كمال خلف
اللواء جبريل الرجوب أمين سر حركة فتح، وحامل ملف المصالحة وتوحيد الموقف الفلسطيني عاد أمس من القاهرة حيث عقد سلسلة اجتماعات مع قيادة حماس وممثليها الشيخ صالح العاروري وموسى أبو مرزوق وحسام بدران، ومن المنطقي تصوّر أن الرجل الجالس مع قادة حماس في القاهرة نزل عليه بيان القيادي في فتح حسين الشيخ إعادة العلاقة مع إسرائيل مثل برق شهر تشرين الثاني.
وفور وصوله إلى رام الله عقد الرجوب وروحي فتوح اجتماعا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن المؤكد ان الرجوب طرح مصير جهوده في رأب الصدع الفلسطيني بعد قرار السلطة اعادة العلاقة مع اسرائيل، وكان الجواب واضحا عبر عنه بيان صدر عن الرئاسة وقال ان المصالحة ومسار الحوار خيار استراتيجي تتمسك به قيادة فتح والسلطة. لابد ان هذا الموقف خفف من وطأة المفاجأة بالنسبة للرجوب. واعطاه امل مواصلة جهوده للحوار مع بقية القوى الفلسطينية.
لكن نتائج الحوار بين فتح وحماس في القاهرة وفق اغلب المصادر لم تكلل بالنجاح، إن لم نقل صراحة أن الاجتماع فشل، وهو ما أضعف موقف الرجوب أمام تيار آخر في فتح يمثله حسين الشيخ، ويقال أيضا اللواء ماجد فرج، وهذا التيار يقف ضد المصالحة مع حماس والحوار مع الفصائل ويدفع باتجاه إعادة الوضع على ما كان عليه، وفرملة كل إجراءات السلطة للرد على الصلف الإسرائيلي، وعودة العلاقة إلى دول التطبيع في الخليج وعودة التفاوض مع إسرائيل.
طريقة إخراج قرار السلطة بإعادة العلاقة مع إسرائيل كان أسوأ من القرار نفسه، واستعجال حسين الشيخ للإعلان وبهذه الطريقة المباشرة دون العودة الى اطر ومؤسسات الحركة أو اللجنة التنفيدية لمنظمة التحرير او اللجنة المركزية لحركة فتح، حيث سمع أغلب قادة فتح القرار من خلال الاعلام، ولم يكن لديهم أي جواب على الاتصالات التي انهالت عليهم من قادة الفصائل الفلسطينية للاستفسار حول ما يجري.
هذا الإخراج السيء لا يمكن تفسيره إلا استعجال صاحبه لتوجيه ضربة عاجلة وقاسمة لجهود الرجوب وتعطيل مسار المصالحة للأبد ضمن صراع داخل حركة فتح تتضارب فيه الرؤى والتوجّهات.
بالطبع لن يؤدّي ذلك إلى تفجّر صراع علني داخل فتح، فاللواء الرجوب لن يقف ضد قرار الرئيس محمود عباس مهما حصل، وإن كان التنفيذ للقرار اسوأ من القرار كما سبق الاشارة، وإن كان أضرّ القرار بجهوده بشكل مباشر ووضعه بموقف غاية في الحرج، ولكن والاهم ان امام الرجوب على الضفة الأخرى اليوم حملة عاصفة من قادة الفصائل الذين تحاور معهم ووصل معهم لاتفاقات وتفاهمات وقرارات مستقبلية، ولن تكون مهمته في استكمال المسار سهلة إن لم تكن مستحيلة، ولن يكون كافيا على الإطلاق إعلان الرئيس محمود عباس تمسّكه بمسار الحوار مع الفصائل ليستمر المسار كما كان.
وفي اتصال لـ”رأي اليوم” مع مصدر قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أكد المصدر أن قرار السلطة بإعادة العلاقة مع إسرائيل يتطلّب موقف حاسم من الفصائل، وأن الجبهة لن تعود إلى مسار الحوار طالما أن قيادة السلطة تتّخذ قرارات مصيرية تخص الشعب الفلسطيني بشكل منفرد وبصورة تضر بمصالح الشعب الفلسطيني وصموده.
واعتبر المصدر أن الحوارات والاجتماعات التي جرت في دمشق وإسطنبول والدوحة والقاهرة لم تكن سوى مناورة من الرئيس محمود عباس لكسب الوقت إلى حين اتضاح نتائج الانتخابات الأمريكية، مؤكدا بأن الجبهة معنية بمُصارحة الشعب الفلسطيني بهذه الحقائق.
يقف اللواء الرجوب بين نارين من داخل الحركة ومن جانب الفصائل، هو سيعلن بالتأكيد بأنه عازم على مواصلة المسار والالتزام بالاتفاقات والمواعيد التي تم التوافق عليها، ولكن قد يضطر في النهاية إلى التخلّي عن ذلك في ظل ظروف لم تعد مُوَاتية لاستكمال الجهود
رأي اليوم