2024-11-25 12:19 م

بعد استغاثاتها ماذا حل بابنة حاكم دبي؟

2021-02-22
انتشرت فيديوهات للشيخة لطيفة تتهم فيها والدها، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بحبسها ومنعها من الخروج، بعد محاولاتها الفاشلة في الهروب من البلاد. لكن أين هي الآن وماذا حل بها بعد انقطاع اتصال أصدقائها معها؟

"هددتني الشرطة بأنني سأظل في الحبس طوال حياتي، ولن أرى ضوء الشمس مرة أخرى، أنا مقيمة هنا كرهينة ". هكذا تخاطب ابنة حاكم دبي، الشيخة لطيفة آل مكتوم، أصدقاءها من خلال رسائل مصورة سرية، سجلتها من داخل حمام ما أسمته "الفيلا السجن". واستطاعت لطيفة أن تعيد تسليط الضوء على قضيتها، بعد أن نشرت شبكة "بي بي سي" البريطانية هذه التسجيلات في إحدى برامجها التحقيقية.

وتظهر لطيفة في فيديوهات سجلت خلال أيام منفصلة، من داخل زاوية مرحاض في الفيلا، قائلة إنه "المكان الوحيد في المنزل الذي تستطيع فيه إقفال الباب على نفسها"، مضيفة أن "الشبابيك موصدة وهناك خمسة رجال شرطة يحاصرون الفيلا، وشرطيتين في الداخل". وأكدت في حديثها أنها لا تعلم موعد الإفراج عنها، أو ماهية الشروط التي قد توضع عليها لتحقيق ذلك.

وكانت الفيديوهات وصلت إلى "بي بي سي" بعد أن توقفت الشيخة عن إرسال رسائلها السرية لأصدقائها، مما دفعهم إلى مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل.

ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاولت الفرار من البلاد عام 2002 واستطاعت الوصول إلى عُمان، ولكنها أعيدت عند الحدود وسجنت لثلاث سنوات وأربعة أشهر، وقالت إنها كانت في حبس انفرادي وتعرضت للتعذيب.

محاولتها الثانية كانت عام 2018، بعد أن نشرت مقطع فيديو تتحدث فيه عن تعرضها لمعاملة قاسية، وتمكنت آنذاك من الوصول إلى المياه الدولية بالقرب من السواحل الهندية، على متن يخت وبرفقة صديقتها المقربة الفنلندية تينا جوهياينن، وبقيادة القبطان الأمريكي الجنسية هيرفيه جوبير.

ولكن استطاع خفر السواحل الهندي اقتحام اليخت بالقوة والاستيلاء عليه في المياه الدولية، والاعتداء على الطاقم والقبض على الشيخة لطيفة، كما تذكر منظمة العفو الدولية، ومن ثم تواصلت القوات الهندية مع قوات إماراتية جاءت بطائرة مروحية، واقتادت السفينة إلى ميناء الفجيرة بالإمارات، وتم إطلاق سراح طاقم السفينة وصديقتها لاحقاً، ولكن حتى الآن لم يفصح عن مكان احتجاز الشيخة لطيفة.

محاولات هروب مختلفة

الشيخة لطيفة ليست الوحيدة من أفراد العائلة الحاكمة الذين حاولوا الهرب، فقد قامت شقيقتها الكبرى "شمسة" بالفرار عام 2002، حينما كانت في عطلة مع عائلتها في مقاطعة ساري البريطانية، وتوارت لأكثر من شهر في كامبريدج، حيث أطلق والدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عملية بحث عنها دون إعلام الشرطة البريطانية، وذلك قبل أن يتمكن أربعة رجال عرب، بحسب أقوال شمسة لمحاميها، من العثور عليها وتخديرها وإعادتها على متن طائرة خاصة إلى دبي.

ولعل إحدى أشهر قصص الهروب، هي محاولة فرار الأميرة الأردنية وسادس زوجات حاكم دبي، الأميرة "هيا"، إذ تمكنت في أبريل/ نيسان 2019 من الهروب بطفليها إلى بريطانيا، خوفاً على حياتهما، كما ذكرت.

العلاقات الإماراتية البريطانية

تسعى الإمارات في العقود الأخيرة إلى تحسين صورتها أمام العالم، لاسيما في مجالي حقوق الإنسان والحريات الشخصية، وقد تكون لمحاولات الهروب المتكررة لأفراد عائلة حاكم دبي تأثيراً سلبياً على هذه الصورة التي تطمح لتحقيقها. وكانت الأمم المتحدة عقب انتشار الفيديوهات، قد أعلنت عن نيتها رفع قضية احتجاز الأميرة لطيفة، إلى السلطات في الدولة الإماراتية، وذكر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان أنه سيستجوب الإمارات بشأنها.

وكان وزير الخارجية البريطانية دومينيك راب، قال في مقابلة مع تلفزيون سكاي، إن العالم وعلى المستوى الإنساني يريد رؤيتها على قيد الحياة، مضيفاً "الحكومة البريطانية ترحب بذلك بكل تأكيد"، وبسؤاله إن كانت بريطانيا ستفرض عقوبات على الإمارات بعد بث الفيديو، أجاب بالقول "ليس من الواضح لي أنه ستكون هناك أدلة لتأييد ذلك".

هذه الإجابات الدبلوماسية تعني أن بريطانيا ستنتظر رداً من الإمارات قبل اتخاذها أي خطوة، وكانت الكاتبة الصحفية  كريستين فيليب قد تطرقت في مقالها في صحيفة التايمز، إلى علاقة الصداقة التي تربط الملكة البريطانية، إليزابيث الثانية مع حاكم دبي، الشيخ محمد بن رشاد آل مكتوم، وكيف أن الظروف أدت إلى حدوث فوضى في العلاقة بين البلدين بعد هروب الأميرة هيا، وتساءلت إن كانت بريطانيا قد ضحت بملف حقوق الإنسان لحماية حليفها الإماراتي، وأشارت إلى أن هذا النقاش سيعود إلى السطح مرة أخرى مع انتشار فيديوهات الشيخة لطيفة.

غضب على شبكات التواصل الاجتماعي

أثارت الفيديوهات النقاش بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول القضية، وتكررت التساؤلات حول سبب استمرار احتجاز الشيخة لطيفة التي تبلغ من العمر 35 عاماً.

فيما تطرق آخرون إلى آخر إنجازات الإمارات بإرسالها مسبار الأمل إلى المريخ، وقارنوه مع وضع حقوق الإنسان في الإمارات.

وطالبت تعليقات بريطانية وأمريكية على الفيديو، أن يتم وقف العلاقات السياسية والاجتماعية بين البلدين، واستشهد أحد المعلقين بالحرب على أفغانستان قائلا إن حكومتهم أخبرتهم أن السبب يعود لتحرير النساء، ومع ذلك تبقي الحكومات الغربية علاقتها مع دول الخليج العربية رغم الانتهاكات المختلفة لحقوق المرأة، فيما طالبت تعليقات أخرى بالكشف عن مصير الشيخة لطيفة وما حل بها

ويأمل أصدقاؤها، أن يساعد تأييد المحكمة البريطانية العليا في آذار/ مارس الماضي للقضية التي رفعتها الأميرة هيا ضد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في الضغط عليه بقضية الشيخة لطيفة، وكان أصدقاؤها قد صرحوا في وقت سابق لشبكة "بي بي سي" بأنه قد مر وقت طويل منذ انقطاع التواصل مع الأميرة، وياملون أن يكون نشر رسائل الفيديو الآن وسيلة لمعرفة مصيرها.

الأمم المتحدة تريد إثباتا على أن الشيخة لطيفة لا تزال على قيد الحياة

من جانبها طلبت الأمم المتحدة من دولة الإمارات الجمعة 19 / 02 / 2021 إثبات أن الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي لا تزال على قيد الحياة بعدما أكدت في تسجيلات مصوّرة بثها الإعلام البريطاني الأسبوع السابق أنها "رهينة" وتخشى على حياتها.

وقالت سفارة دولة الإمارات في لندن في بيان الجمعة، إنّ الشيخة لطيفة "تتلقى العلاج في منزلها" وأن "وضعها إلى تحسن"، مضيفة "نأمل في أن تستأنف النشاطات العامة في الوقت المناسب".

وقالت الناطقة باسم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ليز ثروسيل للإعلام تعقيبا على المقاطع المصورة، إنّ ملف الشيخة لطيفة طرح الخميس في البعثة الدائمة للإمارات في جنيف.

وأوضحت "أعربنا عن قلقنا حيال الوضع في ضوء الدليل المصوّر المقلق الذي ظهر هذا الأسبوع".

وتابعت "طلبنا مزيدا من المعلومات والتوضيحات بشأن وضع الشيخة لطيفة الحالي".

وأضافت "طلبنا إثباتا أنها على قيد الحياة" مشددة على "القلق الكبير" حول مصيرها.

وكان وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب طلب الأربعاء إثباتا على أنها لا تزال على قيد الحياة.

من جهته أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن هذه القضية "تقلقنا، لكن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تدرس الملف وما سنفعله هو انتظار لنرى التقدم المحرز".

ولم تظهر الشيخة لطيفة البالغة من العمر 35 عاما علنا منذ حاولت الفرار من إمارة دبي بحرا عام 2018.

وبث مقربون منها مقاطع مصورة تقول فيها انها مسجونة في "فيلا تحولت إلى معتقل" يحرسها عناصر أمن. ويؤكدون أن أخبارها انقطعت.

وبحسب شبكة "بي بي سي" صورت هذه المقاطع بعد عام من محاولة فرارها.

وكانت عدة منظمات غير حكومية منها منظمة العفو الدولية دعت الأمم المتحدة للنظر في قضية الشيخة لطيفة.

وقالت الباحثة المتخصصة في الخليج في هيومن رايتس ووتش هبة زيادين "نأمل في رؤية تحرك (..) ونأمل أن تكون هناك أفعال، وأن تدعو الأمم المتحدة بشكل واضح وكامل إلى إطلاق سراحها وليس فقط إثبات أنها ما زالت على قيد الحياة".

وأضافت أنه يجب "أن يتم السماح لها بالسفر إلى الخارج حيث يمكنها التحدث بحرية"، مشيرة إلى أنه من غير المعروف "وضع الشيخة لطيفة في الوقت الحالي".

وكان مسؤولون أمميون أعربوا عن القلق بشأن هذه القضية في بريد إلكتروني وجهه إلى الإمارات في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2018 برنار دوهيم الذي كان في حينها المقرّر ورئيس الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي وأنييس كالامار المُقرّرة الخاصة في الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام التعسفي خارج نطاق القضاء.

وكانوا يتحدثون عن معلومات تتعلق بـ "الاختفاء القسري أو موت محتمل" للشيخة لطيفة مشيرين إلى أن "الإجراء العاجل الذي أُرسل إلى الحكومة" في الثاني من أيار/مايو 2018 بقي دون رد.

وكان محمد الشيباني مدير ديوان حاكم دبي رد في 18 كانون الأول/ديسمبر 2020 بأنه لم يتم تلقي أي رسائل في الثاني من أيار/مايو 2020 مؤكدا أن الشيخة لطيفة "على قيد الحياة وفي أمان وتتلقى العلاج في مقر إقامتها بدبي" و"أنها لم تعتقل أو تسجن".

وكانت المفوضة العليا السابقة لحقوق الإنسان ماري روبنسون تمكنت من لقاء الشيخة لطيفة في 15 كانون الأول/ديسمبر 2018.

وكانت روت اللقاء لـ" بي بي سي" واصفة امرأة "مضطربة تعاني من مشكلة صحية خطيرة تتلقى علاجا نفسيا"، تلقى في المقابل معاملة جيدة من عائلتها. وكانت نشرت صورا عن اللقاء.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2020 تحدثت مجموعة العمل في الأمم المتحدة حول الاختفاء القسري أو غير الطوعي، عن قضية الشيخة لطيفة في وثيقة تكشف فيها كامل أنشطتها في العالم.

وجاء فيها "في ضوء المعلومات التي وردتنا من مصادر عدة قررت مجموعة العمل اعتبار أن لغز قضية الشيخة لطيفة التي يزعم بأنها محتجزة سرا في منزل أسرتها في دبي قد حل".

وتتهم المنظمات غير الحكومية بانتظام دولة الإمارات الخليجية المقربة من الغرب، بانتهاك حقوق الإنسان وبقمع المعارضين.

بيان السفارة الإماراتية في لندن: الإمارات ترفض مزاعم أثارتها لقطات فيديو بأن ابنة حاكم دبي محتجزة كرهينة

من جانبها أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تغطية إعلامية عن سلامة ابنة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لا تعكس الحقيقة بعد أن ظهرت لقطات مصورة، قالت فيها الأميرة لطيفة (35 عاما) إنها محتجزة كرهينة، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء يوم الجمعة 19 / 02 / 2021.

والشيخ محمد بن راشد هو نائب رئيس دولة الإمارات، وحاكم دبي، ورئيس الوزراء.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلامية في المملكة المتحدة، بما فيها وكالة بلومبرغ للأنباء، قالت سفارة دولة الإمارات في لندن إن أسرة الشيخة لطيفة "أكدت أن سموها تلقى الرعاية في المنزل، بدعم من أسرتها وأخصائيين طبيين".

وجاء في البيان أنها "تستمر في التحسن، ونأمل أن تعود إلى الحياة العامة في الوقت المناسب".

وفي أحدث لقطات مصورة، تم إرسالها إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، من جانب مؤيديها قالت الشيخة لطيفة إنها تخشى على حياتها. وكانت آخر مرة شوهدت فيها الأميرة لطيفة في دبي.

وقالت الأميرة في الفيديو إنها محتجزة كسجينة في فيلا تحت حراسة الشرطة.

وقالت إن والدها، الشيخ محمد بن راشد، يحتجزها منذ عام 2018، عندما حاولت الفرار من دبي.

ونشر أصدقاء الأميرة المواد المسجلة مسبقا لأنهم لم يسمعوا أنباء عنها منذ شهور.

وفي وقت سابق في يوم الجمعة ذاته، قالت متحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف إن المكتب طلب من دولة الإمارات معلومات عن الأميرة لطيفة، وأنها لا تزال على قيد الحياة.

وقالت ليز ثروسيل، المتحدثة باسم المكتب في مؤتمر صحفي إنه في ضوء "دليل الفيديو المثير للقلق"، طلب مكتب حقوق الإنسان معلومات من البعثة

الدبلوماسية للإمارات في جنيف يوم الخميس بشأن الوضع الحالي للطيفة.

وأضافت: "طلبنا دليلا أنها على قيد الحياة". وأوضحت ثروسيل: "بالنظر إلى المخاوف الخطيرة بشأن الشيخة لطيفة، طلبنا أن يأتي رد الحكومة كمسألة لها أولوية".

 

 

م.ش/ ع.ج

حقوق النشر: دويتشه فيله 2021 / أ ف ب ، د ب أ