هذه المرحلة تتطلب وضوحا وصراحة، بعيدا عن التمويه والضبابية والمكابرة وتستدعي خروجا من دائرة الانتظار القاتلة الى وضع استراتيجية دقيقة سليمة، لا تقترب منها الأيدي الخبيثة التي امتهنت الاختراق والارتباط وسيطر عليها العجز والفشل.
مطلوب اليوم، اعادة بناء هيكلية جديدة للعلاقات مع كافة الدول بما يخدم المصالح الفلسطينية، دون الانزلاق الى هذا المحور أو الانجرار وراء ذاك التحالف، حتى لا تضيع القضية تحت اقدام المتصارعين، مع التوقف عن الوثوق بطارحي الوعود ودعاة الانتظار، حتى لا يتعمق التراجع ويتجذر الفشل، ويتفشى سوء الاداء الذي كان احد أسباب عدم تحقيق النجاحات، وهذا يتطلب تغييرا للادوات وكسرا للاحتكار في مؤسسات الدولة على اختلافها.
ان الانقياد وراء هذه الدولة وتلك أوصلنا الى ما نحن فيه من تخبط، ومراجعة لمواقف القيادة الفلسطينية نجد أنها أخطأت الكثير فيما يتعلق بعلاقاتها على الصعيدين الاقليمي والدولي والمحيط العربي بشكل خاص.
لقد وقفت القيادة الفلسطينية الى جانب الدول الخليجية الراعية للارهاب، واقتربت من مواقف هذه الدول ازاء الحرب البربرية على اليمن، والحرب الارهابية في سوريا، والموافقة على القرار الذي اتخذته الجامعة العربية بشن الحرب على ليبيا، ولم تتحفظ القيادة الفلسطينية على قرار ادراج حزب الله على قائمة الارهاب، ونظرت الى ايران كعدو رغم معارضة طهران لكل ما يمس قدسية القضية الفلسطينية.
هذه الدول الخليجية المسيطرة على الجامعة العربية والمتحكمة في قراراتها غدرت بشعب فلسطين وها هي تغذ الخطى لتصفية قضيته، رغم وقوف القيادة الفلسطينية الى جانب سياساتها البغيضة الارهابية، التي أوقعت الأمة في بلاء عظيم.
من هنا، القيادة الفلسطينية مدعوة الى وضع استراتيجية سليمة، تتضمن كل ما يمكنه حماية القضية من مخططات التصفية على أيدي هذه الدول، وهي الأدوات في اليد الصهيونية الأمريكية، استراتيجية تتضمن ايضا اعادة تقييم العلاقات الفلسطينية مع هذه الدول وغيرها، وعدم السير في ركابها، أو السماح لها باستخدام فلسطين في حروبها وصراعاتها، وكذلك اخراج كل الخيارات المتاحة واستخدامها في المواجهة المفروضة على هذا الشعب، الذي يطعن يوميا وفي كل لحظة.