ليلة ساخنة شهدتها حدود القطاع ، اشتباكات بين الشباب الفلسطيني عند الجدار الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، شمال القطاع وجنوب "إسرائيل"، قصف جوي من طيران الاحتلال وإصابات بالغة في صفوف جنوده، وقلق حذر يخيم على الوضع وترقب لما ستسفر عنه الساعات القادمة، فما الذي حدث على وجه التحديد؟ وما أسبابه؟ وما المتوقع في القريب العاجل؟
ما قبل الانفجار
خلافًا لليوم التقليدي الذي طالما ارتبط بالتوتر على الحدود بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، يوم الجمعة، حين يتجمع الشباب الفلسطيني، عقب أداء الشعيرة، من المساجد، متجهين إلى الحدود، ليصرخوا في وجه الاحتلال بمطالبهم العادلة، كانت الدعوات إلى التظاهر مساء أمس، السبت.
رغم كون جميع الفصائل في القطاع، إسلامية وقومية، مدعوةً إلى الاشتباك الإيجابي مع الاحتلال على تخوم القطاع في هذا التوقيت، فإن الأغلبية المشاركة في المظاهرات، التي عرفت باسم السبت الغاضب، كما تناقلتها الصحف العبرية، أو مظاهرات "سيف القدس لن يُغمد" في إشارة إلى استمرار النضال المرتبط بمعارك مايو/آيار الماضي، كانت من حركة حماس.
بشيء من التفصيل، فإن هذه المظاهرات كانت نموذجًا مصغرًا لما عرف قديمًا باسم "مسيرات العودة" التي كانت تقام كل جمعة على السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، للمطالبة بإجهاض صفقة القرن وتحسين شروط الحياة في القطاع ورفع الحصار عنه.
نقول إنها كانت نموذجًا مصغرًا لأن الأعداد المشاركة فيها، وإن كانت قد قدرت بالعشرات وربما المئات، فإنها لم تبلغ متوسط الأعداد المشاركة في أيام ذروة مسيرات العودة، كما أنها وإن شهدت عنفًا متبادلًا بين الجانبين، فإنه، ولحسن الحظ، كانت الإصابات في صفوف الجانب الفلسطيني محدودةً وطفيفةً، كما لم تشهد نشاطًا ملحوظًا لسلاح "البالونات الحارقة".
تقول التقديرات القادمة من السلطات الحاكمة في القطاع، إن وتيرة التصعيد محسوبة بدقة، مكانيًا وزمانيًا ومن حيث الكثافة المشاركة في تلك التظاهرات، إذ من المنتظر أن يتم التصعيد في الأيام القادمة، حال عدم انصياع الاحتلال إلى مطالب المقاومة، عبر مظاهرات الجمعة، التي تكون أكثر حشدًا وتنظيمًا، فالبالونات الحارقة، وصولًا إلى الإرباك الليلي، وكلها وسائل ضمن ما يعرف بالسلمية الإيجابية لنقل معاناة الشارع الغزاوي إلى العالم.
ومع ذلك، فإن الاحتلال فوجئ بحدة تلك المظاهرات ونتائجها وسلوك الشباب الغزاوي خلالها، لأنها تزامنت مع إعلانه، بالتنسيق مع الأمم المتحدة ودولة قطر، إعادة تفعيل صرف المنحة المالية القطرية الموجهة إلى العائلات الأكثر احتياجًا في قطاع غزة.. فإلى أي مدى كان سلوك الشباب الفلسطيني في تلك المظاهرات مفاجئًا؟
تآكل الردع
يُجمل أمير بوحبوط مراسل مواقع "والا" العبري نتائج اشتباكات مساء السبت قائلًا إنها أسفرت عن تجاوز فلسطيني للخطوط الحمراء التي طالما حاول الاحتلال رسمها في تلك الجبهة، فقد كانت الأمور في طريقها إلى الانهيار في صفوف الجيش، لولا مشيئة الأقدار.
فقد تمكن فلسطيني من إطلاق النار، من خلال مسدس شخصي، من مسافة صفر، مباشرة، على وجه جندي إسرائيلي، من داخل نافذة في السياج الفاصل بين القطاع والاحتلال، وكان فلسطيني آخر على وشك خطف بندقية جندي أطلت من نفس النافذة، لولا تمكن الجندي من سحب البندقية سريعًا قبل تكاثر الفلسطينيين على السلاح.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ومصادر أخرى سبقته مثل يوسي ميلمان قالوا إن الجندي الذي تلقى الرصاصة من مسدس الفلسطيني، يبلغ من العمر 21 عامًا، وهو مستعرب في وحدة حرس الحدود المتاخمة للقطاع، وتلقى تدريبات نوعية في تلك المنطقة قبل إصابته، حيث كان يعمل قناصًا في الجيش.
أسفرت إصابته عن نقله إلى مستشفى سوروكا العسكري، حيث يقبع بارئيل شموئيلي، ابن مدينة بئر يعقوب، هناك في حالة حرجة بين الحياة والموت، ويحاول الأطباء جاهدين بذل ما في وسعهم لإنقاذ حياته بإجراء عدة عمليات جراحية له في وقت قصير.
وكان التقدير الأولي لإصابة ذلك الجندي في الأوساط العبرية أن تلك الطلقة التي أصابت رأسه جاءته من "نيران صديقة"، إلا أن مقاطع ال