يخطط معسكر اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر لتفجير الوضع الليبي عسكرياً قبل نهاية العام الحالي، لمنع الاستحقاق الانتخابي المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وفرض معادلة جديدة على الأرض، وهو ما توصلت أجهزة مصرية إلى خطوطه العريضة. وتكشف مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أنه "حتى الآن ترفض القاهرة هذا المخطط، وأبلغت حفتر بشكل واضح، خلال زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل لبنغازي أخيراً، عدم سماحها بتنفيذه، لخطورته على الأمن القومي المصري، وتهديده لحدودها الغربية مجدداً، في ظل عدم قدرة حفتر على حسم الصراع لصالحه عسكرياً.
وهو ما سيؤدي إلى استمرار الأوضاع المضطربة على الحدود المصرية الغربية، وتوقف المساعي الاقتصادية الرامية إلى إشراك مصر بقوة في عمليات إعادة إعمار ليبيا، وعودة العمالة بأعداد كبيرة". وتوضح المصادر أن الخلاف الكبير في الوقت الراهن، يكمن في عدم التوصل إلى صيغة موحدة رسمية متفق عليها بين مصر وتركيا والليبيين، حول حجم المشاركة المصرية في عمليات إعادة الإعمار من جهة وسيطرة الشركات التركية على الحصة الأكبر من جهة أخرى.
وتنوّه إلى تمسّك تركيا ببقاء المقاتلين السوريين التابعين لها، ورغبتها في إقامة قاعدة عسكرة تركية في ليبيا لتأمين مصالحها، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع. وتعلّل أنقرة تمسّكها ببقاء المقاتلين السوريين بضرورة إخراج المرتزقة الروس والأفارقة التابعين لحفتر قبل شروعها في إخراج قواتها من ليبيا، بالإضافة إلى تمسكها بالاتفاقية الأمنية الموقعة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وتشير المصادر إلى أن القيّمين المحليين والأجانب على مخطط إشعال الوضع عسكرياً، حددوا موعد العمليات العسكرية الجديدة في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أي قبل العملية الانتخابية بشهرين.
وتنوّه المصادر إلى أن سيناريو الحرب يبدأ من اندلاع مواجهات على نقاط التماس مع قوات حكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا، على أن يتم الدفع خلال الفترة التي تسبق شهر أكتوبر المقبل، بقوات حفتر للسيطرة على مساحات كبيرة في الجنوب الليبي، لأن الإمساك بالمناطق الحدودية يسهّل نقل الأسلحة إلى قوات حفتر، لأن عدم التوافق المصري الإماراتي سيحرمه من الحصول على السلاح عبر الحدود المصرية. وتقول المصادر، إن الفترة الحالية تشهد إنهاء كافة الخلافات بين حفتر وقادة المليشيات المتعاونة معه، بالأموال والنفوذ.
وينوي حفتر توحيد صفوف قواته قبل الشروع الفعلي في المخطط المدعوم من أطراف خارجية، إماراتية تحديداً، وهو ما يفسر حجم التحركات العسكرية الأخيرة لمليشياته بعد فترة من السكون. وكان كامل قد قام بزيارة مفاجئة للعاصمة الليبية طرابلس، يوم الخميس الماضي، هي الأولى من نوعها، ملتقياً رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وتجول معه في ميدان الشهداء في قلب العاصمة، قبل أن يتجه إلى بنغازي للقاء حفتر.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي ادّعى فيه أحمد المسماري، المتحدث باسم مليشيات حفتر، صدور أوامر لقواتهم بالتوجه نحو الجنوب الغربي بذريعة "طرد الإرهابيين والمرتزقة الأفارقة"، وفق تعبيره. وجاء في بيان إعلامي له أن "كتائب من المشاة توجهت إلى الجنوب لمساندة غرفة عمليات تحرير الجنوب الغربي، لتعقب الإرهابيين وملاحقة المرتزقة، ومحاربة العصابات التي تهدد الأمن والاستقرار، وتمارس النهب والسرقة والتخريب والتهريب".
يسعى حفتر لإشعال الوضع قبل شهرين من موعد الانتخابات
وحيال هذه المعطيات، قال نائب المنسق السياسي بالبعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، سكوت تيرنر، إنه من الضروري أن تتخذ ليبيا الخطوات اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل، على النحو المنصوص عليه في خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي. وأضاف تيرنر، في اجتماع "صيغة آريا" (اجتماع غير رسمي لأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة) أول من أمس السبت، حول تأثير مغادرة المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا، أن أي شخص يعرقل أو يقوض الانتخابات المخطط لها في خريطة الطريق قد يتعرض لعقوبات.
وقال المنسق السياسي الأميركي، إن مؤتمر برلين 2 يمثل فرصة أخرى للعديد من أعضاء مجلس الأمن الدولي لتجديد الالتزامات التي قطعوها على أنفسهم في المؤتمر الأول العام الماضي، مضيفاً أن اجتماع برلين يعتبر لحظة حاسمة لتأكيد دعم الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر، ودعم الدعوات الليبية لخروج القوات الأجنبية والمرتزقة. وأشار تيرنر إلى ما سماها "العواقب المؤسفة لاستمرار وجود المقاتلين والمرتزقة الأجانب في ليبيا"، مشدّداً على اتفاق الجميع على الحاجة إلى نهج مستدام لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بشكل فعّال وإصلاح قطاع الأمن. وخلال الاجتماع ذاته، قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة والمنسقة المقيمة، منسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا، جورجيت غانيون، إن القيادة العسكرية الليبية تعدّ خطة لسحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة الأجانب من البلاد. وأوضحت أنه يجري إعداد خطط للانسحاب من قبل اللجنة العسكرية المشتركة "5+5".