2024-06-21 11:30 م

الصفقات الكبرى في الطريق الينا

2024-06-07

بقلم: نبيه البرجي

ذاك التواطؤ الايديولوجي والاستراتيجي بين واشنطن وأورشليم، وقد جعل بنيامين نتنياهو غداة عملية طوفان الأقصى، يهدد بتغييرالشرق الأوسط بالحرب على لبنان وعلى سوريا، بعد تحويل الأرض الفلسطينية (والقضية الفلسطينية)، في غضون أيام الى يباب، قبل أن يفاجأ بالفلسطينيين يبعثون من قبورهم ومن زنزاناتهم.

ما قام به حزب الله الدفاع الاستباقي. قيادة الحزب بالتجربة الطويلة والشاقة مع "اسرائيل"، لاحظت بعيني زرقاء اليمامة، ما لم يلاحظه قادة بعض القوى الذين يلوّحون بالرؤوس الفارغة وبالأيدي الفارغة على الشاشات وعلى المنابر، وقد حوّلوا لبنان الى نموذج للتهتك السياسي، وللتهتك الأقتصادي.

هل كان الحزب موجوداً عام 1978 (عملية الليطاني)، أو في عام 1982 (عملية سلامة الجليل التي مضت بدبابات آرييل شارون الى القصر الحمهوري)، لاقامة السواتر الترابية، وحتى جدران النار بين الطوائف، من أجل استيعاب أو تفكيك ترسانته العسكرية، ليبقى لبنان عارياً أمام الأقدام الهمجية، والى حد رفض الحوار حول رئاسة الجمهورية، بتلك الذريعة الكاريكاتورية التي ترى في الحوار هرطقة دستورية، بتكريسه أعرافاً هجينة.

ولكن ألا يقوم لبنان على الأعراف، ان عبر "الميثاق الوطني" أو عبر وثيقة الطائف، وهي أقرب ما تكون الى الشعوذة السياسية، فيما البلاد بحاجة الى التفاعلات الدستورية التي تفضي الى الخروج من المستنقع الطائفي، كفردوس لأكثر أشكال الفساد وحشية؟ تالياً، انتاج دولة لمخلوقات تليق بالحياة وتليق بها الحياة، ودون أن نكون طرفاً في تلك المنظومة السياسية العفنة، التي لن تأتي برئيس للجمهورية الا على شاكلتها.

على طاولة مرجع كبير تتقاطع آراء وتحليلات ومعلومات جهات عربية واقليمية ودولية. لا مجال البتة لبقاء الشرق الأوسط على ما عليه قبل 7 تشرين الأول الفائت، تطورات ميدانية بتداعيات استراتيجية، وحتى بتداعيات سيكولوجية. هنا النقطة الجوهرية. انحسار المعادلات التي تمحورت منذ عام 1967 حول "حقيقة مطلقة"، وهي أن "اسرائيل" قوة لا تقهر. ما حدث على مدى الأشهر الثمانية المنصرمة، أثبت أنه لولا الدعم الأميركي الهائل واليومي (وبكل الوسائل)، لتدحرجت حجارة الهيكل الثالث حتى قبل قيامه.


لكن كل أسس الوجود الأميركي الوجود الضارب تزعزعت، ما يقتضي اعادة ترتيب المعادلات بصورة تتسق وتطورات الميدان، التي لا يمكن أن تكون لمصلحة الدولة العبرية، وان مضت في جنونها بالقتل والتدمير. وقد لاحظنا كيف أن باحثين "اسرائيليين" ودوليين يحذرون الآن من الأخطار الوجودية، التي تحدق بدولة لا علاقة لها تاريخياً وجغرافيا، وحتى منطقياً، بالبنية العضوية للمنطقة.

كل ما نراه الآن في المنطقة نرى مثله في الشرق الأوروبي. كل ذلك الدعم العسكري والاقتصادي وبمئات مليارات الدولارات من دول "المعسكر الأميركي"، لفولوديمير زيلينسكي بدا وقد ذهب هباء. المثير في هذه الحالة، وتبعاً لما تقوله المعطيات التي على طاولة المرجع اياه، أن يكون رهان ادارة جو بايدن على دور تضطلع به الصين (وما أدراك ما الصين !) لانقاذ أميركا من المأزق السيزيفي الذي تدور داخله.

المرجع يدعو الى أن نتابع بدقة الاتصالات المكوكية بين واشنطن وبكين، لندرك أي صفقة يتم الاعداد لها، للحيلولة دون وقوع الانفجار الكبير (Big Bang).

أزمة لبنان، ولولا النيران الجنوبية التي تثير الهواجس الأميركية، قد تكون أقل الأزمات تعقيداً أو أهمية. ثمة معلومات تؤكد أن نشاطات آموس هوكشتاين وراء الظل، قد توصلت الى مشروع اتفاق ـ اطار (Framework ـ Agreement) لطرحه فور الاتفاق على وقف النار.

توقعات بحدوث تطورات ديبلوماسية فائقة الأهمية، قبل الانتخابات الأميركية في 5 تشرين الثاني المقبل. هل يكون وشيكاً، والحال هذه، الخروج من ثلاجة الأمم. الأهم من... ثلاجة القبائل والطوائف؟