2024-11-27 12:25 م

كيف بدأت أيباك بخسارة الدعم من الحزبين في واشنطن؟

2020-02-15
بلال ياسين
نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للصحافي علي حرب من واشنطن، يقول فيه إن لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك" كانت تعد جمعية الضغط السياسي الأكثر فعالية في واشنطن، لكنها بدأت تفقد الدعم لها في وقت تقوم فيه بمهاجمة المنتقدين، ومعظمهم من الديمقراطيين.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه عندما أراد أوباما أن يصف نفسه لـ"أيباك"، في اليوم التالي لاختيار الحزب الديمقراطي له مرشحا رئاسيا عام 2008، فإنه قال لهم إنه "صديق حقيقي لإسرائيل"، لافتا إلى أن أوباما، الذي كان يبلغ عمره 47 عاما، مضى متحدثا أمام آلاف الحاضرين ليشكر اللوبي المؤيد لإسرائيل لمساعدتهم في دفع "التوافق بين الحزبين على دعم حليفتنا (إسرائيل) والدفاع عنها".

 

ويقول حرب إن تلك التعليقات كانت بعيدة البعد كله عن المراحل المتأخرة من رئاسته، حيث قادت "أيباك" جهود إفشال إنجازه الخاص في السياسة الخارجية، وهو الاتفاقية النووية مع إيران.

 

ويلفت الموقع إلى أن "أيباك" كانت تقدم نفسها دائما على أنها منظمة تدعم الحزبين، هدفها الحفاظ على الدعم لإسرائيل على مدى الطيف السياسي، وقد أشاد الرؤساء الجمهوريون والديمقراطيون بالمنظمة، وحظي الكثير من الإجراءات التي دفعت نحوها بتأييد الحزبين في الكونغرس.

 

ويستدرك التقرير بأن الأوقات تتغير، فـ"أيباك" التي وصفها رئيس مجلس النواب السابق، نيوت غينغريتش، بأنها "أكثر مجموعات الاهتمام العام فعالية"، أطلقت عليها عضوة عن الحزب الديمقراطي في الكونغرس يوم الأربعاء بانها "مجموعة كراهية".

 

وينقل الكاتب عن عضوة الكونغرس، بيتي ماكولام، قولها في تصريح لاذع: "تستخدم الكراهية سلاحا للتحريض على المعارضة وإسكاتها، ولسوء الحظ هذه تجربتي حديثا مع (أيباك)".

 

ويذكر الموقع أن "أيباك" قامت بإبراز صورتها مع صورة زميلتيها في مجلس النواب رشيدة طليب وإلهان عمر، في دعايات أيباك التي تتهم "متطرفين في الحزب الديمقراطي" بالدفع نحو سياسات معادية للسامية ومعادية لإسرائيل، مشيرا إلى أن المنشورات التي تم حذفها لاحقا ذهبت إلى حد تشبيه أعضاء الكونغرس الذين ينتقدون إسرائيل بتنظيم الدولة.

 

ويستدرك التقرير بأن ماكولام، التي طرحت مشروع قانون يهدف إلى منع استخدام المساعدات الأمريكية لإسرائيل في سجن الأطفال الفلسطينيين والاعتداء عليهم، لم تتقبل أيا من ذلك، وقالت: "(أيباك) تريد من أتباعها أن يعتقدوا بأن مشروع القانون H.R. 2407 لحماية الأطفال الفلسطينيين من التحقيق والاعتداء، وحتى التعذيب في السجون العسكرية الإسرائيلية، أسوأ حتى من تنظيم الدولة.. إن هذا ليس خطابا سياسيا فارغا، إنه خطاب كراهية".

 

وينوه حرب إلى أن الرد جاء بعد أيام من قيام "أيباك" بحذف الإعلانات، وتقديم اعتذار فاتر، مستدركا بأن هذا الفصل يبرز تآكل الدعم من الحزبين الذي أشار إليه أوباما عام 2008.

 

ويذكر الموقع أنه بعد ثلاثة أشهر من حصول الديمقراطيين على أغلبية مقاعد مجلس النواب العام الماضي، حضر كبار قياديي الحزب المؤتمر السنوي لـ"أيباك"، مطمئنين اللجنة بأن الكونغرس سيستمر ثابتا في دعم إسرائيل، لافتا إلى أنه كانت هناك إشارات تحذيرية بأن توافق الحزبين لصالح إسرائيل قد بدأ يتآكل، فقد زاد التقدميون اليساريون نفوذهم داخل سياسة الحزب الديمقراطي، وهو ما نقل الحوار حول فلسطين وإسرائيل داخل الحزب.

 

ويشير التقرير إلى أن كلا من رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، وزعيم الأغلبية ستيني هوير، حافظا على وعديهما لـ"أيباك" في دعم إجراءات مؤيدة لإسرائيل في النطاق الذي يسيطران عليه في الكونغرس، بما في ذلك قرار بشجب حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS).

 

ويستدرك الكاتب بأنه مع قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنح الحكومة الإسرائيلية اليمينية كل شيء تريده، فإن كبار الديمقراطيين وجدوا أنفسهم غير قادرين على دعم سياسات البيت الأبيض بشكل كامل، مؤكدا أن الكثير منهم رفضوا بقوة خطة الرئيس التي تدعمها منظمة "أيباك" لإنهاء الصراع، التي ستسمح لإسرائيل بضم المستوطنات في الضفة الغربية، وفي الوقت ذاته زاد انتقاد التقدميين لإسرائيل، و"هذا خلق معضلة بالنسبة لـ(أيباك) فكيف تفضل سياسات حزب دون تنفير الآخر؟".

 

ويورد الموقع نقلا عن نائب مدير المعهد العربي الأمريكي في واشنطن، عمر بدار، قوله: "تتعامل (أيباك) مع تناقض أساسي، فهي تروج لسياسة عدم مساءلة لإسرائيل، صك مفتوح لتفعل إسرائيل ما تشاء؛ وتريد في الوقت ذاته أن تحظى بدعم الحزبين"، وأضاف: "هناك مشكلة في هذا الأمر، فواقع خطابنا السياسي هو أن عدم مساءلة إسرائيل ليس قضية الحزبين".

 

وقال بدار لـ"ميدل إيست آي" إن الدعايات ضد الديمقراطيين وشجب ماكولام القوي للمنظمة يكشفان ذلك التناقض، وأضاف: "أظن أن المسألة مسألة وقت قبل أن نرى الانفجار التالي".

 

ويلفت التقرير إلى أن مديرة شؤون الحكومة في مجموعة Jewish Voice for Peace، بيث ميلر، كانت لديها تعليقات شبيهة بتعليقات بدار، فقالت إن التقدميين الأمريكيين يتبنون القضية الفلسطينية بصفتها قضية رئيسية على أجندتهم، وأضافت ميلر: "كانت (أيباك) تحظى بدعم الحزبين، لكن ذلك يتراجع.. ومع تنامي الجناح اليساري التقدمي في الحزب الديمقراطي.. فإن ذلك يعني بأنه سيكون هناك دعم أقل لمجموعات مثل (أيباك)".

 

وقالت ميلر لـ"ميدل إيست آي" إن دعم حقوق الإنسان الفلسطيني أصبح "جزءا طبيعيا" من الوقوف ضد أجندة ترامب، وأضافت: "كلما تعلمنا بصفتنا أمريكيين أكثر حول ما يحصل في إسرائيل، زاد تأييد الناس لحقوق الإنسان الفلسطيني.. نحن في لحظة حيث تجد المجموعات مثل (أيباك)، التي تدفع بقوة نحو سياسات ضد الفلسطينيين وضد الخطاب الفلسطيني، نفسها في حيز حزبي".

 

ويجد حرب أنه في الوقت الذي يتحرك فيه الديمقراطيون نحو اختيار مرشحهم الرئاسي ليقف ضد ترامب، فإنه يتوقع أن تصبح الهوة بين اللوبي المؤيد لإسرائيل والحزب أكبر، فلن تصبح "أيباك" فقط منقسمة بين التأييد غير المشروط للجمهوريين المؤيدين لإسرائيل والديمقراطيين المنتقدين لإسرائيل، بل إن ترامب نفسه سيكون في الانتخابات في وجه خصم سيحاول أن يميز نفسه في السياسة الخارجية.

 

وينوه الموقع إلى أن بيرني ساندرز، المتقدم بين المرشحين الديمقراطيين، دعا إلى مقاربة منصفة للصراع في الشرق الأوسط، حيث لا تكون السياسة الأمريكية داعمة لإسرائيل فقط، لكن أيضا "للفلسطينيين"، مشيرا إلى أن سيناتور فيرمونت يقترح أيضا أن تصبح المعونات الأمريكية لإسرائيل مشروطة إن لم تعمل إسرائيل على إنهاء الاحتلال والأزمة الإنسانية في غزة.

 

ويورد التقرير نقلا عن بدار، قوله: "أتخيل بأن العلاقة ستصبح أكثر عدوانية.. ومع مرور الوقت، سيزداد هذا التباين حدة، وأتصور سيناريو تقوم فيه (أيباك) بمهاجمة شاملة للمرشح بيرني ساندرز إن استمر في الطريق ذاته".

 

ويذكر الكاتب أن هناك مجموعة على علاقة بـ"أيباك" نشرت إعلانات سلبية ضد ساندرز، ركزت على صحته وقابليته للانتخاب، وليس على سياسته الخارجية.

 

وينقل الموقع عن الصحافي جوناثون توبين، قوله في مقال له في وقت سابق من الأسبوع بأنه لم يعد من الممكن لـ"أيباك" عام 2020 أن تقوم بتحقيق رسالتها في الدفاع عن إسرائيل عن طريق الحزبين، وكتب في صحيفة "هآرتس": "في وقت شديد التحزب، ومع احتمال كون الدعم لإسرائيل نقطة خلاف بين الحزبين خلال حملة الانتخابات الرئاسية في الخريف، خاصة إن قام الحزب الديمقراطي بترشيح بيرني ساندرز، فإن من الصعب رؤية كيف يمكن لـ(أيباك) أن تستمر في التوفيق بالعمل مع الحزبين"، وأضاف: "إن من غير الممكن مهاجمة الديمقراطيين دون الظهور بصفتهم مؤيدين لترامب".

 

ويجد التقرير أن تقدم ساندرز في الانتخابات التمهيدية والإعلانات التي تهاجم أعضاء كونغرس عن الحزب الديمقراطي يشيران إلى تحول لصالح دعم الفلسطينيين في الحزب، لكن الكثير من الديمقراطيين في الكونغرس -إن لم يكن أكثرهم- أبقوا على التزام قوي بعلاقة أمريكا بإسرائيل وعلاقات مع "أيباك".

 

ويشير حرب إلى أن اللوبي المناصر لإسرائيل قام يوم الخميس بنشر عدة تغريدات، شكر فيها كبار المشرعين الديمقراطيين لشجبهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بسبب نشره قائمة للشركات التي لها علاقات مع المستوطنات في الضفة الغربية، التي يعدها معظم المجتمع الدولي غير شرعية.

 

ويلفت الموقع إلى أن ماكولام دعت الحزب الديمقراطي "ليتخذ موقفا" في دعم حقوق الإنسان، وقالت: "لغة (أيباك) يهدف منها الشيطنة وليس تشجيع الحوار السياسي، إن الهجمات الكريهة مثل هذه قد تكون مألوفة في زمن ترامب، لكن يجب ألا تصبح عادية".

 

ويفيد التقرير بأن ماكولام تحدت في بيانها ادعاء "أيباك" بكونها مجموعة تعمل مع الحزبين، فقالت: "تدعي (أيباك) أنها منظمة تعمل مع الحزبين، لكن استخدامها لخطاب الكراهية يجعلها في الواقع مجموعة كراهية"، وأضافت: "باستخدامها معاداة السامية والكراهية سلاحا لإسكات الحوار، تقوم (أيباك) بالسخرية من الديمقراطيين وقيمنا الأساسية.. آمل أن يفهم الديمقراطيون مكامن الخطر واتخاذ موقف لأن العمل لتشجيع السلام وحقوق الإنسان والعدالة ليس عملا شريرا، لكنه عمل صالح".

 

وينوه الكاتب إلى أن عضوة الكونغرس رشيدة طليب، وهي فلسطينية أمريكية، أشادت بماكولام لانتقادها "أيباك"، وقالت في رسالة بريد إلكتروني لـ"ميدل إيست آي": "أشيد بشجاعة وقيادة زميلتي، عضوة الكونغرس بيتي ماكولام. إنها محقة، فخطاب الكراهية يحرض على العنف ويسعى لإسكات المعارضة".

 

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول طليب: "في الحرب لأجل السلام، والمساواة، والكرامة وحقوق الإنسان، يجب علينا أن نقاوم ونفضح أي محاولة لمنعنا من سلوك الطريق نحو العدالة للفلسطينيين والإسرائيليين والناس حول العالم".



عربي21