ناشدت منظمات حقوقية دولية، وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، بالتدخل لإنقاذ مئات المعتقلين المضربين عن الطعام في سجن جو البحريني، وإطلاق سراحهم، أو على الأقل الحصول الفوري على الرعاية الطبية وظروف السجن الإنسانية.
جاء ذلك في بيان مشترك، وقع عليه 15 منظمة حقوقية محلية وعربية ودولية، وترجمه "الخليج الجديد"، ضمن رسالة وجهوها إلى كليفرلي، وناشدوه بـ"الضغط على السلطات البحرينية للإفراج غير المشروط عن جميع المحكوم عليهم بسبب معتقداتهم السياسية بتهم تعسفية أو بعد محاكمات جائرة، بمن فيهم المدافعان عن حقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة وعبدالجليل السنكيس".
وأضافت البيان: "في غضون ذلك، ولضمان سلامة جميع السجناء، يجب تقديم الرعاية الطبية الفورية وظروف السجن الإنسانية لجميع المحتجزين".
ولفت البيان إلى أنه بعد التحدث إلى الأفراد المحتجزين في السجن، وكذلك بعض أفراد أسرهم، فإن السجناء السياسيين في سجن جو يُجبرون على تحمل ظروف قاسية للغاية، بما في ذلك قضاء 23 ساعة كل يوم داخل زنازينهم.
وتابع البيان: "يطالب السجناء بإنهاء الحبس الانفرادي، وزيادة الوقت خارج زنازينهم، وأداء صلاة الجماعة في مسجد السجن، وزيارة وجهاً لوجه دون حواجز زجاجية، فضلا عن الرعاية الطبية المناسبة، والحصول على التعليم".
ولفتت المنظمات إلى أنهم "قلقون بشكل خاص على حياة الخواجة، المدافع البحريني الدنماركي البارز عن حقوق الإنسان الذي يضرب حاليًا عن الطعام احتجاجًا على سجنه الجائر، والحرمان المستمر من الرعاية الطبية العاجلة التي تعرض لها أثناء احتجازه".
وظل الخواجة، المؤسس المشارك لكل من مركز الخليج لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان، مسجونًا لمدة 12 عامًا، حيث اعتقل في 2011 لدوره في المظاهرات السلمية خلال انتفاضة البحرين المؤيدة للديمقراطية، ويقضي حاليًا عقوبة بالسجن مدى الحياة في المنامة.
وتدهورت صحة الخواجة، مؤخرا بشكل كبير خلال فترة سجنه، بعدما تعرض للتعذيب الجسدي والجنسي والنفسي الشديد، وفق البيان.
وتابع البيان المشترك: "تقاعست سلطات السجن مرارا عن توفير أو السماح للخواجة بالحصول على العلاج الطبي المناسب".
وفي فبراير/شباط 2023، أصيب الخواجة باضطراب في ضربات القلب، بعدما حرم لعدة أشهر، من الحصول على العلاج الطبي المناسب، على الرغم من استمرار مشاكل القلب وخطر الإصابة بالسكتة القلبية.
وفي 9 أغسطس/آب 2023، بدأ الخواجة إضرابًا عن الطعام إلى جانب مئات السجناء الآخرين للمطالبة بتحسين الظروف في مركز إعادة التأهيل والإصلاح في سجن جو.
وبعد يومين، وفي 11 أغسطس/آب، نُقل إلى وحدة العناية المركزة في مستشفى عسكري بحريني بسبب مشاكل قلبية خطيرة.
وشدد الطبيب المعالج على الخطر الوشيك على حياة الخواجة، وأعطى حقنة في الوريد حتى يستقر نبض قلبه.
ثم أعيد الخواجة إلى السجن، وفق البيان، حيث واصل إضرابه عن الطعام.
وأضاف البيان: "لا يزال الخواجة بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة وكافية، والتي أخفقت سلطات السجن في توفيرها".
ونقل البيان عن طبيب مستقل استشاري للعائلة ومطلع على حالة وصحة الخواجة، القول: "قد لا يعيش لأكثر من بضعة أيام نظرًا لحالته المتدهورة، والمشكلات الصحية المزمنة، واحتمال حدوث سكتة قلبية مفاجئة ومميتة".
وفيما يتعلق بالسنكيس، الأكاديمي البحريني والمدافع عن حقوق الإنسان الحائز على جوائز، والذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في البحرين، ويضرب عن الطعام دون طعام صلب منذ 8 يوليو/تموز 2021، احتجاجًا على مصادرة سلطات السجن مذكراته المكتوبة بخط اليد، أعربت المنظمات عن قلقها العميق بشأن صحته.
وخلال إضراب السنكيس عن الطعام، يأكل نفسه من المكملات السائلة متعددة الفيتامينات، والشاي بالحليب والسكر، والماء، والأملاح فقط.
وسبق أن تعرض السنكيس للحبس الانفرادي، وحُرم من الحصول على العلاج الطبي المناسب، على الرغم من حقيقة أنه محتجز في منشأة طبية، وهو مركز كانو الطبي، وفق البيان.
وكانت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، قد نقلت عن عدد من المعتقلين مطالبهم بتحسين الأوضاع المعيشية في مركز الإصلاح، كزيادة الوقت المحدد للتشمس والوقت المخصص للزيارة، وإزالة الحاجز الزجاجي خلال زيارات ذويهم، والنظر في حقهم بالخلوة الشرعية.
كما تضمنت المطالب -وفقا للمؤسسة الوطنية التي زار ممثلوها مركز الإصلاح واستمعوا لمطالب المعتقلين- النظر في تفعيل حق ذوي الأحكام الطويلة بالخروج للمشاركة في مراسم العزاء حال وفاة أحد ذويهم، وحقهم في إقامة صلاة الجماعة.
وأضاف البيان المشترك: "يرتبط احترام حقوق الإنسان ارتباطًا وثيقًا بمصالح المملكة المتحدة، ويهدد استمرار الاحتجاز والوفاة المحتملة للمدافعين البحرينيين البارزين عن حقوق الإنسان في حجز الدولة تلك المصالح".
وتابع البيان: "الهيئات الحكومية البحرينية التي تستفيد من صندوق استراتيجية الخليج الممول من قبل دافعي الضرائب في المملكة المتحدة، بما في ذلك وزارة الداخلية ومكتب أمين المظالم ووحدة التحقيقات الخاصة، متورطة بشكل مباشر في الانتهاكات".
وزاد: "كما تشرف وزارة الداخلية على سجن جو، وقد قدم أمين المظالم مؤخرًا أ تمثيل مضلل لأوضاع السجون".
وتحظر اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي انضمت إليها البحرين عام 1998، ممارسة السلطات أي شكل من أشكال "العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" بحق المعتقلين.
وختم البيان بالقول: "نطلب بكل احترام أن تستفيد المملكة المتحدة من شراكتها الأمنية الوثيقة مع البحرين، ونحث السلطات البحرينية على الإفراج غير المشروط عن جميع المحكوم عليهم بسبب معتقداتهم السياسية، فضلا عن ضمان أن يتم تزويدهم بالرعاية الطبية المنقذة للحياة لمنع وقوع مأساة وشيكة".
وقع على البيان منظمات: أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ، ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والديمقراطية في العالم العربي الآن، والقلم الإنجليزي، والمركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان.
كما وقع على البيان، حملة حرروا الخواجة، والمدافعون عن الخط الأمامي، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، وحقوق الإنسان أولا، وهيومن رايتس ووتش، والخدمة الدولية لحقوق الإنسان، والقلم الدولي، ومشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، ومؤسسة رافتو لحقوق الإنسان.
وكان تقرير سابق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد ذكر أن السلطات البحرينية سجنت منهجيا نشطاء ومعارضين سياسيين ومدافعين حقوقيين، منهم برلمانيَان سابقان.
وأكدت "رايتس ووتش" أنها وثّقت عدة حالات تعذيب وحرمان من الرعاية الطبية للعديد من المحتجزين.
والبحرين التي تربطها علاقات متوترة مع إيران، تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية.
وبدعم من قوة عسكرية من المملكة العربية السعودية المجاورة، سحقت البحرين احتجاجات عام 2011 التي طالبت بملكية دستورية ورئيس وزراء منتخب.
وواجهت البحرين انتقادات أمريكية في ذلك الوقت، وفرض الرئيس حينها باراك أوباما حظراً على بيعها الأسلحة لمدة 4 سنوات.
لكن خلفه دونالد ترامب أعاد زخم العلاقات مع المنامة بعد أن أقامت علاقات مع إسرائيل بوساطة من واشنطن.
المصدر: الخليج الجديد