوم إضافي، وأن رئيس الموساد لم يعد بعد من الدوحة، وربما تكون هناك قمة رباعية، قطرية مصرية أمريكية إسرائيلية، نهاية الأسبوع الجاري لبحث مخرجات المباحثات التي أجريت يومي الأحد والإثنين.

وقد تواصل رئيس الوزراء القطري في وقت متأخر من مساء الأحد مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، خليل الحية، لإطلاعه على سير المباحثات واستطلاع الآراء بشأن ما يتم عرضه من مبادرات ومقترحات، بحسب ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصدرها الذي ألمح إلى أن اليومين القادمين قد يشهدان قمة موسعة لبحث الخطوط العريضة للصفقة المحتملة.

وعكس التفاؤل الذي يخيم على الإعلام الأمريكي، ذهبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى وجود حالة تشاؤم كبيرة لدى الشارع الإسرائيلي بشأن فرص حدوث انفراجة في المفاوضات، لافتة إلى أنه لن يحدث شيء على الأقل حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وأرجعت الصحيفة هذا اليأس إلى تقديرات الإسرائيليين بأن “حماس” لن تقبل بأقل من انسحاب إسرائيلي كامل من غزة، بما في ذلك محور فيلادلفيا ومعبر رفح، وهو ما لن يوافق عليه نتنياهو خشية إسقاط الحكومة من قبل الوزيرين بن غفير وسموتريش.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قد طالب بتقديم تنازلات وصفها بـ”المؤلمة” لأجل إبرام صفقة عاجلة وتحرير الأسرى، مضيفًا في كلمة له، أمس الأحد 27 أكتوبر/تشرين الأول، خلال مراسم إحياء الذكرى الأولى لضحايا “طوفان الأقصى” في القدس المحتلة، أنه “لا يمكن تحقيق كل الأهداف من خلال العمل العسكري فقط”، مشيرًا إلى أن إعادة المحتجزين في قطاع غزة “يتطلب تقديم تنازلات مؤلمة”.

3 مسارات للتفاوض
تسير عملية المفاوضات حاليًا في 3 مسارات رئيسية:

الأول: الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم 31 مايو/أيار الماضي، التي وافقت “حماس” عليها من حيث المبدأ رغم الكثير من التحفظات عليها، فيما رفضها نتنياهو رغم تأكيد الرئيس الأمريكي أنها خطة إسرائيلية في المقام الأول.

الثاني: المقترح المصري الذي كشف عنه السيسي خلال مؤتمر صحفي له مع نظيره الجزائري الذي يزور القاهرة حاليًا، الذي يتضمن وقفًا لإطلاق النار في قطاع غزة لمدة يومين كخطوة أولى تشمل تبادل 4 أسرى إسرائيليين مع بعض الأسرى الفلسطينيين، ثم خلال 10 أيام يتم التفاوض لتحويل الهدنة المؤقتة إلى دائمة وإيقاف كامل لإطلاق النار.

الثالث: ما يستجد من آراء ومقترحات على طاولة النقاش في اجتماعات الدوحة، التي من المتوقع أن تستمر لعدة أيام  – إما بشكل ثنائي أو فردي- يتخللها لقاءات استثنائية قد تشمل أطرافًا فلسطينية، لا سيما بعد خط الاتصال المفتوح الذي تبقي عليه دولة قطر مع قيادات “حماس”.

 قشة الإنقاذ للديمقراطيين
يسابق بايدن والديمقراطيون الزمن لأجل تحقيق أي انتصار دبلوماسي على مستوى الملف الفلسطيني الإسرائيلي، يساعدهم في كسب نقاط إيجابية على حساب الجمهوريين، خاصة بعد نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة الصادمة، التي كشفت ميل العرب للتصويت لصالح دونالد ترامب بسبب اعتقادهم بأنه أكثر حسمًا في فرض السلام بالشرق الأوسط وإنهاء الحرب رغم تأييده المطلق لـ”إسرائيل”، مقارنة بإدارة بايدن لهذا الملف وما تعاني منه من أيادٍ مرتعشة والعجز عن الضغط على نتنياهو.

وتحاول واشنطن استثمار النجاح الذي حققته مؤخرًا بتلجيم طموحات نتنياهو ويمينه المتطرف بشأن ضرب إيران، وإجباره على أن تكون الهجمات الأخيرة منضبطة بالبوصلة الأمريكية الرامية إلى تجنب إشعال الحرب المباشرة بين طهران وتل أبيب بما يهدد مصالحها ويقوض نفوذها في المنطقة لصالح المعسكر الشرقي.

ومن ثم يُمني الديمقراطيون أنفسهم بصفقة رهائن عاجلة – ولو مؤقتة – يحققون بها أهدافهم الانتخابية ويستعيدون بها شعبيتهم المتراجعة ويغازلون بها الصوت العربي والإسلامي الذي بدأ ينسحب من تحت أقدامهم، كما جاء على لسان مرشحتهم كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي بالأمس، حيث قالت إنها ستفعل كل ما بوسعها لإنهاء الحرب في غزة، فالأمر بالنسبة لهم صفقة انتخابية أكثر منها محاولة لإنهاء مأساة أكثر من مليوني إنسان يواجهون حرب إبادة وتجويع لم يعرفها التاريخ الحديث.

مقاربات نتنياهو.. الضغوط تتصاعد
تنطلق هذه الجولة من المباحثات في ظل تصاعد الضغوط على حكومة نتنياهو ومجلس الكابينت بصفة عامة، وتتمحور في 3 ضغوط رئيسية:

أولها: حرب بلا هدف.. بعد أكثر من 385 يومًا من الحرب، أسفرت عن أرقام خيالية من الضحايا، معظمهم من النساء والأطفال، وتدمير ما يزيد على ثلثي قطاع غزة وإجبار قرابة مليوني إنسان على النزوح، لم يحقق نتنياهو أهدافه من تلك المعركة، فلا حرر الأسرى ولا قضى على “حماس” ولا ضمن ألا يشكل القطاع تهديدًا للمستوطنات وسكانها.

وتحولت المعارك داخل غزة إلى حرب بلا هدف ولا رؤية، فلن يحقق جيش الاحتلال أكثر مما حققه على مدار أكثر من عام كامل من العمليات ارتكب فيها كل أنواع جرائم الإبادة والانتهاكات ضد الإنسانية، كل ما يمكن تحقيقه هو زيادة أرقام الضحايا من المدنيين العزل، دون أي إنجاز ملموس يمكن تسويقه على أنه انتصار يعوض الفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

وحين يُسأل نتنياهو وجنرالاته اليوم عن الهدف من استمرار الحرب، فلن توجد هناك إجابة مقنعة، فلا جديد يذكر سوى إيقاع المزيد من الشهداء والمصابين، وفشل الاحتلال بقيادتيه، السياسية والعسكرية، في تحويل الانتصارات الميدانية المزعومة إلى انتصارات استراتيجية تغير قواعد الاشتباك، في ظل صمود المقاومة وتنويع تكتيكاتها وقدرتها على التلون والتعاطي مع مستجدات المعركة بما يبقيها ثابتة على الأقدام.

وفي هذا السياق اقترح غالانت على نتنياهو تحديث أهداف الحرب التي “تُدار دون بوصلة” على حد تعبيره، مستعرضًا 4 أهداف لا بد أن تشملهم الحرب على جبهاتها المختلفة، فعلى جبهة قطاع غزة أشار وزير الدفاع إلى أن الهدف هو “إرساء واقع دون تهديد عسكري، ومنع تعزيز قدرات الإرهاب (على حد تعبيره)، وإعادة جميع المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة)، وتعزيز بديل لحكم حماس”، أما على الجبهة اللبنانية فالهدف هو “خلق واقع أمني يسمح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن” وفي إيران “الردع وإبقاء إيران خارج الحرب”، أما في الضفة الغربية المحتلة فيتعلق الهدف بـ”منع اندلاع العنف من خلال إحباط الإرهاب”.

وأشار غالانت في رسالته التي أرسلها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزراء الكابينت قبل وقت قصير من الهجوم الإسرائيلي على إيران، فجر السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلى أن “الوضع الحالي الذي نعمل فيه، دون بوصلة واضحة، ودون تحديث أهداف الحرب، يضر بإدارة الحرب وقرارات الكابينت. التطورات المهمة في الحرب، وعلى رأسها تبادل الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيران، تزيد الحاجة إلى عقد مناقشة وتحديث أهداف الحرب بنظرة شاملة على الجبهات والارتباط بينها”، وهي الرسالة التي اعتبرها مكتب نتنياهو محيرة للغاية، حسبما كشفت القناة “13” العبرية.

نزيف مستمر من الخسائر.. لم يتوقف نزيف الخسائر في صفوف الاحتلال منذ بداية الحرب أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنها زادت بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، سواء على مستوى الكم (أعداد الضحايا في صفوف جيش الاحتلال واستهداف القواعد العسكرية) أم على مستوى الكيف (استهداف قيادات عسكرية من الصف الأول)، هذا بخلاف الاستهداف اللوجيستي من خلال وضع العمق الإسرائيلي في مرمى صواريخ ومسيرات المقاومة من مختلف الجبهات.

وقد شهدت تل أبيب وحيفا، وهما المدينتان الأكبر اقتصاديًا وسياسيًا لدى الكيان، عشرات الهجمات خلال الأيام الماضية، تنوعت بين صواريخ باليستية ومسيرات لديها القدرة على اختراق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي، فضلًا عن العمليات النوعية على شاكلة عمليات الدهس والاغتيالات الفردية والتفجيرات عن بعد، وباتت النعوش التي تحمل قتلى لدى صفوف الجيش الإسرائيلي مشاهد يومية لا تخلو منها الساحة الإسرائيلية.

وأسفرت تلك الخسائر الذي لا تتوقف عن حالة احتقان واضحة لدى القيادة العسكرية التي ترى فيما يحدث إصرارًا ممنهجًا من جانب نتنياهو واليمين المتطرف، على استمرار تلك المواجهات التي فقدت أهدافها ورؤيتها، من أجل حسابات خاصة ومصالح شخصية، حتى لو كان المقابل عشرات القتلى من ضباط وجنود جيش الاحتلال.

ضغط عائلات الأسرى.. ومع استمرار الحرب وتواصل نزيف الخسائر وارتكاب جيش الاحتلال لمجازره التي لا تتوقف بحق الفلسطينيين، يتصاعد غضب عائلات الأسرى التي ترى في إدارة نتنياهو للحرب بهذه الكيفية، إصرارًا على التضحية بالمحتجزين وإبعادهم عن قائمة أولوياته التي انحصرت بشكل كبير في استمرار الأزمة دون توقف تحقيقًا لأهداف خاصة.

ورغم ما زعمه نتنياهو من انتصارات تحققت خلال الفترة الأخيرة على حساب المقاومة، وتفريغ بعضها من بنيته القيادية، فإن ذلك لم يقنع عائلات الأسرى بالانتصار المطلق الذي يزعمه رئيس حكومة الاحتلال، ففي خطابه في إحياء السنوية الأولى لعملية “طوفان الأقصى”، قاطع أقارب الأسرى الإسرائيليين في غزة، نتنياهو، فبعد دقائق من بدايته فوجئ بصراخ أقارب الأسرى، ووقف أحدهم في وجهه وقال له: “لقد قتل والدي، اخجل من نفسك، انت السبب”، وطالبوه بإبرام صفقة على الفور، محملين إياه مسؤولية بقاء أبنائهم لدى المقاومة دون إبرام صفقة من أجل تحقيق مصالحه الانتخابية، ما دفعه لإيقاف كلمته لتستمر حالة الفوضى تلك لدقائق عدة التزم خلالها نتنياهو الصمت والوقوف بلا حراك على المنصة.

شكوك وتفاؤل حذر
رغم حالة التفاؤل الحذر التي تخيم على المشهد إزاء هذا الحراك المكثف وما يتردد من تسريبات عن إيجابية المباحثات، فإنها لا تخلو في الوقت ذاته من تصاعد الشكوك بشأن حقيقة وجدية وجدوى ما يدور في الدوحة والقاهرة على حد سواء، حيث تنقسم الآراء إلى قسمين:

الأول: يرى في تكثيف هذا الحراك والهرولة نحو إبرام أي اتفاق يحمل مسمى “صفقة” يتضمن وقفًا لإطلاق النار ولو لعدة أيام، وإطلاق سراح عدد من الرهائن (في الغالب من حاملي الجنسية الأمريكية)، هو محاولة أمريكية لكسب ورقة انتخابية ربما يكون لها الحسم في المعركة الشرسة مع الجمهوريين، مع الوضع في الاعتبار صعوبة تمرير نتنياهو لهذا الأمر دون مقابل (ربما يكون صفقة ما تمنحه شمال القطاع والبقاء نسبيًا في محوري فيلادلفيا ونتساريم)، خاصة وهو الأكثر ميلًا للمرشح الجمهوري دونالد ترامب.

الثاني: وهو ما تراه “حماس” نفسها التي تعد أن كل ما يدور إعلاميًا عن تسريبات التفاوض وقرب التوصل لصفقة تبادل ليس أكثر من ألاعيب جديدة من الاحتلال لكسب الوقت ودغدغة المشاعر، كما أشار القيادي في الحركة حسام بدران، الذي أكد مجددًا على مطالب الحركة وأنها واضحة ومعلنة وليست معقدة، في إشارة إلى الانسحاب الكامل من قطاع غزة وفتح المعابر وإدخال المساعدات وعودة السكان لمناطق الشمال.

وعكس ما كان يؤمل به نتنياهو ويمينه المتطرف أنفسهم بشأن تقديم “حماس” تنازلات مؤلمة بعد اسشهاد يحيى السنوار، إذ بها تحافظ على مطالبها الرئيسية التي عاش زعيمها لأجل تحقيقها واستشهد في سبيلها، إيمانًا منها أنها لن تخسر أكثر مما خسرت، وأن ما رفضته بالأمس لن تقبل به اليوم تحت أي ضغط، ويقينًا بأن الرضوخ يعني باختصار نهاية القضية الفلسطينية إلى الأبد، وهو ما تستميت الحركة والمقاومة للحيلولة دونه.

على كل حال، وفي ظل ضبابية المشهد الحالي فمن المبكر التنبؤ بأي مخرجات محتملة لجولة المباحثات الحالية، وبعيدًا عن مقاربات إدارة بايدن وحكومة نتنياهو إزاء صفقة التبادل المحتملة، يبقى الميدان هو الفيصل، وتبقى الخسائر التي يتكبدها المحتل وجيشه هي الطريق الوحيد لإجبار نتنياهو وجنرالاته ويمينه المتطرف على الرضوخ لاتفاق تهدئة ووقف لإطلاق النار، وهو ما تعيه المقاومة جيدًا وتعمل عليه منذ فترة من خلال تنويع تكتيكاتها بما يمنحها النفس الطويل من أجل الاستمرار في تلك المعركة الممتدة.

المصدر: نون بوست