2024-11-25 10:50 م

مملكة خليفة بن زايد العقارية في لندن قيمتها 5.5 مليار جنيه استرليني

2020-10-18
كشفت صحيفة “الغارديان” عن ثروة الشيخ خليفة بن زايد آل النهيان في لندن والتي قدرتها بخمسة مليارات جنيه استرليني.
وقال هاري ديفيز إن رئيس دولة الإمارات يملك مجموعة كبيرة من العقارات تغطي معظم أحياء لندن الراقية. وبدأ بالقول إن صف البيوت التي أقيمت في الستينات من القرن الماضي بحدائقها غير المشذبة في منطقة ريتشموند أبون تيمز لا يجمعها على ما يبدو الكثير مع سفارة الإكوادور التي اختبأ فيها جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس 7 أعوام والتي لا تبعد الكثير عن متجر هارودز.
فالمناطق السكنية المتواضعة في الضواحي لا يجمعها الكثير مع المكان الذي ولدت فيه الملكة في وسط لندن أو مطعم المأكولات البحرية “سيكسي فيش” حيث يجلس الزبائن وسط أعمال الفنان ديميان هيرست. ولكن العقارات كلها جزء من امبراطورية بقيمة 5.5 مليار جنيه تعود إلى حاكم الإمارات. ورغم عناوينها الواضحة إلا أن ملكية المجموعات ظلت محاطة بالسرية. وقال مصدر مقرب من تجارة وأعمال الشيخ خليفة: “تم إنشاؤها بطريقة سرية ومن خلال صفقات مخفية نوعا ما وعلى مدى سنوات عدة”. ولكن وثائق محكمة مسربة وتحليل لها أعطت “الغارديان” الفرصة لتحديد ملكية الشيخ خليفة للعقارات في بريطانيا وكيف أصبح حاكم دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب عقارات مهم في لندن. وتبدو مملكة الشيخ خليفة واسعة وتتفوق على ما يبدو على دوق ويستمنستر، الملياردير الأرستقراطي البالغ من العمر29 عاما ويملك مساحات شاسعة من لندن. وتمتد مملكة الشيخ خليفة العقارية بيوتا وعقارات في أحياء لندن الباهظة الثمن، وتشمل على عقارات تجارية وسكنية “باهظة الثمن”. فالشقق التي يملكها في مجمعات سكنية راقية يصل سعر الواحدة منها في السوق إلى 20 مليون جنيه استرليني. مثل بناية “تايم لايف” في نيوبوند ستريت، لندن. واشتراها عام 2005 وهي مصنفة بفئة 2 وتعود لمنتصف القرن الماضي وكانت مقرا لنشر “تايم لايف” وفيها اليوم عدد من المحلات منها شركة الأزياء الفرنسية “هيرميس”. وهناك بناية “بيركلي سكوير هاوس”التي اشتراها عام 2003 وهي عبارة عن مجمع ضخم للمكاتب. وفيه مكاتب فيراري وبنتلي وعدد من المطاعم التي يرتادها النجوم مثل سيكسي فيش والذي تحتوي قائمة الطعام على الستيك الياباني واغيو الذي يباع 30 غراما منه بـ 105 جنيها. وكافيار بـ 210 جنيها. ويملك الشيخ خليفة “وان كينزنغتون غاردنز” واشتراه في 2008 وهو عبارة عن مجمع شقق من تسعة طوابق وصممه المعماري البريطاني المعروف سير ديفيد تشيبرفيلد، وتباع الوحدة السكنية فيها بين 18-29 مليون جنيه استرليني. وكذا “3 هانز كريسنت” في نايتسبريدج- لندن واشتراه في عام 2018. وهو قريب من متجر هارودز واشترت فيه العائلة الإماراتية المالكة ومنذ السبعينات سلسلة من الشقق ثم اشترت شركة مرتبطة بالشيخ خليفة كل البناء عام 2018.
وتكشف وثائق المحكمة الكيفية التي استطاع بها الشيخ خليفة بناء امبراطورية عقارية بدون أن يلاحظ أحد ويسكن فيها أكثر من 1.000 مستأجر.
والسبب كما تقول الصحيفة هي بنية من الشركات الوهمية التي أنشئت في الخارج وأدارتها شركات قانونية في لندن. وكشف عن مملكة الشيخ خليفة العقارية في لندن ولأول مرة عندما نشرت الصحيفة تقاريرا عن أوراق بنما عام 2016 وقدمت صورة عن امتلاك حاكم الإمارات عقارات في لندن بقيمة 1.2 مليار جنيه استرليني. لكن الأوراق التي اطلعت عليها الصحيفة تشير إلى أن حجم المملكة العقارية هو أكبر بخمسة أضعاف. ففي عام 2005 فقط أنفق الشيخ خليفة مليار جنيه حسب أوراق المحكمة. وبحلول 2015 كبرت قائمة العقارات إلى قيمة 5.5 مليار جنيه استرليني وبدخل سنوي 160 مليون جنيه. وفي تحليل لسجل الأراضي كشف أن العقارات التجارية والخاصة التي تعود للشيخ خليفة تشتمل على 170 عقار. وتتراوح من قصر معزول في ريتشموند بارك إلى مجمعات كبيرة في أحياء لندن الراقية استأجرتها فيها بنوك ومحافظ وقائية.
وتقول الصحيفة “لا شيء هناك يقترح ارتكاب خطأ وامتلاك عقارات في لندن من خلال شركات خارجية يعتبر قانونيا. ولكن الحكومة البريطانية ملتزمة باعتماد سجل للشركات العاملة وراء البحار التي تملك عقارات في بريطانيا لجعل السوق أكثر شفافية ومواجهة الفساد”.
ولم يرد الشيخ خليفة على طلبات الغارديان المتكررة للتعليق. لكن عقارات الشيخ خليفة محل خلاف أمام المحكمة. وفي بداية العام استمعت المحكمة إلى أن الشيخ ركب مخازن ملأها بمياه ايفيان في قصره الذي يعود إلى القرن الثامن عشر بيونسر. ولكن التفاصيل عن أسلوب حياته الباذخ غطت عليها المزاعم من أن الشيخ خليفة الذي أصيب بجلطة عام 2014 ثم أعيد انتخابه في 2019 أصبح “عاجزا عقليا” وهي مزاعم نفاها المحامون عنه.
ويقول المحامون عن الشركة التي أدارت عقاراته في السابق “لانسر” إن المصادقة على بعض الدفعات المالية المستحقة تمت في الوقت الذي سيطر فيه أعضاء العائلة على أرصدته. وقدم محامو لانسر وثائق تظهر أن السيطرة على أرصدته تم تحويلها عام 2015 إلى لجنة خاصة. وتم الكشف عن الوثيقة في الموقع الاستقصائي “ساراواك” واطلعت عليها “الغارديان” ويبدو أنها عينت أخوه غير الشقيق منصور بن زايد آل نهيان كرئيس للجنة. مما يقترح أن بعض العقارات المهمة في لندن هي في يد مالك مانشستر سيتي. ونفى المحامون الذين يمثلون الشيخ خليفة أنه تخلى عن التحكم بأرصدته. وتشير الوثيقة المختومة أن الذي وقع عليها هو الشيخ خليفة لكن التوقيع يبدو أنه لأخيه محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات.
ومنذ التسعينات من القرن الماضي كانت عقارات الشيخ خليفة تدار من عمارة مكونة من سبعة طوابق تطل على فندق دورشستر في لندن بمنطقة مي فير. وقال شخص مطلع على عقارات الشيخ أن البناية تبدو في حالة رثة ولكن هذا مقصود ففيها شركة سرية وهي هولباين أنستالت في ليختنشتاين التي تدير الشؤون الخاصة للعائلة الحاكمة في أبو ظبي. وبدأت الشركة بمتابعة مصالح خليفة ووالده الشيخ زايد منذ السبعينات من القرن الماضي وكذا تقديم الخدمات لها، حسب ثلاثة مصادر. وبحسب موظف سابق وكان عملها يضم إرسال المشتريات من هارودز إلى أبو ظبي و”كان لديهم طائرة تنقل كل ما يريدونه”. وفي التسعينات من القرن الماضي بدأ الشيخ خليفة ببناء ممتلكاته العقارية والتجارية المنفصلة ومن مكاتب في شرق لندن وريدينغ. وبناء على نصيحة لانسر اشترى خليفة عددا من العقارات بما فيها مبنى بـ 450 مليون من صندوق التقاعد في شركة النفط البريطانية بي بي، في الفترة ما بين 1997 – 2001. وضمت ممتلكات الشيخ خليفة جوهرة عقارات في بيركلي سكوير بمي فير و 95 بناية حولها بعقود ملكية عقارية مطلقة. وهو ما جعل الشيخ خليفة مالكا وبشكل فعلي لشارع كامل، وهو بيرتون بالاس. وأضاف إلى قائمة ممتلكاته عددا من العناوين المهمة في مي فير مثل أقدم محل لبيع سيارات بنتلي ونادي أنابيل الليلي.
وشملت عمليات شراء أخرى عددا من المواقع المهمة بما فيها مراكز الشركة العالمية غلينكور وتايم لايف في نيوبوند ستريت. واشترى خليفة منطقة سكنية راقية في نايتسبريدج وويستمنستر وكينزنغتون.
وبحلول 2015 أصبحت مملكة الشيخ خليفة العقارية منافسة “للعقارات العظيمة” وهي منطقة في العاصمة تملكها ولقرون عائلات أرستقراطية. وفي ذلك العام كانت قيمة عقارات الشيخ خليفة بعد قيمة العقارات التابعة التاج الملكي وأعلى من قيمة عقارات غروسنفر في لندن. وتكشف وثائق الشركات أن ممتلكات الشيخ خليفة أدرت دخلا في 2015 أكثر من دخل ممتلكات غروسنفر، كادوغان ودي ويلدن. ورغم حجم الممتلكات العقارية إلا أن هوية المالك تم التحفظ عليها ولعقود. وتمت إدارة التجارة عبر سلسلة من الشركات في بريتش فيرجين أيلاندز وأشرف عليها عدد مختار من الوسطاء بمن فيهم شركات محاماة معروفة مثل أيفرشيبدز وفوكس ويليامز. وكان المستشارون والمحامون حذرين في الإشارة إلى رئيس الإمارات واكتفوا بـ “العميل”. وقال متحدث باسم لانسر إن كل العقارات تم شراؤها بطريقة قانونية. وقالت ايفرشيدز إنها تعاملت و “بدقة” بناء على المعايير القانونية وطوال الوقت”. وقالت ويليام فوكس إنها التزمت بأعلى معايير المهنة المتوقعة منا من المنظم والعميل. وظل المال يتدفق من أبو ظبي لشراء العقارات في المناطق الرئيسية بسبب ضعف الجنيه. لكن كوفيد-19 قلب كل هذا. وبدأ الأثر يظهر على ممتلكات الشيخ خليفة التي تديرها اليوم شركة مقرها في أبو ظبي وهي إي دي أف جي. وأغلق محل لبيتزا اكسبرس في بيرتون بالاس ولن يفتح من جديد. وفي زاوية الشارع أعلنت شركة ويليام أند صن التي ظلت توفر ولعقود كل شيء من البنادق والفضيات.
“القدس العربي”