2024-11-24 09:23 م

دول عربية ترفض سد فجوة التمويل التي أحدثتها أمريكا في موازنة الاونروا

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال“ أن دولاً عربية رفضت تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا“، والتي تمثّل أهمية حيوية بالنسبة للفلسطينيين، مشيرة إلى أن مستقبل المنظمة الأممية أصبح معلّقاً مع فشل الدول العربية في سد فجوة تمويل الأونروا التي خلّفتها الولايات المتحدة.

الصحيفة الأمريكية أوضحت أنه بعد نحو أسبوع من قيام الولايات المتحدة ودول غربية بتجميد تمويل الأونروا، توجَّه كبير مسؤوليها إلى الخليج العربي، على أمل أن تنقذ الملكيات العربية الغنية المنظمة، في وقت تُعتبر فيه المزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية في غزة، ولم تؤدِ جهودها إلى الكثير.

تمكن المفوض العام لـ”الأونروا”، فيليب لازاريني، من جمع 85 مليون دولار من السعودية وقطر والإمارات لعام 2024، وهو رقم أقل بكثير من التمويل الذي فقدته الوكالة عندما شنّت إسرائيل حربها على غزة، وقيام بعض الدول بحجب المساعدات عنها، بعد مزاعم بأن عدداً من موظفي الوكالة شاركوا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

كانت الولايات المتحدة قد قدمت وحدها للوكالة الأممية، العام الماضي، أكثر من 422 مليون دولار، ويقول مسؤولون في الوكالة إن الأموال التي سعى لازاريني جاهداً لجمعها حتى الآن تكفي لتغطية نفقات الأونروا حتى شهر مايو/أيار المقبل.

تقول الأونروا إنها ستضطر إلى تقليص أنشطتها الإنسانية في غزة، والتي تشمل إطعام وإيواء أكثر من مليون شخص في حال عدم تدفق معونات جديدة.

كما تعتمد الوكالات الدولية والمجموعات الخيرية بشكل كبير على الأونروا، التي يشرف موظفوها داخل القطاع على معظم عمليات توزيع المساعدات والرعاية الصحية الأولية للسكان.

لازاريني قال إن المساهمات الأخيرة التي قدمها المانحون العرب وغيرهم من المانحين مكنت الوكالة من مواصلة مساعدة الفلسطينيين، “ولكن إلى متى؟”، وقال أمام الأمم المتحدة مؤخراً: “بدون تمويل إضافي سنكون في المجهول”.

وأصبح غالبية سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة مشردين، دون الحصول على الرعاية الطبية الكافية، وعلى شفا المجاعة، وأدت مخاوف تفاقم الوضع بشكل أكبر إلى إقناع العديد من الدول، بما في ذلك كندا والسويد وأستراليا وفنلندا، باستئناف تمويل الأونروا الذي تم تعليقه.

وقامت الوكالة الأممية بفصل الموظفين الذين زُعم أنهم على صلة بهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتقول إن إسرائيل لم تقدم أدلة على أن التورط في الجماعات المسلحة يتجاوز عدداً قليلاً من الأفراد، وفتحت الأمم المتحدة تحقيقين بشأن حياد الوكالة.

فيما تسعى إسرائيل لخروج الأونروا تدريجياً من غزة، في الوقت الذي تضغط فيه على حلفائها لاستبدال الوكالة الأممية بمنظمات إنسانية أخرى هناك.

كما أعلنت الأونروا، الأحد الماضي، أن الجيش الإسرائيلي منعها من توصيل الغذاء إلى شمالي غزة، وهي منطقة تعاني من سوء التغذية الحاد.

ولا يبدو أن إعادة تمويل الأونروا من الولايات المتحدة سيُستأنف قريباً، وتضمنت حزمة الإنفاق الجديدة التي أقرها الكونغرس والتي وقعها الرئيس جو بايدن لتصبح قانوناً، بنداً يمنع الأونروا من تلقي الأموال حتى مارس/آذار 2025 على الأقل.

وإذا تم انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فيبدو أن احتمال استئناف التمويل أقل، فقد قطعت إدارته السابقة عام 2018 تمويل الأونروا.

المتحدثة باسم الأونروا، تمارا الرفاعي، قالت إنه “لا شيء يمكن أن يسد الفجوة التي تركتها الولايات المتحدة بشكل كامل”، مضيفة: “يجب أن نجري محادثات استراتيجية طويلة المدى بشأن ما إذا كان من الممكن إدامة الأونروا”.

وبدون تمويل جديد، فإن الأمم المتحدة قد تضطر إلى إعادة التفكير في التفويض الواسع غير المعتاد للوكالة، التي تم إنشاؤها بهدف توفير الإغاثة الطارئة للاجئين منذ عام 1948، وقد تطورت منذ ذلك الحين لتصبح هيكلاً شبه حكومي، يدير المدارس الابتدائية والثانوية ومراكز الرعاية الصحية وتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء بلاد الشام.

وتبلغ نفقاتها السنوية 1.4 مليار دولار، يستخدم الجزء الأكبر منها لتغطية رواتب موظفيها البالغ عددهم 30 ألف موظف في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.

ولم تكن أي دولة عربية غير الأردن مستعدة لمنح عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين الجنسية، تاركة الأمر للأمم المتحدة لرعايتهم.

وكانت الولايات المتحدة قد قدمت الجزء الأكبر من تمويل الأونروا على مدى العقود الماضية، ولكن أعداداً متزايدة من السياسيين في كلا الحزبين الرئيسيين لديهم مخاوف بشأن الوكالة وسلطتها غير المحددة بزمن.

دول عربية رفضت تمويل الأونروا واكتفت بتقديم الدعم لها
ولطالما فضلت الأنظمة الملكية العربية التبرع بشكل ثنائي للقضايا الإنسانية، بدلاً من التبرع من خلال الأمم المتحدة، وهذه الدول لا تريد أن تنهار الأونروا، لكنها ترى أيضاً فوائد في إصلاحها، كما أنها لا ترى أن من واجبها التدخل بشكل كامل لاستبدال التمويل الغربي، وفقاً لأشخاص مطلعين.

الأسبوع الماضي تعهدت السعودية بتقديم 40 مليون دولار للأونروا، مخصصة للاستجابة الإنسانية في غزة، وهي أكبر مساهمة منفردة تقدمها دولة للوكالة منذ اندلاع الحرب، ولكن هذا المبلغ لا يقارن بمبلغ 400 مليون دولار من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا التي أعلنتها المملكة عام 2022.

كما قامت دولة الإمارات مؤخراً بتقديم 20 مليون دولار للأونروا، وهي الأموال التي وعدت بها في العام الماضي، لكنها لم تفِ بتعهداتها، وقد أعطتها أبوظبي بشرط ألا تعتبرها الوكالة مساعدة جديدة، أو تهدف إلى سد فجوة تعليق الدول الأخرى للأموال، وفقاً لأشخاص مطلعين.

من جهتها تعهدت قطر بمبلغ 25 مليون دولار لعام 2024، أما الكويت فلم تقدم أي التزام حتى الآن.

وتتردد بعض الدول العربية، بما في ذلك السعودية، في تخصيص مبالغ كبيرة من المال لغزة حتى يكون هناك وضوح أكبر بشأن المستقبل السياسي للقطاع، وتضغط المملكة من أجل التوصل إلى حل الدولتين الذي ستلعب فيه السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها دوراً، وهو الاحتمال الذي يرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال بدر السيف، الخبير في شؤون الخليج العربي والشؤون العربية في جامعة الكويت “إنهم يضعون أعينهم على إعادة الإعمار بعد الحرب، إن دفع فاتورة الأونروا يعزز الصورة القائلة بأن الخليج سيأتي دائماً للإنقاذ”.

وقد زودت الولايات المتحدة الوكالة بمبلغ 71 مليون دولار حتى الآن هذا العام، قبل توقف تمويل الأونروا، وفقاً لمسؤول في وزارة الخارجية، ويتم سداد المدفوعات الأمريكية بشكل عام على ثلاث شرائح سنوياً، ما يعني أن انقطاع التمويل سيصبح حاداً بشكل خاص في الأشهر المقبلة، فيما لم تقدم ألمانيا، التي كانت في السابق ثاني أكبر مانح للأونروا، أي مساهمات للوكالة هذا العام.

وكانت الأونروا تعاني مالياً بالفعل قبل بدء الحرب في غزة، فلا تعتمد الوكالة الأممية على ميزانية الأمم المتحدة بعكس الوكالات الأخرى،  باستثناء المساعدة في تغطية رواتب عدد قليل من موظفيها الدوليين، وتعتمد بدل ذلك على المساهمات الطوعية التي لا يمكن التنبؤ بها من الجهات المانحة.

كما لم تتعافَ الوكالة بشكل كامل من القرار الذي اتخذته إدارة ترامب بوقف تمويل الأونروا بين عامي 2018 و2020، وقد قامت الدول في تلك الفترة بما في ذلك ألمانيا ودول الخليج بزيادة مساهماتها السنوية بشكل حاد، ولكن ليس بما يكفي للتعويض الكامل عن وقف التمويل الأمريكي.

ورغم استئناف الولايات المتحدة تمويل الأونروا في عهد بايدن، تقول الأونروا إنها أنهت كل سنة من السنوات المالية الأخيرة بفواتير متأخرة، تقدر بعشرات الملايين من الدولارات للجميع، من الأطباء العاملين إلى موردي ورق التواليت.

إن تعليق تمويل الأونروا الذي تم الإعلان عنه في يناير/كانون الثاني، قد يكون له تأثير شبه فوري على الأونروا، وقد ساعدت الجهود الدبلوماسية التي بذلها لازاريني في تأخير ذلك من خلال تأمين أموال إضافية بسرعة من دول مثل إسبانيا وأيرلندا.

المصدر: وول ستريت جورنال+عربي بوست