2024-11-25 11:44 م

السلطة الفلسطينية تعيش في مفترق طرق تاريخي

2020-06-11
على الرغم من المعارضة والتحذيرات العالمية من المؤامرة الصهيونية الجديدة لضم الضفة الغربية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" يوم الأحد الماضي، أنه سوف يتسلم جميع المستوطنات الصهيونية التي تم بناؤها قبل عدة أشهر بحلول بداية الشهر المقبل. كما ادعى "نتنياهو" أن احتلال أراض فلسطينية أخرى على الضفة الغربية لنهر الأردن، الذي ظل قيد المناقشة لقرون، سيستغرق وقتًا أطول ولن يكون ممكنًا حتى بداية يوليو القادم.

ضرورة تبني استراتيجية وطنية ضد خطة الكيان الصهيوني

نظراً لاستعداد الكيان الصهيوني لبدء عملية ضم 30% من الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة، فإنه من الضروري أن تتبنى جميع الجماعات الفلسطينية استراتيجية مشتركة ووطنية أكثر من أي وقت مضى. وفي هذا الصدد ، قدمت جماعات المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي مقترحات لحركة "فتح" لتبني استراتيجية وتعيين قيادة وطنية مشتركة. وهنا يرى العديد من الخبراء السياسيين أن السلطة الفلسطينية تعيش هذه الايام في مأزقًا سياسيًا واقتصاديًا وذلك عقب إعلان الكيان الصهيوني عن خططه التوسعية للنظام الصهيوني، ويبدو أن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق، هو قبول اقتراح حركة "حماس" والجهاد الإسلامي لتشكيل قيادة وطنية مشتركة لمواجهة الكيان الإسرائيلي واتخاذ إجراءات عملية ضده. وإنها خطة هذا الكيان الغاصب التوسعية.

في الواقع، فإنه بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية العديدة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، والتي دفعتها إلى حافة الإفلاس، فهي الان غير قادرة سياسياً على منع الكيان الصهيوني من تنفيذ خطة الضم، ويبدو أن موقفها بقطع تعاونها الأمني مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، لن يكون له تأثير على القرار الذي اتخذه هذا الكيان الغاصب بضم أجزاء من الضفة الغربية. لذلك، إذا لم تُظهر هذه السلطة الفلسطينية الإرادة القوية لمعارضة خطة الضم الصهيونية، فسوف تصل في نهاية المطاف بلا شك إلى طريق مسدود، وبالتالي لن يكون لها مستقبل مشرق.

وفي هذه الأثناء، يبدو أن اقتراح حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي لحركة "فتح" لتشكيل قيادة وطنية مشتركة لمواجهة جميع مؤامرات الكيان الصهيوني، سيوفر لـ"محمود عباس" فرصة جيدة لإنقاذ السلطة الفلسطينية من الطريق المسدود الذي وصلت إليه مؤخراً؛ لأنه بقبول هذا الاقتراح، سيتمكن "محمود عباس" من تحسِّين الوزن السياسي للسلطة الفلسطينية، التي قل دورها بشكل كبير خلال الفترة الماضية في المعادلات الفلسطينية، وهذا القبول أيضا سوف يعزز  مكانة حركة "فتح" وسوف يعيد رونقها في هذه اللحظة التاريخية بين الجمهور الفلسطيني. ومما لا شك فيه أن جميع الفلسطينيين، بما في ذلك سكان قطاع غزة والضفة الغربية، يتخذون اليوم إجراءات أكثر جدية من أي وقت مضى، وبالنظر إلى نتائج التسوية وخيارات المقاومة ضد الكيان الصهيوني، فإنه من المتوقع أن تدخل جميع الفصائل الفلسطينية المختلفة في صراعات مستقبلة مع الكيان الصهيوني الغاصب. لكن حركة "فتح" لم تستجب بعد للاقتراح وما زالت تقاوم عمليات الضغط من قبل الشعب والجماعات الفلسطينية.

الجدير بالذكر، أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "إسماعيل هنية"، دعا يوم أمس الإثنين، إلى بناء استراتيجية وطنية متكاملة مكونة من 4 محاور، بهدف مواجهة الأخطار والتحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية. جاء ذلك خلال مداخلة في الندوة السياسية الإلكترونية "من النكبة إلى النكسة.. العودة القرار والخيار"، داعيًا في أولى عناصر استراتيجيته إلى الاتفاق على برنامج وطني متوافق عليه خارج اتفاقية أوسلو، وإنهاء العمل نهائيًا باتفاقية أوسلو وملحقاتها الأمنية والاقتصادية. وفي العنصر الثاني من الاستراتيجية، طالب بالعمل على إطلاق مشروع المقاومة الشاملة ضد الاحتلال، المقاومة الشعبية والجماهيرية والإعلامية والسياسية والاقتصادية، وعلى رأسها المقاومة المسلحة. كما أشار "هنية" إلى أن العنصر الثالث يتمثل في الاتفاق على إعادة بناء منظمة التحرير لتضم كل الفصائل الوطنية والإسلامية، ولتشكل القيادة الناظمة للشعب الفلسطيني، لأن المنظمة بوضعها الحالي ومسارها الحالي شبه معطلة، ولا يمكن أنْ نعتبر جسم المنظمة بعافية ما دامت هي بهذا الوضع. وأوضح "أننا لا ندعو إلى إيجاد بديل للمنظمة، لكن لا نقبل استمرار اختطاف منظمة التحرير تحت عنوان الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، مشددًا على أن العنصر الرابع يتمثل في بناء كتلة إقليمية ببعدها العربي والإسلامي تشكل شبكة أمان للموقف الفلسطيني القائم على التمسك بالثوابت.

وشدد "هنية" على أنه في ظل التحديات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، هناك 3 مشتركات بيننا وبين الأردن، لافتًا إلى أن المشترك الأول يتمثل في أن تداعيات النكبة والنكسة التي عانت منها فلسطين كان لها تداعياتها وآثار على الأردن الشقيق.وأشار إلى أن المشترك الثاني هو أن التهديدات الإستراتيجية التي تمر بها القضية الفلسطينية هي التهديدات الاستراتيجية ذاتها التي تعيشها المملكة الأردنية الهاشمية، مبينًا أن المشترك الثالث يتمثل في الموقف الثابت فلسطينيًا وأردنيًا التي ترفض صفقة القرن وخطة التوطين والتنازل عن الحقوق الوطنية الفلسطينية. وأكد "هنية" على أن خطة الضم الصهيونية تهدد الأردن كما تهدد فلسطين والعديد من دول الجوار لفلسطين، مضيفًا: لكن الأردن في عين العاصفة كما هي القضية الفلسطينية، لافتًا إلى أننا نتحدث عن مشروع صهيوني مدعوم أمريكيًا قائم على نظرية بائسة وهي التوطين والوطن البديل والقدس عاصمة موحدة للكيان.

دعم الغرب للكيان الصهيوني

لقد أظهرت السياسات الغربية تجاه القضية الفلسطينية بالفعل أن الحكومات الغربية تتماشى بشكل عام مع سياسات الكيان الصهيوني، ونظراً لإنتشار "لوبي" هذا الكيان الواسع والقوي في العواصم الغربية، فإن الحكومات الأوروبية المختلفة لم تنتقد سياسة الاستيطان الإسرائيلية، وهذا الامر يؤكد عدم صدق هذه الحكومات تجاه القضية الفلسطينية، وأنهم يقدمون الكثير من المساعدات من وراء الكواليس لتحقيق أهداف هذا النظام الغاصب. ومن ناحية أخرى، فإن السياسات الإعلامية التي تنتهجها تلك الدول الغربية، يدين في بعض الاحيان خطط الاستيطان التي يقوم بها الكيان الصهيوني وهذا الامر يرجع لسببين هامين يتمثلان في حفظ مكانة الحكومات الغربية وخوفها من الاحتجاجات الفلسطينية والصراعات المسلحة التي يقوم بها أبطال المقاومة ضد الكيان الصهيوني.

وبناء على ذلك، لا يمكن للفصائل الفلسطينية، تحت أي ظرف من الظروف، الاعتماد على المظاهر السياسية للحكومات الغربية ومواقفها ضد خطط الكيان الصهيوني والدخول في حوار وتفاعل معها بهدف الضغط على قادة "تل أبيب" ومنعهم من من تنفيذ خططهم التوسعية. وفي الوقت نفسه، فإن انسحاب الفصائل الفلسطينية من المقاومة والانخراط مع الغرب لزيادة الضغط على الكيان الصهيوني، لن يمنع هذا الكيان الغاصب من تنفيذ خططه فحسب، بل سيوفر أيضًا له وقتًا جيدًا لتحقيق أهدافه الخبيثة، كما يعفي الأوروبيين من الإدانة اللفظية للصهاينة، لأن الغرب سيضمن عدم وجود خيار للمقاومة.

الخلاصة

بشكل عام، يبدو أن الجماعات الفلسطينية ليس لديها خيار فعّال في هذه اللحظة التاريخية، سوى الاستمرار في مقاومة الكيان الصهيوني، والقبول بالخطط المقترحة من قبل حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، وذلك من أجل توفير العيش الكريم لأبناء الشعب الفلسطيني،. ولهذا فإنه ينبغي على رئيس السلطة الفلسطنية "محمود عباس" القبول بهذه الخطة لإنقاذ السلطة الفلسطينية من المأزق الذي تعيش فيها حالياً. وفي الوقت نفسه، وبالنظر إلى سجل الإجراءات والمواقف الغربية تجاه القضية الفلسطينية والاختلاف الواضح بين مواقفهم وأفعالهم في هذا الصدد، فإن الاعتماد على الحوار مع الغرب للضغط على الكيان الصهيوني يبدو غير منطقي تمامًا.
(الوقت الاخباري)