وجهت مصر دعوة إلى الفصائل الفلسطينية لزيارة العاصمة المصرية القاهرة الأسبوع المقبل، لعقد سلسلة اجتماعات للاتفاق على رؤية موحدة للتحرك الوطني الفلسطيني، والاتفاق على الخطوات اللازمة لإنهاء الانقسام ووضع خريطة طريق للمرحلة القادمة.
بالتزامن مع ذلك، يصل وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة لبحث الخطوات العملية لتثبيت قرار وقف إطلاق النار، وبدء المفاوضات الخاصة بهدنة طويلة الأمد، وتحريك صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
وقالت مصادر مصرية خاصة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن قيادة حركة حماس أكدت أنها غير مستعدة في الوقت الراهن للشروع في بدء مفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى، إلا في حالة وجود ضمانات حقيقية من مصر والأطراف الدولية المشاركة في الوساطة بجدية الجانب الإسرائيلي، مشددة على أن الصفقة لن تكون جزءاً من أي عملية تفاوضية أخرى، سواء تلك المتعلقة بإعادة إعمار غزة أو تخفيف الحصار عن القطاع أو المصالحة الداخلية، مؤكدة أن مسارها منفصل تماما.
في مقابل ذلك، كشفت المصادر، التي فضلت عدم نشر اسمها، عن جانب من المشاورات التي جرت خلال الجلسة المغلقة بين قيادة حماس والوفد الأمني الذي ترأسه مدير جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، قائلة إن الجانب المصري شدد على مسؤولي "حماس" بضرورة الفصل التام بين تحركات الحركة وقراراتها في ما يخص القضية الفلسطينية والأوضاع في قطاع غزة من جهة، وبين التوجهات والسياسات الإيرانية ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية، مطالبًا بعدم توظيف الحركة في هذه المعركة، وذلك من أجل تسهيل مهمة الأطراف المهتمة بعلاج الوضع الإنساني لأهالي القطاع، محذراً من مغبة أي تنسيق مع الجانب الإيراني في هذا الصدد، بحد تعبير المصادر.
ولفتت المصادر إلى أن المسؤولين في حركة حماس أكدوا أن تعاطي الحركة مع الدعم الإيراني يأتي مثل تعاطيهم مع كل من يمد يد الدعم للقضية الفلسطينية والمقاومة، من دون أن يعني ذلك أن تكون حماس أو المقاومة جزءاً من أجندة أي طرف إقليمي.
وبحسب المصادر، فإن هناك ارتياحا مصريا من التعامل مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، واصفين إياه "بالرجل المباشر والواضح"، مستدركة "وإن كانت هناك ملاحظات على تشدده وتصلب مواقفه في ما يخص بعض الملفات المطروحة، وعلى رأسها ملف صفقة الأسرى الذي كان هناك تصور مصري مبدئي لطرحه، متعلق بضمانات مصرية، وتعهدات دولية بإنشاءات ضخمة في القطاع، ضمن محفزات التحرك في الصفقة، لحث حماس على التجاوز عن الشرط الخاص بإطلاق كافة الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار في 2011، الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم، إضافة إلى ثني حماس عن التمسك بـ10 أسماء يصفهم الاحتلال الإسرائيلي بأنهم من "الملطخة أيديهم بالدماء"، من أصحاب المحكوميات العالية.
وتوضح المصادر خلال حديثها مع "العربي الجديد" أن المناقشات التي جرت في غزة بين قيادة حماس والوفد الأمني تأكد من خلالها أن الموقف المعلن من حماس بشأن صفقة الأسرى ليس من باب المناورة، وأنها متمسكة بكل ما أعلنوا عنه مهما كلف ذلك، وهو ما تحاول مصر زحزحته لدى الطرفين.
وعلى صعيد ملف رأب الصدع الداخلي، كشفت المصادر نفسها أن مسؤولي حماس أبلغوا اللواء عباس كامل استعدادهم للتجاوب مع أي خطوات جادة للمصالحة الداخلية، بعيدا عن تشكيل حكومة وحدة أو توافق وطني بدون انتخابات، مشددين على أن فكرة تشكيل حكومة من غير انتخابات لن تكون مجدية وستكون حلقة جديدة لإضاعة الوقت، مطالبين القاهرة بالتدخل ضمن وساطتها لدى الجانب الإسرائيلي لإزالة العراقيل أمام إجراء الانتخابات وأهمها السماح بإجراء الانتخابات في القدس.
وتضيف المصادر أن "قادة حماس أبلغوا اللواء عباس كامل أنهم سيقدمون أي ضمانات لكافة الأطراف الداخلية بشأن ضمان نزاهة الانتخابات حال إجرائها، وكذا عدم استحواذهم، أو استئثارهم بها، وعدم ممانعتهم لإشراف دولي تكون على رأسه مصر".
وكان رئيس المخابرات المصري عباس كامل طلب من فصائل المقاومة بقطاع غزة الاستمرار في حالة الهدوء وضبط المنطقة الحدودية لمنع العودة إلى الاشتباك، مؤكداً أن الوفد سيعمل على تذليل كل العقبات التي تُوتّر الأجواء، بما في ذلك الوضع في القدس.
كما أكد وجود إرادة مصرية لتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية في غزة، وإعادة إعمار ما تمّ تدميره، وضمان الهدوء والحياة الكريمة للسكّان. ومع إصرار المصريين على أن تتمّ عملية الإعمار عبر السلطة في رام الله، طلبت الفصائل تأجيل هذا الأمر لطرحه خلال المباحثات في القاهرة.