أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاق إسرائيل والمغرب على تطبيع علاقاتهما، وهو ما يجعل المغرب رابع دولة عربية تنحي جانبا معاداة إسرائيل خلال الأشهر الأربعة الماضية.
وفي إطار هذا الاتفاق أعلن ترامب أيضا اعترافه بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية الذي يشهد نزاعا إقليميا منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، وهي حركة انفصالية تسعى لإقامة دولة مستقلة في الإقليم.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن ترامب توصل للاتفاق في مكالمة هاتفية اليوم الخميس مع العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وكتب ترامب على تويتر “اختراق تاريخي آخر اليوم! اتفقت صديقتانا العظيمتان إسرائيل والمملكة المغربية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة – اختراق هائل للسلام في الشرق الأوسط!”.
وأضاف “وقعت اليوم إعلانا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. إن اقتراح المغرب الجاد والواقعي والجاد للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار!”.
وتابع ترامب “لقد اعترف المغرب بالولايات المتحدة عام 1777. ومن ثم فإنه من المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء الغربية”.
وبموجب الاتفاق، سيقيم المغرب علاقات دبلوماسية كاملة ويستأنف الاتصالات الرسمية مع إسرائيل ويسمح بعبور رحلات ووصول وقيام رحلات من إسرائيل وإليها لكل مواطنيه.
وقال مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر “سيقوم الطرفان بإعادة فتح مكاتب الاتصال في الرباط وتل أبيب على الفور بنية فتح سفارتين. سيعزز الطرفان التعاون الاقتصادي بين الشركات الإسرائيلية والمغربية”.
وتابع قائلا “حققت الإدارة (الأمريكية) اليوم خطوة تاريخية أخرى. الرئيس ترامب أبرم اتفاق سلام بين المغرب وإسرائيل في رابع اتفاق من نوعه بين إسرائيل ودولة عربية مسلمة في غضون أربعة أشهر”.
وقال البيان “من خلال هذه الخطوة التاريخية، يبني المغرب على الروابط الموجودة منذ فترة طويلة مع المجتمع اليهودي المغربي داخل البلاد وفي العالم بما في ذلك إسرائيل. هذه خطوة مهمة للأمام لشعبي إسرائيل والمغرب”.
وأضاف البيان “يعزز الاتفاق أمن إسرائيل بصورة أكبر ويخلق في الوقت نفسه فرصا للمغرب وإسرائيل لتعميق علاقاتهما الاقتصادية وتحسين حياة شعبيهما”.
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض عن المكالمة الهاتفية التي دارت بين ترامب وملك المغرب إن الرئيس الأمريكي “أكد مجددا دعمه لعرض المغرب الجاد والذي يتمتع بالمصداقية والواقعية الخاص بالحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع بشأن الصحراء الغربية”.
وأضاف البيان قائلا “وبناء على ذلك، يعترف الرئيس بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية بأكملها”.
المغرب
بدوره، عبر العاهل المغربي الملك محمد السادس لترامب “عن جزيل الشكر للولايات المتحدة” لموقفها من الصحراء الغربية وهي مستعمرة إسبانية سابقة تتنازع السيادة عليها منذ عقود الرباط وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وحول استئناف العلاقات مع إسرائيل، قال العاهل المغربي في بيان الصادر عن الديوان الملكي إن المملكة عازمة على “تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب”.
وأكد كذلك أن هذه التدابير “لا تمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط”.
وأضاف أن المغرب “يدعم حلا قائما على دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام، وأن المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تبقى هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع”.
وكان المغرب وإسرائيل أقاما مكتبي ارتباط في التسعينات في الرباط وتل أبيب لكنهما أغلقا في مطلع الألفية.
البوليساريو تأسف
من جهتها، أسفت جبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية “بشدة” لقرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على المنطقة. وقال ممثلها إن القرار الأمريكي “غريب لكن ليس مفاجئا”.
وتابع ممثل الجبهة في أوروبا “هذا (القرار) لن يغير قيد أنملة من حقيقة الصراع ومن حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير”. ومضى يقول إن البوليساريو ستواصل الكفاح.
نتنياهو يرحب
بدوره، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باتفاق التطبيع مع المغرب ووصفه بأنه “ضوء عظيم آخر للسلام”.
وفي كلمة متلفزة شكر نتنياهو العاهل المغربي على “العلاقة الحارة” بين البلدين.
وأضاف أن رحلات مباشرة سيتم تسييرها بين البلدين إضافة لفتح بعثات دبلوماسية.
الأمم المتحدة: لا تغيير في موقفنا
من جهتها، أكدت الأمم المتحدة أن موقف الأمين العام أنطونيو غوتيريش لم يتغير حيال الصحراء الغربية بعد القرار الأمريكي الاعتراف بالسيادة المغربية على هذه المنطقة.
وقال المتحدث ستيفان دوجاريك خلال مؤتمره الصحافي اليومي إن “غوتيريش “يرى (..) أنه لا يزال بالامكان التوصل إلى حل على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي”.
حماس: “خطيئة سياسية”
اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن قرار تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل “خطيئة سياسية، لا تخدم القضية الفلسطينية”.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم الحركة إن القرار “يشجع الاحتلال على تنكره لحقوق شعبنا”.
وانتقد الفلسطينيون اتفاقات التطبيع، وقالوا إن تلك الدول العربية وجهت ضربة لقضية السلام من خلال التخلي عن مطلب قائم منذ فترة طويلة بأن تتخلى إسرائيل عن الأراضي التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية قبل أن تحظى بالاعتراف.
ومن المقرر أن يترك ترامب المنصب في 20 يناير/ كانون الثاني وعلى ذلك قد يكون الاتفاق مع المغرب من آخر الاتفاقات التي يبرمها فريقه بقيادة كوشنر والمبعوث الأمريكي أفي بيركوفيتش قبل تسليم السلطة للإدارة المقبلة بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن.
وكانت القوة الدافعة، في معظمها، وراء إبرام تلك الاتفاقات هي تشكيل جبهة موحدة في مواجهة إيران وكبح نفوذها الإقليمي.
وحاول فريق ترامب إقناع السعودية بتوقيع اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل إنطلاقا من أن توقيع السعودية سيدفع دولا عربية أخرى لتحذو حذوها لكن السعوديين أبدوا عدم استعدادهم للخطوة.
وهناك احتمال بتحقيق انفراجة على صعيد آخر في الشرق الأوسط، إذ سافر كوشنر وفريقه الأسبوع الماضي للسعودية وقطر سعيا لإنهاء خلاف مستمر منذ ثلاث سنوات تقريبا بين الدوحة ودول في مجلس التعاون الخليجي.
وجرى التوصل لاتفاق مهم على هذا الصعيد لكن لم يتضح على الإطلاق إن كان ذلك سيفضي لإبرام اتفاق نهائي لإنهاء الحصار على قطر. وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية مع قطر وصلات التجارة والسفر منذ منتصف 2017.
وعلى الرغم من أن بايدن سيدير على الأرجح دفة السياسة الخارجية الأمريكية بعيدا عن الطريق الذي انتهجه ترامب بشعار “أمريكا أولا”، لكنه أشار إلى أنه سيواصل دعم ما وصفه ترامب باتفاقات إبراهام بين إسرائيل ودول عربية ومسلمة.
(وكالات)