2024-11-22 02:53 م

زيارة “ليست عادية”.. 3 “مستجدات” دفعت ملك الأردن للقاء السيسي

قد لا يتعلق الأمر بزيارة محض عادية تلك التي قررها إلى مصر عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني ظهر الأربعاء ليس لأن الزيارة لم يكن معلن عنها سابقا، ولكن لأن الأردن بذل خلف الستائر والكواليس ومنذ بدأت العمليات البرية الإسرائيلية ضد أهل قطاع غزة جهدا مضنيا ودؤوبا للبقاء في أقرب مسافة ممكنة من جمهورية مصر العربية حصرا للحيلولة دون توفير أي غطاء لعملية تهجير لسكان القطاع.

لاحظ مراقبون بأن الزيارة المباغتة إلى مصر والإعلان عنها بخلفية ما سمي في عمان بـ”تطورات خطيرة صعدت إلى سطح الحدث بعد انضمام شخصيات أردنية رفيعة المستوى إلى وثيقة مبادرة النداء الفلسطيني التي حذرت من استمرار سيناريو التهجير.

الأرجح تماما من إعادة تدوير الزاوية الأردنية حصرا أن شبح التهجير أطل برأسه مجددا.

وما يتردد في الغرف الأردنية المغلقة هو الإشارة بين الحين والآخر إلى ضرورة تثبيت الموقف المصري والتأسيس لشراكة معه لمنع سيناريو أي تهجير من مختلف الأصناف خارج قطاع غزة والانطباع العملياتي الأردني الأمني حتى اللحظة هو ذلك الذي يشير إلى أن ما تسميه حكومة تل أبيب بالمرحلة الثانية من العمليات العسكرية الإسرائيلية لا يسقط من حساب تلك العمليات التهجير السكاني في غزة كنتيجة عملياتية وليس كهدف معلن عنه.

في القاهرة صدر بيان مقتضب يتحدث عن لقاء قمة أردني مصري وهو لقاء القمة الرابع في الواقع منذ يوم 7 أكتوبر والمحرك الأساسي للتشاور الجديد هو تلك المستجدات الخطيرة في غزة كما ورد في نص الخبر الأردني الرسمي في عمان للحديث عن نقاشات حيوية مع الرئيس السيسي بتلك المخاطر.

تراكمت في الساعات القليلة الماضية 3 عناصر في التصور الأردني أعادت إنتاج هواجس التهجير التي سبق للقيادة الأردنية أن اعتبرتها بمثابة إعلان حرب.

العنصر الأول تمثل في وصول “تأكيدات ركيكة” إلى حد كبير من الخارجية الأمريكية إلى وزارة الخارجية الأردنية تحديدا فكرتها أن إدارة الرئيس بايدن لا توافق على تهجير السكان خارج قطاع غزة، لكن الجانب الأردني لاحظ في تلك الركاكة عدم وجود تأكيدات وضمانات بأن تضغط الإدارة الأمريكية على حكومة تل أبيب بوضوح شديد لمنع التهجير.

وبين المؤشرات التي وصفت بالركاكة من الدبلوماسية الأمريكية تلك التي تتحدث عن الاتفاق مع الإسرائيليين على المرحلة التالية من الحرب عشية اليوم الأول للعام الجديد 2024.

يتحدث الأمريكيون في مراسلاتهم عن تخفيف القصف الجماعي للسكان وعن إعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلية في جنوب وسط القطاع وما يصل من واشنطن هو عدم ممانعة أمريكية في هذا السياق، الأمر الذي يثير مخاوف شرعنة وتوفير غطاء أمريكي لنطاق عمليات عسكرية جديدة تؤدي في جنوب القطاع تحديدا إلى نزوح النازحين أصلا من شمال القطاع.

تلك المقاربة للنازحين وإصرار قوات الاحتلال الإسرائيلية على إخلاء المدارس ومقرات وكالة الغوث بالنسبة للأردن أصبح بمثابة إنذار متجدد ومبكر يوحي بأن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في ضرب ملاذات اللجوء والنزوح وتحريك السكان هنا وهناك داخل القطاع مقدمة لإعادة صياغة التهجير.

ضرب العمليات على معبر كرم أبو سالم وقصفه مرتين بالنسبة للأردن عملية دفع إسرائيلية لعوب سياسيا للحد من المساعدات والإغاثة وهنا يتوفر العنصر الثالث الذي دفع بهواجس التهجير والتحريك الديمغرافي مجددا وسط الأردنيين خصوصا وأن الغطاء الأمريكي لما يسمى بالمرحلة التالية من العمليات العسكرية برأي عمان قد يستهدف مخيمات الوسط وجنوب قطاع غزة.

صيغة زيارة السيسي مجددا محاولة للتأكيد على ما أتفق عليه سابقا حيث قناعة الأردن راسخة بأن الطرف الأقوى جغرافيا الذي قد يمنع التهجير هو مصر.

والقناعة راسخة أكثر بأن فتح معابر رفح لأغراض المساعدة بات من العناصر الأساسية لتعزيز صمود الغزيين في أرضهم لأن ملف التحريك الديموغرافي إذا فتح لن يقف عند الحدود المصرية مع قطاع غزة بل قد يتعدى وبرأي السياسي الأردني الدكتور جواد العناني كما قال لـ”القدس العربي” مباشرة باتجاه الارتياب الشديد بعمليات تجريف الشوارع والبنية التحتية في مخيمات الضفة الغربية أيضا.

سياسيا وضمنا لا يريد الأردن الوصول في ملف التهجير ونوعية العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع الذي يعاد احتلاله الآن إلى حالة صدامية جدا تختبر قدرته على الالتزام بصيغة إعلان الحرب التي استخدمها مرارا وتكرارا.

لذلك تثبيت أقدام القيادة المصرية هو الخيار الاستراتيجي الآمن أكثر بمعنى التذكير مجددا بأن مصر عليها البقاء في حالة صلابة الموقف وعدم الرضوخ لضغوط إسرائيلية أو أمريكية بعنوان الإغاثة الإنسانية خارج حدود قطاع غزة.

وما تفكر به غرفة القرار الأردنية مجددا إقناع مركز القرار المصري بأن الاسترسال في الإغاثة الإنسانية داخل حدود القطاع أقل كلفة على جميع الأطراف.

المصدر: القدس العربي