محمد أبو رزق
تقدموا الصفوف الأولى في المستشفيات الأوروبية والأمريكية، وقدموا خبرتهم الطبية في علاج المصابين بفيروس "كورونا" المستجد، وتوفي العديد منهم من جراء انتقال العدوى لهم، إنهم الأطباء العرب والمسلمون في الدول الأوروبية.
ولم تمنع حالة الرعب من انتقال عدوى فيروس كورونا الآلاف من الأطباء العرب المقيمين في أوروبا من أداء واجبهم الأخلاقي والإنساني والقانوني، والبقاء على رأس عملهم ساعات طويلة للتصدي للمرض، الذي تسبب حتى الآن في مقتل عشرات آلاف الأشخاص وإصابة مئات آلاف آخرين.
وتوفي 4 أطباء عرب ومسلمين نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا، وهم طبيبان سودانيان وباكستاني في بريطانيا، وآخر مصري في الولايات المتحدة، أثناء قيامهم بواجبهم المهني في علاج المصابين من المرض بالمستشفيات التي يعملون بها.
ومن بين هؤلاء الأطباء الذين لقوا مصرعهم أثناء عملهم الطبيب عادل الطيار (63 عاماً)، اختصاصي زراعة أعضاء من السودان، وهو أول جراح يعمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية يموت في المملكة المتحدة بسبب كورونا، حسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وقضى الطيار آخر أيامه في العناية المركزة، وكان ماهراً ويمنح هدية الحياة للعديد من الأشخاص، حسب حديث ابن عمه الطبيب هاشم للصحافة البريطانية.
كما قالت المذيعة البريطانية من أصل سوداني زينب البدوي: إن "الطيار تطوع ليكون في الخطوط الأمامية لمحاربة فيروس كورونا لكنه في النهاية دفع حياته ثمناً لذلك".
أما الطبيب الثاني فهو أمجد الحوراني (51 عاماً)، توفي السبت الماضي في مستشفى ليستر الملكي، وذلك إثر إصابته بكورونا وخضوعه للعلاج خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب صحيفة "التايمز".
والحوراني (سوداني الأصل) اختصاصي أذن وأنف وحنجرة، كان في الخطوط الأمامية لمواجهة كورونا، حيث انتقل إليه الفيروس على ما يبدو من المرضى الذين كان يعالجهم، وفق الصحيفة نفسها.
المدير التنفيذي للمستشفى الجامعي، ديربي أند بورتون، عبّر عن حزنه لوفاة الطبيب الحوراني، مؤكداً أنه كان من أكثر الأشخاص تفانياً في عملهم، "ومثابراً لأقصى درجة"، بحسب بلاغ أصدره المشفى ينعى فيه الطبيب.
وكان الحوراني، حسب المدير التنفيذي للمستشفى، محبوباً من الجميع ويحظى بثقة الفريق الطبي الذي كان يعمل معه، كما أنه كان يتولى التنسيق بين مستشفيات المنطقة، ويقدم الدعم الضروري لفريقين طبيين للعمل معاً في مواجهة كورونا.
ولم يكن الطبيب الراحل، كما يقول المدير التنفيذي، "يتأخر أبداً في تقديم المساعدة لزملائه في قسم الأذن والأنف والحنجرة، مما جعله شخصية معروفة بين الكثير من الأقسام الطبية".
وعن علاقته بالمرضى، أكد البيان الصادر عن هيئة الأطباء في المستشفى الذي كان يعمل فيه الطبيب الحوراني، أن الراحل كان يقدم كل ما لديه لعلاج المرضى، وكان صاحب روح مبادرة، وساهم أكثر من مرة في جمع المساعدات للمستشفى، وتطوع مرة لتسلق جبال الهمالايا في مبادرة لجمع التبرعات بغرض المساعدة الطبية.
والطبيب الثالث هو حبيب زيدي، باكستاني الأصل (76 عاماً)، توفي حين كان في العناية المشددة بمستشفى ساوث إند، بإسكس، وذلك بعد 24 ساعة من نقله للمستشفى في 24 مارس الفائت، وفق "بي بي سي".
كذلك، أعلنت السلطات الأمريكية وفاة الطبيب المصري أشرف عبده الذي يعمل في أحد مستشفيات نيويورك، وعمره ستون عاماً تقريباً، ويقيم في الولايات المتحدة منذ 20 عاماً.
وحتى كتابة هذه السطور تجاوزت حصيلة الوفيات من جراء فيروس كورونا، عالمياً، 47 ألفاً، منها نحو 26 ألفاً في أوروبا، وتتصدر إيطاليا قائمة الدول الأكثر تسجيلاً للوفيات؛ حيث أحصت 11 ألفاً و591 وفاة، تليها إسبانيا بـ7340 وفاة، وتعافى أكثر من 160 ألف مصاب في أنحاء العالم.
دعم النظام الصحي
عضو الهيئة الإدارية في اتحاد الأطباء العرب في أوروبا رئيس اتحاد الأطباء العرب في أوكرانيا، الخبير في منظمة الصحة العالمية، رائد أبو شمسية، يؤكد أن الأطباء العرب العاملين في مستشفيات أوروبا يتقدمون خطوط الدفاع الأولى لعلاج المصابين بجائحة فيروس كورونا المستجد.
ويساهم الأطباء العرب في أوروبا، حسب حديث أبو شمسية لـ"الخليج أونلاين"، في إسناد النظام الصحي الأوروبي بشكل كبير لمواجهة جائحة فيروس كورونا، حيث يعمل الآلاف من الأطباء في المستشفيات والأماكن الصحية المختلفة.
ويقدم الأطباء العرب في أوروبا، كما يؤكد أبو شمسية، إلى جانب الخدمات الصحية والعلاج لمصابي فيروس كورونا، الاستشارات العملية للحكومات، والأبحاث العلمية، وإجراء الاختبارات للوصول إلى لقاح للمرض القاتل.
ولدى الأطباء العرب، كما يؤكد عضو الهيئة الإدارية في اتحاد الأطباء العرب في أوروبا، اكتشافات وبراءات اختراع، إضافة إلى أن عدداً منهم رؤساء مستشفيات وأقسام، ومدرسون في الجامعات.
وحول وفاة 4 أطباء عرب ومسلمين أثناء تأديتهم عملهم في المستشفيات الأوروبية، يقول أبو شمسية: "أقسمنا أن نؤدي عملنا بأمانة، والخدمة الإنسانية في جميع الظروف، ووفاة زملائنا إثر فيروس كورونا يزيدنا صلابة أن نبقى موجودين في مواجهة الفيروس ونعالج الناس وسننقذ حياتهم، وسنؤدي واجبنا".
"ولا يمكن للأطباء العرب في أوروبا التراجع إلى الوراء في ظل الانتشار الكبير للفيروس ووصوله إلى حالة الذروة، بل عملهم يزداد، ووصلتنا رسائل من أطباء متقاعدين وطلبة كليات الطب في جامعات أوروبا أبدوا فيها استعدادهم العمل والقيام بواجبهم لمواجهة الفيروس"، يقول أبو شمسية.
وحصل الأطباء العرب في المستشفيات الأوروبية، كما يوضح أبو شمسية لـ"الخليج أونلاين"، على الملابس الواقية من الفيروس، والكمامات الطبية التي تغيِّر كل ثلاث ساعات، والنظارات الطبية، وذلك لحمايتهم من انتقال العدوى.
وشكل الاتحاد، وفق أبو شمسية، لجنة تتكون من 5 من أعضائه في مختلف مناطق أوروبا، تكون مهمتها تقديم الاستشارات الطبية المجانية بالهاتف للجاليات العربية داخل أوروبا، وتوزيع المساعدات الغذائية وإيصالها إلى بيوتهم.
الخليج أونلاين