بعد محادثات وصفت بأنها “بناءة وعميقة” لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في دولة قطر، وتناولت بصورة حصرية ملف “المستقبل الفلسطيني”، يتجه المستوى السياسي في العاصمة عمّان إلى سلسلة حراكات نشطة تؤدي في المحصلة كما ذُكر في أوساط صناعة القرار، إلى “منع انهيار” الوضع الفلسطيني، ثم “وقف العدوان” الإسرائيلي، ولاحقا المباشرة فورا في “ورشة عمل” هدفها “إصلاح بنية مؤسسات السلطة الفلسطينية”.
قناعة الأردن السياسية على الأقل واضحة، بأن فصائل المقاومة في قطاع غزة التي تخوض حربا من الصعب في ظل التصعيد الحالي عبورها إلى “حوارات دولية” تؤدي إلى “شرعية فلسطينية جديدة” خارج مؤسسات السلطة في رام الله.
تلك “قناعات” بدأت تتردد بكثرة في أروقة القرار الأردني تزامنا مع 3 خطوات أساسية وإجرائية نوقشت واتُخذت، لتحقيق ما يمكن من الأهداف الموضوعة في البقاء في أقرب نقطة شراكة تطورت خلف الستائر مؤخرا مع “الدور القطري”.
وثانيا، العمل على “إعادة إنتاج” الدور المصري المرحلي في مساحة “احتواء التصعيد في قطاع غزة” والضغط والتواصل مع “الفصائل” وضمان إسناد مصر لـ”آفاق جديدة” أصبحت ممكنة بعد قرار مجلس الأمن الأخير بخصوص “إدخال كميات كبيرة جدا” من المساعدات الإنسانية والإغاثية وبغطاء دولي هذه المرة.
ثالثا، العمل يجري في عمّان على تفعيل وتنشيط “خلية الأزمة” مع السلطة الفلسطينية وعلى أساس توجه -يمكن أن تدعمه مصر وقطر لاحقا- بأن تحصل “تعديلات مؤسسية” وأخرى هيكلية في بناء السلطة، وبعلم وشراكة وبصمة وإشراف ورعاية رئيسها “الشرعي”.
تجتهد عمّان بوضوح في 3 مسارات موازية، أهمها “منع تراكم حالة ” فلسطينية داخلية وأخرى إسرائيلية يمينية تسحب الشرعية من “جهاز السلطة” أو تعمل تحت شعار “تجديد الشرعية” على إقصاء مكونات السلطة الحالية.
والمسار التالي يتمثل في الحرص على تطوير سيناريو ثلاثي قطري- مصري- أردني، يمكن أن تتبناه المجموعة العربية لاحقا، بحيث تتكثف المطلبية بـ”وقف العدوان الإسرائيلي ” تماما، ثم إدخال المساعدات وعلى أساس “خطة عمل” تلبي “احتياجات” الإدارة الأمريكية على أمل “تبديل موقفها الحالي”.
والمسار الثالث بعد “حوارات الغرف المغلقة” خلال الساعات القليلة الماضية، ضمان أن لا تعرقل -ولو مرحليا- فصائل المقاومة وتحديدا حركة حماس، مجملَ “الاتجاه الجديد” في بناء “سيناريو” صالح لتقديمه للقوى الكبرى حتى يصل الجميع إلى “نتائج ميدانية” منهجية مؤسسة على مطلب “وقف العدوان تماما وفورا” كم ورد في بيان وزيري الخارجية القطري والأردني يوم الجمعة، ثم “عملية لوجستية ضخمة إغاثيا” تحتوي “الكارثة الإنسانية” في قطاع غزة.
لإنجاز كل الإطار المرسوم، وُضعت أسس وملامح مفصلية في لقاءات الصفدي في الدوحة، وسينتقل وفد أردني رفيع إلى مصر لاحقا، وسيوضع قادة المقاومة أو بعضهم بالصورة. وفي الأثناء، قد يزور الرئيس عباس عمّان مجددا بعد عطلة أعياد الميلاد لإطلاق عملية “شرعنة فلسطينية” تسمح لأطقم الظل بالعمل خلف الكواليس.
بوضوح على الأقل، هذه نمطية التفكير الإجرائي الأردني في الساعات الماضية المتوترة، وتستند إلى منهجية “حرمان نتنياهو وطاقمه المتطرف” قدر الإمكان من “أفضلية” جمع النقاط مع الأمريكيين، وتخفيف “عدائيته” تجاه دور ووظيفة السلطة وسعيه لإقصائها عن “ملف غزة” خلافا طبعا للاستثمار “قدر الإمكان” بتلك المساحات الضيقة في الخلافات والتباينات بين نتنياهو وإدارة الرئيس جو بايدن.
تلك بصورة مرجحة الملامح العامة لـ”توجهات الأردن” لحظيا التي تتفاعل معها بعض العواصم العربية حاليا.
والانطباع متشكل مسبقا بأن هذا المسار يواجه معضلتين ومشكلتين هما أولا، عدم وجود ضمانات مؤكدة بالنجاح خصوصا في عمق الطاقم الأمريكي.
وثانيا”غير منصف” إطلاقا ولا بحال من الأحوال، لفصائل المقاومة وتضحياتها تفاعلا مع مخاوف مباشرة سمعتها “القدس العربي” في السياق من نقاشات رئيس حركة حماس إسماعيل هنية بعنوان: “عملية سياسية بغطاءعربي تحاول حرمان أهل غزة وفصائل المقاومة من مكتسبات الصمود والاشتباك السياسية”.
المصدر: القدس العربي