2024-11-24 07:47 م

انتخابات اتحاد عمال فلسطين: كيف غاب العمال؟

2021-01-31
أعاد الجدل عقب إعادة انتخاب شاهر سعد أميناً عاماً لاتحاد نقابات عمال فلسطين، الانتقادات القديمة المتجددة للوضع النقابي الفلسطيني، وغياب التنظيمات عن طرح برامج اجتماعية واقتصادية تعزز صمود العاملين، وتعيد تجديد المؤسسات.

وكان اجتماع اتحاد النقابات في فلسطين أعاد انتخاب سعد للأمانة العامة للمرة السادسة، عن طريق "التزكية" دون أن تجري انتخابات تشارك فيها الطبقة العاملة "بتمثيل حقيقي"، كما تقول الأوساط العمالية الفلسطينية، ليبقى في المنصب الذي شغله منذ أكثر من 27 عاماً.
ويمثل الاتحاد، كما يعرف نفسه، النقابات التي تعمل من خلال قطاعات عمل مختلفة مثل: النسيج، والمواصلات، والبناء، والزراعة والصناعات الغذائية، والسياحة، والخدمات العامة، والهيئات المحلية، والبتر وكيماويات، والمصارف والبنوك وشركات التأمين، والاتصالات، والخدمات الصحية.

 

عودة إلى البدايات

تقول المصادر التاريخية، إن بدايات الحركة العمالية في فلسطين كانت بعد الاحتلال البريطاني الذي خلق ظروفاً وتقييدات غاية في القسوة على المجتمع الفلسطيني، الذي شكل الفلاحون والعمال المنحدرون من الريف والأحياء الفقيرة النسبة الأكبر منه.

وكانت بدايات العمل النقابي الفلسطيني، في قطاعات سكك الحديد حيث تعرف العمال على تجارب عمال من دول مختلفة اختلطوا بهم خلال العمل على مد خط سكة الحديد بين حيفا والقاهرة.

وفي 21 أذار/ مارس 1925 أعلن عن قيام "جمعية العمال العربية الفلسطينية، وقد انضم إليها العمال العرب الذين انسحبوا من النقابة التابعة "للهستدروت"، واضطلع الحزب الشيوعي الفلسطيني أيضاً بدور في تمثيل الطبقة العاملة.

ونشطت في مختلف المدن مثل يافا، والناصرة، والقدس اتحادات بأفكار مختلفة، في صفوف العمال، قبل أن يشهد العمل النقابي ركوداً بعد ثورة 1936 ويتلقى ضربة قاضية عقب نكبة 1948 التي دمرت مئات القرى والحواضر المدنية الفلسطينية.

وبعد احتلال الضفة وغزة، واجه العمل النقابي بشكل عام قيوداً كبيرة وملاحقة من جانب سلطات الاحتلال، وشكلت النقابات في الوقت ذاته إطاراً للعمل النضالي والاجتماعي وكان له دور في الانتفاضات والهبات المتعددة التي خاضها المجتمع الفلسطيني، وكانت ذروتها في انتفاضة الحجارة، التي شاركت فيها الطبقة العاملة بمختلف فعالياتها بقوة، ودفع قسم منها ثمناً باهظاً على المستوى الاقتصادي.

بعد قدوم السلطة

"لا يوجد في الضفة قانون ينظم العمل النقابي"، تقول دراسة أجرتها المؤسسة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، وتشير إلى أن قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000 ألغى قانون العمل الأردني رقم 2 لسنة 1965 الذي كان ينظم العمل النقابي للعمال، بينما يسري في قطاع غزة قانون نقابات العمال رقم 331 لسنة 1954.

وترى المؤسسة أن العمل النقابي الفلسطيني يعاني من إشكاليات كبيرة، أبرزها: تسلط الأحزاب والحركات الفلسطينية على النقابات، حسب وصفها، واحتواء السلطة الفلسطينية للحركة النقابية إلى حد اعتبار "بعض القادة النقابيين كتابع لها".

وأكدت أن السلطة مارست سياسات تتراوح بين "الترهيب" و"التجاهل" في تعاملها مع النقابات، وأشارت إلى قضية قمع إضراب المعلمين الذي نفذوه في 1997 من خلال "اعتقال الأجهزة الأمنية لعدد منهم واقتحام بيوتهم وتوجيه تهديدات لهم".

كما انتقدت الدراسة غياب مشاركة العمال في إبداء الرأي وصناعة السياسات داخل النقابات، وغياب "البعد المطلبي" في عملها وضعف الإنجازات لصالح حقوق العمال.

ما هي أسباب الأزمة؟

ويرى عضو القيادة السياسية في حركة المبادرة الوطنية، سامر عنبتاوي، أن انتخابات الاتحاد العام لعمال فلسطين لا تعكس "توجهات الطبقة العاملة"، وتعزز كسابقاتها "نوعاً من البيروقراطية وغياب تمثيل العمال".

ويؤكد عنبتاوي أن النقابات "فقدت كثيراً من قوتها بعد أوسلو"، وقال: "كانت النقابة تمثل قوة مهمة، من خلال تمثيلها للعمال والانتخابات والأجواء الديمقراطية التي سادتها في تلك الفترة".

وحول أسباب الأزمة الحالية التي تعيشها النقابات، أوضح عنبتاوي أن "سيطرة السلطة على العمل النقابي هي أهم أسباب التراجع"، ويحمل الأحزاب اليسارية جانباً من المسؤولية، ويقول: "الأحزاب اليسارية تبحث عن مقعد أو مقعدين داخل الاتحاد، دون العمل الجدي على تمثيل الطبقة العاملة".

وتابع: "بعد أوسلو أيضاً سيطرت الطبقات الرأسمالية في فلسطين، وتراجع تمثيل العمال لصالح هذه الطبقات، كما أن غياب الانتخابات لكافة المؤسسات وعدم تجديد الشرعيات في التشريعي وغيره، عوامل ساهمت في ضعف النقابات".

ضعف النضال لصالح القضايا الاجتماعية

يتفق عنبتاوي مع الرأي القائل أن "النضال لصالح القضايا الاجتماعية ضعيف جداً مقارنة بغيره"، ويقول: "للأسف دائماً نعلق كل شيء على شماعة القضايا السياسية، رغم أننا مقصرون في النضال لصالح الوطن وفي سبيل العدالة الاجتماعية".

وأضاف: "الشعب الفلسطيني يواجه حرباً على وجوده لذلك فإنه بحاجة لتعزيز صموده عليها، والنضال لصالح العمال والفئات المهمشة يخدم هذه الفكرة والمشروع".

ويرى أن على العمال إقامة جمعيات وهيئات تمثل مصالحهم وتطرح مطالبهم في كل مكان خاصة على البرامج الانتخابية، وأضاف: "يجب خلق هيئات تكون ممثلة بشكل صادق وحقيقي لمصالح العمال الذين يشكلون نسبة كبيرة من مجتمعنا".


المحاصصة: تقتل العمل النقابي

من جانبها، طالبت مديرة جمعية المرأة العاملة في مكتب الشمال، سمر هواش، الأحزاب والتنظيمات السياسية الفلسطينية "لوقف حالة المحاصصة التي تعطل العمل النقابي".

وقالت إن "الطبقة العاملة كانت تلعب دوراً رئيسياً في المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي في الساحة الفلسطينية"، قبل أن "يموت هذا الدور حين شقت المحاصصة طريقها".

وطرحت هواش مجموعة من الأسئلة على خلفية الجدل حول انتخابات اتحاد عمال فلسطين: "إلى متى تبقى المحاصصة النقابية سيدة الموقف؟ كيف يمكن التعبير عن مصالح العمال والعاملات وأغلبهم خارج المشهد؟ إلى متى تزخر الهيئات النقابية بسياسيين أكثر منهم نقابيين ونقابيات؟ لماذا تتماهى الأحزاب واليسارية منها خاصة مع هذا المشهد؟ أين دور مؤسسات المجتمع المدني؟

"من يملك المال يملك السلطة"

وفي سياق متصل، قال الناشط في الحراكات المطلبية، عامر حمدان، إن "من يملك المال يملك السلطة"، حسب وصفه، واعتبر أن "إعادة الانتخابات بهذه الطريقة بعد سنوات طويلة من وجوده على رأس الاتحاد، يثير أسئلة كبيرة وشائكة".

وأضاف: "المؤتمر الذي انتخب خلاله شاهر سعد، لم يتم الإعلان عنه بشكل واسع وإنما في اللحظات الأخير علم الجميع بالخبر، وكان يجب أن تجري انتخابات فرعية للنقابات والاتحادات المشاركة فيه وليس بالطريقة التي جرت فيها الأمور".

وقال: "المشكلة الأساسية تبدأ من عند العمال، يجب أن يتحركوا لتنظيم أمورهم وأن يقودوا التغيير".

 المصدر: قدس الاخبارية