سلسلة من التقارير تتناول البعد الدبلوماسي والعلاقات الدولية تحاول مجلة (الساحة) لشؤون الدبلوماسية والعلاقات الدولية التي تصدر عن معهد الدبلوماسية الدولية في مركز هرتسليا متعدد المجالات، أن تتوقع من خلالها وضع قراءة لمستقبل المنطقة والعالم بعد إنتهاء وانحسار وباء الكورونا. التقرير الاول في هذه السلسلة يتناول نجاح الصين في محاصرة فيروس كورونا ووقف انتشاره داخل الصين، وما تقوم به الدبلوماسية الصينية حاليا من تقديم مساعدات طبية للعديد من دول العالم في وقت يواصل فيه السياسيون الصينيون وعبر منصات الاعلام المختلفة وبشكل خاص الاعلام الالكتروني مهاجمة الرئيس الامريكي دونالد ترامب على تردده وتباطؤه في الاستعداد الوقائي لمواجهة هذا الفيروس، وتحاول الصين من خلال هذه الخطوات التأكيد على "الانغلاق والانطواء الامريكي" وتراجع واشنطن كزعيمة للعالم الحر. ويقول التقرير: "يتضح سريعا ان وباء كورونا هو مرحلة جديدة في الصراع الطويل بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة العالمية، والقيادة الصينية ادركت سريعا أن عليها ليس فقط التأثير الايجابي على الرأي العام داخل الصين، وانما ايضا على الرأي العام العالمي، ولهذا السبب وعلى عكس ما شهدناها طوال الاشهر الماضي من حرب امريكية صينية اطارها الحرب التجارية بين البلدين، فان بكين تركز مجهودها في هذه الايام وبشكل اساس في "الحلبة الاعلامية" وتبذل مجهودها كبيرا لتسجيل النقاط لصالحها في مواجهة واشنطن....
...... ويقول التقرير أن الطرفين الصيني والامريكي يحاولان اللجوء الى نشر نظريات وشائعات بشأن مصدر هذا الوباء، وهذا الامر كان بالامكان ملاحظته في تصريحات الرئيس الامريكي ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو عندما وصفا هذا الوباء بـ (الفيروس الصيني) او (فيروس ووهان)، وتسريبات اخرى تتحدث عن ان هذا الفيروس هو نتيجة لتسرب جرى في احدى معامل الاسلحة البيولوجية الصينية في ووهان. المسؤولون الصينيون يدعون بدورهم ان ليس هناك ما يثبت بأن مصدر هذا الفيروس هو الصين، وانه هناك فرضية محتملة بأن الجيش الامريكي هو المسؤول عن ايصال هذا الفيروس الى ووهان، كما أن وسائل الاعلام الصينية الرسمية تحدثت في الاونة الاخيرة عن فرضية اخرى بأن مصدر الفيروس هو ايطاليا وان حالات تم الكشف عنها في هذا البلد الاوروبي قبل ان ينتشر الفيروس في الصين. وطريقة اخرى تتبعها الصين لاعادة تحسين صورتها في العالم مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي، هي عبر التركيز على نجاح الصين في محاصرة هذا الفيروس والتغلب عليه وفي نفس الوقت تسليط الضوء على الفشل الامريكي، وتحاول الصين هنا ان تؤكد للعالم بانها قدمت الكثير من التضحيات في سبيل التغلب على هذا الوباء وانها اليوم باتت على استعداد لتقديم المساعدة لباقي دول العالم ونجدتها في القضاء على انتشار فيروس كورونا.
ويقول التقرير أن ساحات الدول الاوروبية التي تعاني من فيروس كورونا، باتت اليوم ساحة للمواجهة بين امريكا والصين، كما كان الحال عليه في الحرب التجارية بين امريكا والصين حيث شكلت ساحات الدول الاوروبية مكان مواجهة حقيقية في كل ما يتعلق بالتكنولوجيا الصينية وبشكل خاص تكنولوجيا الجيل الخامس ومحاولات امريكا دفع الدول الاوروبية لوضع العراقيل امام دخول التكنولوجيا الصينية الى السوق الاوروبي. ويتساءل التقرير في خاتمته عما اذا كان الصراع الراهن بين الصين وامريكا تأثير طويل الامد على مكانة الصين كدولة عظمى عالمية وعلى علاقات اوروبا والولايات المتحدة سواء خلال هذه الازمة او بعد ان تنتهي.