في اسرائيل لم تتمكن الاحزاب حتى الان من تركيب الائتلاف الحكومي لكنها متفقة فيما بينها على البرامج الامنية والسيناريوهات الحزبية، وترى فيها انها المخرج الوحيد للتلاقي على حكومي تحظى بثقة البرلمان، وهذا التلاقي له اثمان حزبية على صعيد الوضع الداخلي والحزبان الكبيران حتى يترسخ التلاقي ويؤتي ثماره، حلولا للخلافات وانهاء لازمة عدم القدرة على تشكيل الائتلاف، بحاجة الى سلم آمن يجبرها على النزول من اعلى الشجرة ويتمثل في (حدث أمني) يخلط الأوراق ويجبر اللاعبين الانضمام سريعا الى حكومة وحدة، وفي هذه الحال التوافق بينهما وارد، فبينهما من القواعد المشتركة الكثير في مقدمتها عشق الحروب، وتصدير المشاكل والازمات خارج الساحة، والتفاني في تلبية مطالب اليمين وأحزابه، حروبا واستيطانا وقمعا وتعديا.
ولكن، متى وأين سيكون هذا الحدث الامني (المخرج) من الازمة السياسية في اسرائيل؟ يرى المراقبون أن هناك ساحات ثلاث قد تقدم اسرائيل على اشعال احداها على الاقل، وهي الجبهة الشمالية حيث المقاومة المتمثلة في حزب الله، والجهة الجنوبية حيث المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، دون استبعاد الساحة الثالثة وهي الضفة الغربية، قرارات ومشاريع وقوانين ضم وبناء استيطاني مع امكانية افتعال أعمال عنف.
ويلاحظ المراقبون أن المتنافسين على تشكيل الحكومة يتسابقون في ادلاء التصريحات الامنية، وممارسة عملية التخويف، فالحروب هي نقطة التلاقي، ونسمع يوميا تصريحات تحذر من عواصف وتحديات قد تضرب اسرائيل ومن حرب شاملة مع ايران، وهذا ما تشدق به بنيامين نتنياهو على وسائل الاعلام مركزا على تداعيات هذه الحرب في حال اندلاعها على اسرائيل، وغانتس هو الاخر أدلى بدلوه مهددا ايران وغزة، وفي الوقت الذي حافظ فيه رئيس الاركان الاسرائيلي على صمته خرج اللواء أهارون خاليفا رئيس شعبة الاستخبارات بتصريح لوسائل الاعلام معلنا ان كل الدلائل تشير الى أن العام القادم قد يكون سلبيا من المنظور الامني، وتعزيزا لأقواله، واصل نتنياهو تحذيراته من الاخطار الايرانية وقدرة طهران على حصار اسرائيل وتدميرها.
انها التخوفات والتحذيرات الهادفة الى تلاقي بين الحزبين الكبيرين من أجل تركيب الائتلاف الحكومي، أي قارب النجاة للخروج من الازمة، وعجزها عن تشكيل وزارة في اسرائيل، وقد بدأت في تل أبيب عملية طرح سيناريوهات حربية ونقاشات لامكانية اندلاع حرب مفتوحة مع ايران، تتجلي فيها القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة، ووصل الامر بقادة اسرائيل أن دعوا المجتمع الدولي للضغط على طهران.
هذا الوضع في اسرائيل وعجز الاحزاب المتنافسة عن تشكيل حكومة، يدفعها للتلاقي على برنامج واحد، للخروج من الازمة، برنامج يشكل سلم النزول ويتمثل في ارتكاب حدث امني في احدى الساحات المستهدفة.