2024-11-24 11:27 م

هذه تفاصيل ما يجري في الغرف المغلقة.. -هل هناك تهدئة قريبة في غزة؟

خلال الساعات الماضية ضجت الكثير من وسائل الإعلام بالحديث عن صفقة تبادل أسرى قريبة بين حركة “حماس” وإسرائيل، مع دخول الحرب الطاحنة على قطاع غزة يومها الـ110 والتي خلفت ولا تزال خلفها عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، ودمار هائل في البنية التحتية وخسائر تجاوزت الـ15 مليار دولار.
الحديث عن “صفقة الأسرى” لم يأت صدفة بل جاء بعد ساعات قليلة من تكبد الجيش الإسرائيلي أكبر خسائره منذ بدء الحرب على غزة، حين نجحت المقاومة الفلسطينية بنصب كمين مُحكم أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 25 جنديًا وضابطًا إسرائيليًا وسط قطاع غزة، والذي جاء بمثابة “زلزال” كبير هز إسرائيل وجيشها.
ويبدو أن الفشل العسكري والسياسي، قد يُجبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو “العنيد”، على النزول عن الشجرة التي صعد عليها، وبدأ بالرضوخ للضغوطات خاصة بعد اعلانه عن وجود مفاوضات لصفقة قريبة مع حركة “حماس”، ورغم أن الأخيرة لا تزال تتمسك بشروطها قبل إتمام مرحلة التبادل.
ورافق هذا الموقف ما كشفته وسائل إعلام غربية، بوجود مباحثات رسمية وسرية تجري في الغرف المغلقة حول إتمام صفقة تبادل الأسرى بين الجانبين، وفق الشروط الموضوعة، وقالت ثلاثة مصادر لـ “رويترز”، إن إسرائيل وحركة “حماس” وافقتا بنسبة كبيرة من حيث المبدأ على إمكانية إجراء تبادل للرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين خلال هدنة تستمر شهرا.
وذكرت المصادر أن الخطة الإطارية تأخر طرحها بسبب وجود خلافات بين الجانبين بشأن كيفية التوصل إلى نهاية دائمة للحرب في غزة.
 

تفاصيل الخطة
الساعات الماضية تناولت كذلك وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل ما قالت إنها خطوط عريضة لصفقة تبادل محتملة مع “حماس”، والتي صيغت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ورئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار.
وتحت وطأة الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي المطالبة بتحرير المحتجزين لدى “حماس”، وتعزز القناعات بالإخفاق الإسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب على غزة، والخلافات في “كابينت الحرب” أقر نتنياهو بأنه قدم خطوطا عريضة لصفقة تبادل محتملة، رافضا الخوض بالتفاصيل.
وبموجب هذه الخطوط يتم إطلاق سراح 136 محتجزا إسرائيليا على 3 مراحل، وفق الإعلام العبري هي:
-المحتجزون المدنيون.
-ثم المجندات وجثث محتجزين قتلى.
-وأخيرا الجنود والرجال الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي من النظاميين والاحتياط، وهو الشرط الذي تصر عليه حماس منذ البداية.
في المقابل، ستطلق إسرائيل في كل مرحلة سراح آلاف الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، ومن ضمنهم الأسرى القدامى والمرضى وكبار السن وأصحاب المحكومات العالية وأسرى ممن يقول الاحتلال إن “أيديهم ملطخة بالدماء”، وسينسحب الجيش تدريجيا من قطاع غزة.
وذكرت كذلك صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مسؤولين مصريين أن حركة “حماس” أبدت استعدادها للتوصل إلى اتفاق مع “تل أبيب” حول إطلاق سراح النساء والأطفال الإسرائيليين لديها.
وأضافت الصحيفة: “قال مسؤولون مصريون إن “حماس” أعربت عن استعدادها للتوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح جميع النساء والأطفال المدنيين المحتجزين المتبقين لديها”، معتبرة “هذه المبادرة تحولا كبيرا من جانب “حماس” التي أصرت لأسابيع على أنها لن تتفاوض بشأن الرهائن إلا كجزء من اتفاق شامل لوقف إطلاق النار”.
وفي وقت سابق أعلن مسؤول مصري بارز أن إسرائيل اقترحت وقف إطلاق النار لشهرين تفرج خلالهما “حماس” عن رهائن إسرائيليين مقابل إطلاق سراح الفلسطينيين في سجون إسرائيل، والسماح ليحيى السنوار وغيره من كبار قادة “حماس” في غزة بالانتقال إلى بلدان أخرى، إلا أن “حماس” رفضت الاقتراح، وتطالب بوقف دائم لإطلاق النار قبل إطلاق سراح أي رهينة أخرى، وهو ما يرفضه قادة إسرائيل حتى الآن.
وبحسب وسائل إعلام فإن قطر هي من تقود جهود الوساطة بملف تبادل الأسرى والتهدئة بين إسرائيل و”حماس”، فيما تركز مصر على الجانب الإنساني وإدخال المساعدات مراقبة الأوضاع الميدانية وتطوراتها إضافة للضغط بل الطرق المتوفرة لإيقاف الحرب ومراعاة الوضع الإنساني المتدهور في القطاع.
بدوره أكد القيادي في حركة “حماس” أسامة حمدان أن إسرائيل تقترح هدنة مؤقتة، وأن الحركة تقدم تصورا يتضمن انتهاء العدوان على قطاع غزة، مشيرًا في حديث لقناة “الميادين” إلى أن “عددا من المقترحات قدم من أجل الهدنة”، موضحا أن “ملخص المقترحات الإسرائيلية هو الهدنة المؤقتة، ثم العودة إلى القتال”.
وأضاف: “قدمنا تصورا يتضمن انتهاء العدوان على القطاع، ووجود ضمانات بعدم تكرار العدوان، ثم عملية التبادل”، مؤكدا أنه “لا يمكن أن تخرج المقاومة من وطنها”.
ودعا حمدان “العالم إلى التفكير في مرحلة ما بعد إسرائيل كنتيجة لعملية طوفان الأقصى”، مشيرا إلى أن “الأمريكي يريد تنظيم المنطقة وفق مصالحه، وهو يدرك أن استمرار المعركة سيفكك أي جبهة في المنطقة تضم إسرائيل”.
عقبات وخلافات
وسلّمت إسرائيل مؤخرا إلى الوسطاء القطريين والمصريين إطارا جديدا لصفقة تبادل محتملة يتضمن الاستعداد لهدنة مدتها شهران مقابل إعادة جميع المحتجزين لدى حماس في غزة، حسب اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين.
ووفق باراك رافيد المحلل السياسي في الموقع الإلكتروني “والا”، فإن هذا الاقتراح هو الأهم الذي طرحته تل أبيب منذ بداية الحرب، في محاولة لإحداث انفراجة في المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين.
ورغم أن الاقتراح يرفض طلب حماس وقف الحرب فإنه يتضمن الاستعداد لأطول وقف إطلاق نار وافقت عليه إسرائيل حتى الآن، وفق رافيد.
ونقل المحلل عن مسؤولين إسرائيليين كبيرين قولهما إن “كابينت الحرب” وافق قبل نحو 10 أيام على “إطار” يتضمن مبادئ ما ترغب وما لا ترغب إسرائيل في تنفيذه في إطار صفقة إطلاق سراح المحتجزين.
وأكد أن إسرائيل لا تزال تنتظر رد حماس على الاقتراح، لكن الجانب الإسرائيلي أعرب عن تفاؤل حذر بإمكانية المضي قدما في المفاوضات على أساس هذا الاقتراح، واعترف بأنه في حالة تنفيذ الصفقة فإن نشاط جيش الاحتلال في القطاع بعد شهرين من الهدنة سيكون أقل نطاقا وكثافة بشكل ملحوظ.
وفي قراءة لدلالات صياغة إسرائيل مقترح لصفقة تبادل جديدة وما نُقل عن إبداء حماس نوعا من المرونة في التفاوض على الصفقة، يعتقد عاموس هرئيل المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” أن الفجوة في المواقف لا تزال كبيرة، لكن هناك استعداد لدى الطرفين لمناقشة الخطوط العريضة لهذه الصفقة.
وقدّر هرئيل أن الولايات المتحدة وقطر ومصر تمارس ضغوط على الجانبين للدخول في مسار مفاوضات تفضي إلى إبرام صفقة تبادل على مراحل، سيتم في مرحلتها الأولى إطلاق سراح بعض المحتجزين الإسرائيليين، وسينسحب جيش الاحتلال في مرحلتها النهائية من قطاع غزة، وبذلك سيتم إعلان نهاية الحرب.
وكانت “حماس” اشترطت وقف إطلاق نار في غزة، وسحب جميع القوات الإسرائيلية من القطاع، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين والتعهد بعدم العودة إلى الحرب أو ملاحقة حماس، في مقابل إطلاق الأسرى الإسرائيليين، وهو ما رفضته إسرائيل، بحسب نتنياهو.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي اليوم الثلاثاء إن إسرائيل لن توافق على اتفاق مع حماس بشأن وقف إطلاق نار يسمح باستمرار احتجاز الأسرى في غزة أو بقاء حماس في السلطة، بحسب تعبيره.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنت “حماس” هجوما على نقاط عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف القطاع قُتل خلاله نحو 1200 إسرائيلي، وأصيب حوالي 5431، وأسر 239 على الأقل، استعادت منهم تل أبيب نحو 105 في صفقة تبادل وهدنة مؤقتة مع حركة حماس استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى صباح الثلاثاء25 ألفا و490 شهيدا، و63 ألفا و354 مصابا معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب الأمم المتحدة.
وهنا التساؤل الكبير.. التهدئة في هذه المرحلة من الحرب لمصلحة من؟ ومن سينزل عن الشجرة ويُلين موقفه؟
المصدر: رأي اليوم