أكد اختصاصيون اقتصاديون أن استئناف الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها للفلسطينيين وراءه ثمن سياسي، وهو رغبة واشنطن بإعادة التفاوض مجددًا بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، مستغلة بذلك (الإدارة الأمريكية) الوضع الاقتصادي المتأزم للسلطة لفرض إملاءاتها الجديدة. وحث الاختصاصيون السلطة على عدم الرهان على أموال المانحين المشروط سياسيًا، ودعوها لأن تُعيد النظر في هياكلها الإدارية والمالية، وأن تجري تقشفًا ملوسًا في النفقات العالية وأن تعيد التوازن في مسلكها. وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي أنها تعمل مع الكونجرس على استئناف المساعدات الأمريكية الاقتصادية والتنموية والإنسانية للشعب الفلسطيني. وتدعو الخطة الأمريكية إلى تقديم (150) مليون دولار من طريق وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة، و(75) مليون دولار دعمًا اقتصاديًّا أمريكيًّا، و(10) ملايين دولار تمويلًا للتنمية. ويرى الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية أن استئناف واشنطن مساعداتها لا يأتي من فراغ، وإنما له ثمن سياسي. وقال اشتية لصحيفة "فلسطين": "الرئيس الأمريكي الجديد يريد أن يعيد لواشنطن زمام التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ليس من منطق القوة الذي كان يمارسه الرئيس السابق، وإنما عبر البوابة الاقتصادية"، مشيرًا إلى أن واشنطن تدرك حجم الأزمة المالية التي تواجه الفلسطينيين، وبذلك تدرك أن مساعدتها سيكون لها تأثير في قراراتها السياسية التي ستطلب من السلطة تنفيذها. وأوضح اشتية أن استئناف المساعدات الخارجية لا شك سيخفف من الضغط على موازنة السلطة، خاصة التي تنفقها السلطة على المشاريع التنموية. وتابع: "تاريخيًّا كانت السلطة الفلسطينية تنفق على المشاريع التنموية التي تدرجها في أجندتها السنوية من أموال المانحين، وحين تقلص الدعم الخارجي -خاصة الأمريكي- توقفت السلطة عن تمويل تلك المشاريع التنموية، ووجدت نفسها مضطرة لتمويلها على حساب النفقات الجارية". ونبه إلى أن استئناف واشنطن مساعداتها للفلسطينيين سيرفع الحظر الأمريكي على الدول التي امتنعت عن دعم السلطة، وقال في هذا الصدد: "إن دولًا عديدة امتنعت عن تقديم مساعداتها المالية لخزينة السلطة بسبب مقاطعة واشنطن للسلطة الفلسطينية، ووصل التأثير الأمريكي إلى الدول العربية التي لم تجرؤ على تفعيل شبكة الأمان العربية وقتئذ كانت السلطة بأمس الحاجة إليها". وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب أوقفت تقريبًا كل المساعدات بعدما قطعت العلاقات مع السلطة في رام الله في عام 2018، وعدت تلك الخطوة على نطاق واسع وسيلة لإرغام الفلسطينيين على التفاوض مع الاحتلال بشروط وصفتها القيادة الفلسطينية بأنها محاولة لحرمانهم إقامة دولة قابلة للحياة. إعادة نظر في السياسات المالية من جانبه أكد الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى أنه ينبغي أن تخرج السلطة من إطار انتظار المساعدات الخارجية، والوقوع تحت رحمة المانحين إلى إعادة النظر في سياساتها المالية، ومكافحة الفساد المالي. وقال موسى لصحيفة "فلسطين": السلطة الفلسطينية تعالج الخطأ بالخطأ، فتعتقد أن باستئناف واشنطن مساعداتها المالية خلاصًا من أزماتها المالية، فأموال المانحين مشروطة، ولا تقدم خالصة". وأضاف: "لذلك لا بد من أن تعيد السلطة النظر في سياستها المالية الداخلية والخارجية، وأن تواجه الفساد المستشري في المؤسسات الرسمية بقوة، وأن تتوجه لتدعيم القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية، وحماية المنتجات الوطنية من إغراق المنافس الأجنبي الأسواق، وتشجيع الاستثمار المحلي. وحتى عام 2016 كان متوسط الدعم الأمريكي لموازنة السلطة يتجاوز 100 مليون شيقل، وبلغ 300 مليون شيقل سنويًّا حتى عام 2012. وكان يتجاوز الدعم الأمريكي كاملًا للفلسطينيين 600 مليون دولار، تقدمها واشنطن عبر مؤسسات، أبرزها أونروا، وUSAID.
المصدر/ صحيفة فلسطين|رامي رمانه