2024-06-21 11:26 م

كبار الاقتصاديين يرفعون الصوت: تجنيد «الحريديم»... أو الخطر الوجودي

2024-05-30

في ظلّ انقسام مكوّنات الائتلاف الحاكم حول قانون التجنيد المُعدّ لإعفاء «الحريديين» من الخدمة العسكرية الإجبارية، خرج «منتدى الأعمال» الإسرائيلي، الذي يضمّ أكثر من 200 من رجال الأعمال النافذين، في مناشدة عاجلة للحكومة، طالبوها فيها بإقرار المساواة في الأعباء، على اعتبار أنه «في هذا الوقت العصيب، نشعر بالقلق من الإضرار بحصانة الاقتصاد الإسرائيلي ومناعته». وحذّر رجال الأعمال الذين يقودون الاقتصاد، ومن ضمنهم مديرو ورؤساء بنوك وشركات كُبرى مؤثرة في السوق، من أنه «من دون تقاسم الأعباء، بموازاة مواصلة الإعفاء (للحريديين) من التجنيد، الاقتصاد الإسرائيلي في خطر واضح وفوري». وفي رسالته التي نشرها المنتدى أمس، دعا الحكومة وأعضاء «الكنيست» إلى التوصل إلى صيغة حول القانون، لكي تتحمل فئات المجتمع الإسرائيلي جميعها الأعباء، وخصوصاً «مع تعاظم التحديات الأمنية والسياسية التي تبدو أكبر ممّا توقعنا».ومن بين الأسماء البارزة ضمن المنتدى، صاحب شركة «فوكس» هرئيل ويزل، المالكة المسيطرة لشركة «عوفر للاستثمارات» ليورا عوفر، رئيس مجلس إدارة «تنوفا» حاييم غابريلي، مالك «سلسلة باتال» ديفيد باتال، رئيسة «مجموعة عزرائيلي» دانا عزارئيلي، الرئيس التنفيذي لبنك «هبوعليم» المنتهية ولايته دوف كوتلر، رئيس مجلس إدارة «هارئيل» يائير هامبرغر، الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك إسرائيل» آدي سوفير، ورئيس مجلس إدارة «شركة فالدو» والفائز بـ«جائزة إسرائيل» أيال فلدمان. هؤلاء، وغيرهم من كبار المسؤولين في مجال الاقتصاد، اعتبروا، في رسالتهم، أن «قوة أي منظمة، وبالتأكيد قوة أي بلد، تعتمد على تماسك الناس والتزامهم بتحقيق الأهداف المشتركة. التمييز وعدم تحمل الأعباء بشكل متساوٍ يفكّك اللُّحمة الاجتماعية». وأضافوا «(نحن) كرجال أعمال، يخدم الكثير من عمالهم وموظفيهم في الاحتياط مُدّات طويلة ومتواصلة، نخشى على مناعة الاقتصاد الإسرائيلي، في ظل عدم المساواة في الأعباء».
وذكّر المنتدى بأنه قبل نحو الشهرين، نشر «بنك إسرائيل المركزي» تقريره السنوي، وفيه استعرض التحديات الماثلة أمام الاقتصاد الإسرائيلي في ظل الحرب، مشدداً على الحاجة الفورية والماسّة إلى المساواة في تحمّل العبء الأمني، عبر تجنيد «الحريديين»، والذي سيضمن تقليص الأضرار التي قد تلحق بالاقتصاد إذا ما فُرضت إطالة مدّة الخدمتين الإلزامية والاحتياطية. وعلى خلفيّة تعنّت «الحريديين»، المقتنعين بأنهم يؤدون دورهم في حماية إسرائيل عبر دراسة التوراة، والمحافظة على الشريعة اليهودية، لم ينكر «منتدى الأعمال» أن «لكلّ قاعدة استثناءات»، مشيراً إلى أنه «بالإمكان إيجاد صيغة ضيّقة جداً للاستثناءات الفردية، ولكنّ القاعدة يجب أن تكون خدمة وتحملاً مشتركاً للعبء المصمّم لضمان قدرتنا، ولضمان استمرار وجود دولة إسرائيل، كدولة للشعب اليهودي».
ولا يعدّ الموقف المتقدّم، الأول من نوعه للمنتدى في إطار مشاركته في ترسيم السياسات في إسرائيل؛ إذ سبق له أن أطلق رسائل سياسية في العامين الماضيين، من بينها موقفه من مخطط «الانقلاب القضائي»، والذي بلغ ذروته عندما أعلن الإضراب العام، معطلاً الاقتصاد، ودافعاً رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى التراجع عن إقالة وزير أمنه، يوآف غالانت، وتجميد المخطط والشروع في مفاوضات مع أحزاب المعارضة. كذلك، عارض المنتدى إقرار الميزانية الأخيرة، باعتبار أنها أدت إلى أن تخفّض وكالة «موديز» تصنيف إسرائيل في التدريج الائتماني. وسبق أن حذر 130 من كبار الاقتصاديين الإسرائيليين، أوّل من أمس، من أن زيادة عبء الاحتياط واستمرار إعفاء «الحريديين» من الخدمة، بموازاة الاستمرار في منح المعاهد التوراتية ميزانيات ومخصّصات مالية، من شأنه أن «يقود إسرائيل إلى الهاوية ويعرّض وجودها للخطر».
وطبقاً لكبار الاقتصاديين، ومن ضمنهم البروفيسور إيتان شاشينسكي والبروفيسور مانويل تراختنبرغ والبروفيسور آفي بن بيست، فإن «إلقاء العبء الاقتصادي والثقل الأمني على أجزاء من الجمهور في إسرائيل، وتهرّب جزء متزايد من السكان من تحمّل العبء ليس ضمانة للاستمرارية، خاصة في ظل الواقع الأمني الصعب والمعقّد الذي تواجهه إسرائيل». ورأى هؤلاء أنه «من دون تغيير في الوضع القائم، فإنّ وجود الدولة معرّض للخطر»، محذرين من أن «عدداً من أولئك الذين يتحملون العبء سيفضلون الهجرة من إسرائيل، والسكان الذين سيبقون فيها سيكونون أقل تعليماً وأقل إنتاجية، وبالتالي سيزداد العبء على بقية السكان المنتجين، وهو ما سيشجع أيضاً على الهجرة».
ونبّه هؤلاء إلى خطر يتهدّد وجود إسرائيل في ظل التغيّرات الديموغرافية والزيادة السكانية للمجموعة «الحريدية»، باعتبار أن «عدم اندماج هذه الشريحة السكانية في سوق العمل، والجيش، وكذلك في المجتمع، من شأنه أن يفضي إلى انهيار اقتصادي ومجتمعي». وأوردوا سلسلة من الخطوات الفورية التي ينبغي اتخاذها، بينها وقف تمويل المعاهد والمؤسسات التعليمية «الحريدية» التي يُشارك تلامذتها في سوق العمل، وإلغاء الحوافز الاقتصادية الممنوحة بناء على تكاثر الولادات، وتوزيع العبء الأمني بشكل متساوٍ، إلى جانب القيام بتغييرات دستورية تكفل الحفاظ على الطابع «اللبيرالي الديموقراطي» لإسرائيل. وفي حال لم تُتخذ تلك الخطوات، فإن إسرائيل ستعاني، بحسب هؤلاء، من هجرة سلبية للشرائح المتعلّمة والمنتجة، ما سيلحق مزيداً من الضرر بالمجتمع والاقتصاد، ولا سيما أن «الوقت يعمل ضد إسرائيل».