2024-11-27 08:44 م

وثائق وشهادات.. الإمارات مأوى للفساد والتزوير

2020-02-27
محمد أبو رزق
دائماً ما تتغنى الإمارات بأنها من أفضل الدول في المنطقة في محاربة الفساد وتطبيق معايير النزاهة والشفافية في كل تعاملاتها الرسمية، ولكن على الأرض تبين أن تلك الدولة بعيدة عن النزاهة في أهم قطاعاتها؛ وهو القضاء والنيابة العامة.

ولا تلتزم النيابة العامة الإماراتية بمعايير النزاهة والحكم الرشيد والعدالة الناجزة؛ من خلال رفضها إطلاق سراح مواطنين رغم إتمامهم محكوميتهم القانونية، وفقاً لوثائق تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن أشكال الفساد المستشري في النيابة العامة الإماراتية، وفقاً لتلك الوثائق الذي سبق أن نشرها المعارض الإماراتي حمد الشامسي عبر حسابه عبر موقع "تويتر"، تلفيق تهم وأدلة مزورة لعدد من المعتقلين.

وتعد هذه الوثائق التي كشفها الشامسي ضربة مدوية حول تصدر الإمارات لترتيبات مدركات الفساد التي تعلن دولياً بين فترة وأخرى.

وتقوم منظمة الشفافية الدولية بإصدار سنوي لمؤشر دولي لملاحظة الفساد يرمز له اختصاراً بـ(CPI)، يقوم بترتيب الدول حول العالم حسب درجة ملاحظة وجود الفساد في الموظفين والسياسيين، وتعرفه المنظمة بأنه إساءة استغلال السلطة المؤتمنه من أجل المصلحة الشخصية.
أولى قضايا الفساد التي كشفها الشامسي، سبق أن أكدتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، وهي بأن السلطات الإماراتية تواصل احتجاز خمسة سجناء إماراتيين، على الأقل، رغم أنهم أنهوا محكومياتهم منذ سنة أو ثلاث سنوات.

ومن هؤلاء المعتقلين -وفق المنظمة الحقوقية الدولية- ثلاثة كانوا قد حكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات، وسنتين، وخمس سنوات؛ بتهم تتعلق بأمن الدولة، في أعقاب ما عدته المنظمة "محاكمات جائرة"، عامي 2014، و2016.

وهؤلاء هم الناشط الرقمي أسامة النجار، وخليفة ربيعة وعثمان الشحي، الناشطان الرقميان والعضوان في "جمعية الإصلاح"، وهي حركة سياسية إسلامية "غير عنيفة" مسجلة قانوناً، حظرتها الإمارات عام 2014 على أنها "إرهابية"، رداً على الاضطرابات في تونس ومصر وأماكن أخرى. بالإضافة إلى بدري البحري وأحمد الملا، وهما ناشطان لهما صلات بالجمعية.
وحول ذلك قال مايكل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة الحقوقية: "حرمان المعتقلين من الحرية لسنوات طويلة بعد انتهاء أحكامهم يُظهر ازدراء صارخاً بسيادة القانون".

وتنص المادة (13) من قانون المنشآت العقابية الإماراتي على أنه "لا يجوز أن يبقى أي إنسان في المنشأة العقابية بعد المدة المحددة"، ولكن تجاوز هذا القانون يعني مؤشراً على الفساد تقوم به الدولة الإماراتية.

تزوير وتعذيب

وتظهر وثيقة منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعرض أحد المعتقلين في السجون الإماراتية؛ وهو الحقوقي أحمد الزعابي، المسجون في جهاز أمن الدولة للتعذيب، وهو ما يعد انتهاكاً حقوقياً وقانونياً؛ لكونه يجب أن يكون في أحد سجون وزارة الداخلية معلومة المكان.

وإلى جانب التعذيب الذي تعرض له الزعابي، تبرز وثيقة صادرة عن جهاز أمن الدولة الإماراتي، في مايو 2012، أن النيابة العامة وضعت "فلاشاً" داخل سيارة المعتقل، وهو ما يعد تزويراً واضحاً في الأدلة، وهو مؤشر فساد.

كما رفضت النيابة العامة الإماراتية عرض الزعابي على الطبيب الشرعي خشية إثبات تعرضه للتعذيب.

ولم يكن الزعابي الوحيد الذي تعرض للتعذيب في سجون الإمارات، إذ كشف خبراء في حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة، في مايو 2019، إن الناشط الإماراتي البارز أحمد منصور، ربما يعاني من معاملة تصل إلى حد التعذيب، ومن ذلك احتجازه في سجن انفرادي مدة طويلة.

خبراء حقوق الإنسان المستقلون التابعون للأمم المتحدة طالبوا السلطات الإماراتية بتوفير الرعاية الطبية الملائمة له، وضمان أن ظروف سجنه تفي بالحد الأدنى من معايير الأمم المتحدة، وأن تسمح إما بإعادة محاكمته أو بإطلاق سراحه.

وفي 17 أكتوبر الماضي، انتشر الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي عن اعتقال السلطات الإماراتية ضابطاً في قواتها؛ على خلفية كشفه قضايا فساد كبيرة داخل جيش بلاده.

وتقول المعلومات إن قيادات في الجيش الإماراتي اعتقلت العقيد محمد سعيد الزعابي على خلفية كشفه فساداً داخل المؤسسة العسكرية في بلاده، ليلحق بوالده رئيس دائرة الأشغال السابق بالجيش، والمعتقل بسبب ذات الأمر.

وقبيل اعتقال الضابط سجل مادة صوتية كشف فيها عن أسباب اعتقال والده العقيد الدكتور سعيد الزعابي (رئيس سابق لدائرة الأشغال العامة بالجيش الإماراتي)، مؤكداً أن التسجيل الصوتي سينشر في حال اعتقاله هو أيضاً، وهو ما يرجح حدوث ذلك بعدما انتشر ذلك التسجيل.

ووفقاً لمقدمة التسجيل قال الزعابي إنه متوجه إلى "برزة قصر البحر"، في محاولة منه للقاء ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وكشف ما يحدث من فساد داخل الجيش الإماراتي، لكن على ما يبدو فإنه اعتقل قبل ذلك.

ومن بين ما كشفه التسجيل الصوتي من قضايا فساد قيام رئيس الأركان العامة بالإمارات بسجن مقاول سعودي بجوار والده، واتهامه بفشل تنفيذ مشاريع تم إسنادها إليه، وتقديم رشوة لرسو المشاريع عليه، "رغم أنه كان ينفذ المشاريع بوقتها وبدقة عالية".

مأوى الفاسدين

وإلى جانب الفساد في النيابة العامة الإماراتية فإن أبوظبي تحتضن عدداً من رموز الفساد حول العالم؛ منهم رئيسة الوزراء التايلاندية السابقة ينجلوك شيناواترا، التي تواجه تهم فساد.

كما أن رئيس الحكومة الباكستاني الأسبق، برويز مشرف، المتهم بعدة قضايا فساد، سارع بالهرب إلى دبي بحجة السفر لتلقي العلاج الطبي؛ بعد أن أمرت المحكمة العليا في باكستان الحكومة برفع الحظر عن سفره.

وفي القائمة كذلك الرئيس الباكستاني السابق آصف علي زرداري، الذي هرب إلى الإمارات خشية القبض عليه بتهمة اختلاسات مالية تصل إلى مليارات الدولارات، بعد إلقاء القبض على أقرب معاونيه.

وفي نوفمبر 2019، كشفت وسائل إعلام ماليزية عن وجود المطلوب الأول بقضايا فساد في ماليزيا بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وقالت صحيفة "ماليسيا كيني" عن متحدث باسم لو تيك جو، المتهم بتبديد مليارات الدولارات من صندوق سيادي ماليزي، إنه حصل على لجوء سياسي في الإمارات.

كما أصبحت الإمارات إحدى أكبر الدول التي تمنح حصانة للأثرياء، وتحمي أباطرة التجارة غير الشرعية بكل أنواعها من مخدرات وسلاح وذهب وألماس، كما تحولت إلى مركز عالمي لغسل الأموال.

الخليج أون لاين