2024-11-23 10:10 م

“مجاملات” بين طهران وعمان بعد “ليلة الشظايا”

تبادلت الدبلوماسية الإيرانية مع نظيرتها الأردنية خلال الساعات التي أعقبت الهجوم الصاروخي الإيراني ضد إسرائيل بعض العبارات الودية في خطوة متبادلة فيما يبدو تحاول احتواء أي خلاف مبكرا أو خفضه وعدم تصعيده.

 لكن هذا التبادل الناعم بين وزارتي الخارجية في عمان وطهران قد يخفي خلفه أزمة محتملة قابلة للتصاعد خصوصا مع بروز أدبيات إيرانية اعترض الأردن عليها رسميا، تعتبر المملكة هي الهدف الثاني بعد إسرائيل، الأمر الذي يعكس بعض السيناريوهات واحتمالات التصعيد بالرغم من أن المستوى الدبلوماسي في البلدين يحاول إظهار بعض المرونة.

 صحيح أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي استدعى رسميا بهدف الاحتجاج سفير الجمهورية الايرانية في عمان وأبلغه برفض المملكة لما ورد عبر تصريحات منقولة عن مصدر رسمي في وكالة فارس للأنباء وهي تصريحات نقلت عن مصدر غامض في الحرس الثوري الإيراني اتهام الأردن بالدفاع عن إسرائيل.

 “تلك اتهامات باطلة ومرفوضة”.. أبلغ الوزير الصفدي سفير إيران.

 لكن لاحقا أظهر الوزير الصفدي بعبارتين عبر الإعلام ميلا لعدم التصعيد عندما حاول تذكير الإيرانيين بأنه أدان الهجوم الإسرائيلي على قنصليتهم في دمشق.

 ولاحقا حمل الصفدي بنيامين نتنياهو مسؤولية هذا الهجوم وما تبعه من تصعيد فيما كان يشير إلى مجاملة دبلوماسية عندما اعتبر أن بلاده معنية بعلاقات قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل مع طهران.

بروز تلك العبارات المرنة أردنيا أعقبه بوضوح الإثنين تصريح للناطق الرسمي باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني تحدث فيه عن علاقات ودية واتصالات مستمرة بين وزيري الخارجية في البلدين.

 كنعاني أشار مظهرا الرغبة بتخفيض التوتر مع الأردن لحرص طهران على العمل مع شركاء في المنطقة للحفاظ على الأمن والاستقرار، ثم بلغت المجاملة ذروتها في لهجة كنعاني عندما ألمح إلى أن الأردن يستحق الدعم بسبب الممارسات الإجرامية الصهيونية كما وصفها.

خلافا لمواطنين ومعلقين أردنيين بدا أن الخارجية الإيرانية وهي تحتفي بالهجمات على إسرائيل بطريقتها لا تتبنى منطقا اتهاميا للأردن بإعاقة المسيرات والصواريخ التي كانت متجهة إلى الكيان الإسرائيلي عبر الأجواء الأردنية.

 وخلافا لما ظهر من أدبيات منقولة عن الحرس الثوري الإيراني بدا أن خارجية طهران لا تتبنى تلك الاتهامات، فيما انتقاد الصفدي العلني الجديد لنتنياهو يشكل أرضية للبحث عن قاسم دبلوماسي مشترك بين عمان وطهران فكرته تحميل اليمين الإسرائيلي مسؤولية التصعيد بهجوم القنصلية الشهير.

 في الواقع ومقابل النعومة الإيرانية الدبلوماسية على الأقل حتى الآن اجتهد الوزير الصفدي في شرح خلفية وأسباب تصرف بلاده في التصدي لمسيرات ومقذوفات صاروخية إيرانية ليلة الهجوم الشهير على إسرائيل، واجتهد الصفدي بالتركيز على أن إجراء بلاده هنا سيادي وأمني وسيطبق في الاتجاهين اذا ما قررت إسرائيل استخدام الأجواء الأردنية ضد إيران.

 العبارة الأخيرة كانت بمثابة تصريح إيجابي في قياسات الإيرانيين تمثل أول موقف رسمي أردني علني بأن أجواء المملكة ليست متاحة لإسرائيل حتى تضرب أي دولة في الجوار كما أنها ليست متاحة للإيرانيين في الاتجاه المعاكس.

 شرح الموقف الأردني خلف الكواليس والقنوات الدبلوماسية لطهران وما صدر عن مكتب الوزير حسين بن عبد اللهيان يوحي بأنه مستعد لتواصل جديد مع نظيره الأردني؛ بمعنى أن إيران لا تريد أن تظهر بمؤشر التصعيد بعد الآن وأن شروحات الأردن تقبلتها المؤسسة الدبلوماسية الإيرانية دون أن يعني ذلك بأن المنظومة العسكرية في طهران تحتفظ بنفس المعيار والموقف.

 ما تظهره مسألة تبادل التصريحات الودية الناعمة أن عمان وطهران تبذلان جهدا لطي صفحة خلاف وأزمة أعقبت النشاط الأردني الدفاعي في ليلة الشظايا والأجسام الطارئة.

 رغبة طي صفحة الخلاف قد تكون مؤقتة.

والانطباع متكرس ومتكدس بأن حالة التمحور واحتمالات توسيع نطاق الصدام العسكري قد تختبر مجددا إستراتيجيات الصبر والشرح والتوضيح في محور العلاقات والاتصالات الغامض بين عمان وطهران.

المصدر: القدس العربي