2024-11-27 10:00 م

دمار شامل في المخيمات: الاحتلال «يطوّر» استراتيجية «تدفيع الثمن»

2024-08-31

مع كل اجتياح أو اقتحام للمدن والمخيمات في شمال الضفة الغربية المحتلة، تنتشر بين الفلسطينيين «سخرية سوداء» من حجم الدمار وخاصة تجريف الشوارع، عبر السؤال عن أفضل المحاصيل للزراعة في هذا التوقيت، من أجل بذرها في الشوارع والميادين التي جرفتها قوات الاحتلال، إذ بات مشهد جرافة الـ«D9» وهي تبتلع كل ما في طريقها في طرقات المدن والمخيمات، أساسياً مع كل اجتياح هناك، في إطار استراتيجية «تدفيع الثمن» التي يتبنّاها جيش العدو، من أجل مضاعفة العبء على الحاضنة الشعبية للمقاومة والمجتمع المحلي، وتأليب الرأي العام ضد المقاومة.وخلّفت العملية العسكرية الأخيرة التي استهدفت شمال الضفة، دماراً غير مسبوق في البنية التحتية، من مثل الشوارع الرئيسية وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء، وممتلكات المواطنين من منازل ومركبات وغيرها. وفيما انسحب جيش الاحتلال من مخيم الفارعة في طوباس ومدينة طولكرم، لا تزال العملية العسكرية مستمرة في مدينة جنين لليوم الثالث على التوالي. وفي هذه الأخيرة، لم تستطع السلطات المحلية تقدير الخسائر وحجم الدمار، حسبما يقول رئيس بلدية جنين، نضال عبيدي؛ فهي «غير متوافرة حتى الآن بسبب استمرار الاقتحام، وعدم قدرة المهندسين على الكشف عن الأضرار». ويلفت عبيدي، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن التجريف والدمار في البنية التحتية «هائلان ومروّعان، وقد طاولا العديد من الشوارع والمرافق التي تم إصلاحها أخيراً، وشبكات المياه والاتصالات والكهرباء، فيما لا تزال العديد من المناطق من دون كهرباء بسبب عدم قدرة الطواقم على إصلاح الخلل»، علماً أن «مناطق واسعة استُهدفت بشكل كامل، من مثل الحي الشرقي في المدينة، ومخيم جنين وأطرافه، ومنطقة الجابريات، والشوارع الرئيسية التي تربط المدينة بعضها ببعض».
وخلافاً للاقتحامات السابقة، فرضت قوات الاحتلال، هذه المرة، «منع تجوال في العديد من الأحياء، ورفضت أي تنسيق لتوزيع الخبز أو الطعام أو إيصال المياه إلى المستشفيات»، بحسب العبيدي. وإذ يشير إلى أن «بعض المناطق باتت منكوبة، من مثل الحي الشرقي، والمربع التجاري والشوارع الرئيسية وشارع الناصرة، ومنطقة الجابريات، ومنطقة المستشفيات التي لا تزال محاصرة حتى صباح الجمعة»، فهو يوضح أن «حجم الأضرار في هذا الاقتحام يبلغ أضعاف سوابقه من الاقتحامات، ويفوق إمكانات البلدية ومدينة جنين بأكملها. ولذلك، يجب على السلطة والحكومة التدخل بشكل حاسم لتغطية العجز وإصلاح الضرر»، علماً أن تقديرات الأضرار السابقة للاجتياحات «بلغت 100 مليون شيكل (30 مليون دولار)».
ولم يختلف الأمر كثيراً في مدينة طولكرم ومخيميْها، نور شمس وطولكرم؛ إذ دمّر الاحتلال هناك شوارع رئيسية وشبكات مياه وصرفٍ صحي، واقتلع أعمدة كهرباء وهدّم منازل ودمّر مركبات، فيما شرعت طواقم البلدية في إزالة الأنقاض التي خلّفها العدو والسواتر الترابية من الطرقات، تمهيداً لإعادة تأهيل هذه الأخيرة خلال الأيام المقبلة. وتُعد هذه العملية الأعنف من حيث التدمير الواسع للبنية التحتية في «نور شمس»، فضلاً عن التخريب الذي طاول ممتلكات المواطنين ومنازلهم، في ظل خلع أبوابها، وتفتيشها، وتخريبها وتحويل عدد منها إلى ثكنات عسكرية بعد طرد أصحابها منها. ويقول رئيس «اللجنة الشعبية» في مخيم نور شمس، نهاد الشاويش، في حديثه إلى «الأخبار»، إن العدوان «دمّر 35 منزلاً بشكل كلّي في المخيم، وطاول 20 محلاً تجارياً، وجرف أكثر من 3 آلاف متر من الطرقات، بالإضافة إلى استهدافه شبكات المياه والكهرباء»، مبيّناً أن حارة المنشية هي «الأكثر دماراً وخراباً من غيرها»، فيما تناهز تقديرات الخسائر في «نور شمس» ككل «الـ30 مليون شيكل (9 ملايين دولار)».
أمّا في مدينة ومخيم طولكرم، فجرفت آليات الاحتلال عدداً من الشوارع الرئيسية، وتحديداً محيط دوار العليمي ودوار اليونس وشارع السكة ودوار إكتابا وحي الأقصى في ضاحية شويكة، مخلّفةً دماراً كبيراً في البنية التحتية في تلك الأماكن. وعقب انسحاب جيش العدو من طولكرم، انطلقت في بعض القرى والضواحي في المحافظة حملات لإغاثة المخيمات بمساعدات طارئة، تضمّنت مستلزمات عينية من مياه ومواد غذائية وحليب وفوط للأطفال وخبز، والتي نقلتها طواقم محلية بشكل سريع إلى المواطنين في المخيم، وسط استمرار مبادرات الإسناد وتوسّعها في مختلف القرى والبلدات.
ولم ينجُ مخيم الفارعة في محافظة طوباس، هو الآخر، من الدمار والتخريب؛ إذ كان هدفاً للعملية العسكرية، رغم انسحاب جيش الاحتلال منه بعد 24 ساعة تقريباً. والاجتياح الأحدث، بحسب رئيس اللجنة الشعبية في المخيم، عاصم منصور، «هو العاشر للمخيم، لكنه الأكثر صعوبة وقسوة». ويشير منصور، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «قوات كبيرة جداً مصحوبة بآليات كبيرة وضخمة، اقتحمت 90% من منازل المخيم ومارست فيها تخريباً ودماراً». ويضاف إلى هذا الدمار، ذلك الذي طاول البنية التحتية، «حيث جرفت الآليات العسكرية مئات الأمتار من واستهدفت شبكات المياه وخطوط نقلها»، بحسب منصور الذي يبيّن أن «الجرافات العسكرية أكبر حجماً من الشوارع، وعندما تسير تجرف كل ما في طريقها من عدّادات مياه أو كهرباء أو أنابيب أو مركبات»، مضيفاً أن الجهات المحلية في المخيم تعاونت مع المؤسسات والوزارات و«نجحت في إصلاح بعض الشبكات ومعالجة الأضرار».

المصدر: الاخبار اللبنانية