"مستمرون في تبادل السفراء ونحن ما زلنا في مرحلة الاستمزاج"، بهذه الكلمات المقتضبة علّق مصدر حكومي أردني رفيع المستوى، لـموقع "عربي21" على نية عمّان والدوحة رفع التمثيل الدبلوماسي بينهما عقب خفض الأردن التمثيل الدبلوماسي مع قطر في حزيران/ يونيو 2017 وسحب سفيره من الدوحة.
وشدد المصدر نفسه على أن "العلاقات بين البلدين ستشهد تطورا إيجابيا في وقت قريب"، ما يطرح السؤال: "لماذا غردت عمان خارج سرب دول الحصار؟ وما علاقة ذلك بموقف بعض الدول الخليجية مما يعرف بصفقة القرن التي ترفضها المملكة؟".
المحلل السياسي، منذر الحوارات، يعتقد أن "تأخر الإعلان رسميا عن عودة السفراء بين البلدين يعود إلى أن بعض النخب في الأردن ترى أنه لا يجب فتح جبهة مع بعض الدول في الخليج العربي، وأن بعض الدول التي تقاطع قطر قد تكون مانعت هذا الأمر، ربما هذا سبب التأخر".
إلا أنه يرى أن "الأمور تتجه لعودة السفراء بين قطر والأردن"، قائلا لـ"عربي21" إن "على الحكومة الأردنية أن تكون جريئة وتعلن بوضوح عن توقيت عودة السفراء، فالأردن بحكم ظروفه يجب أن يكون صديقا للجميع وأن لا ينحاز إلى أي طرف".
واستبعد أن "تؤثر عودة السفير القطري على علاقة الأردن مع دول الخليج، بعد أن فشلت المملكة في أن تكون وسيطا ناجحا في الأزمة أثناء ترؤسها للقمة العربية، كما أن وجود علاقة جيدة مع الجميع قد تتيح للأردن أن يكون وسيطا".
وأضاف الحوارات أن "الصراع الخليجي لم يكن له جدوى، إذ تتطلب المرحلة والظروف الحالية أن تتوحد جهود الخليج تجاه الأخطار التي تحيط به وهي كثيرة كالتصعيد بمضيق هرمز، والتصعيد الإيراني-الأمريكي، في هذا الظرف يجب أن يكون الخليج موحدا، وأي زعزعة في علاقات الخليج البينية لن تكون في مصلحته، كما سيتضرر الأردن من أي اضطراب يصيب الخليج لذا فهو معني بإصلاح ذات البين".
وحسب ما رشح لـ"عربي21" من مصادر أردنية، فقد أرسلت عمان إلى الدوحة اسم أمين عام وزارة الخارجية الأردنية، زيد اللوزي، لاستمزاج رأي الدوحة في التعيين، بينما توقعت المصادر أن يكون سفير قطر المرتقب في عمان من العائلة الأميرية.
وركبت عمّان حافلة المقاطعة بعد يومين من إعلان السعودية والإمارات قطع العلاقات مع دولة قطر، لتعلن في حزيران/ يونيو 2017 تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وإلغاء تصريح قناة الجزيرة الفضائية، وسط تساؤلات حول ضغوط مورست على الأردن لتقدم على هذا القرار.
واعتبر نائب رئيس الوزراء الأردني السابق، ممدوح العبادي، في حديث لـ"عربي21"، أن "الأردن بدأ ينسحب تدريجيا من الحلف السعودي-الإماراتي، للتخلص من الضغوط التي تمارس عليها في ما يتعلق بصفقة القرن، والأردن عمليا لم يلتزم مع السعودية والإمارات بقطع العلاقات كاملة مع قطر، وأعتقد أن الأوان آن بعد سنتين أن يثبت الأردن استقلاليته وحياديته من خلال سياسة خارجية تكون أكثر اعتدالا وتبعد عن المحاور".
ويشدد العبادي: "أنا مع إعادة العلاقات مع قطر، وتأخر ذلك لكن أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي، نحن يجب علينا الوقوف على مسافة واحدة من جميع أشقائنا العرب سواء كانوا على حق أو أخطأوا".
العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين عمان والدوحة لم تنقطع طيلة سنوات الحصار، وتدفقت البضائع والخضار الأردنية إلى الدوحة بشكل مستمر، بينما وقعت وفود تجارية اتفاقيات تعاون متبادل بين البلدين.
ويقرب حجم التبادل التجاري بين قطر والأردن من الـ400 مليون دولار سنويا، بحسب أرقام غرفة تجارة الأردن. ويميل الميزان التجاري إلى صالح قطر التي تستورد منها المملكة مدخلات إنتاج معدنية وكيميائية في أصولها النفطية.
مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، قال لـ"عربي21" إن "الموقف الأردني تجاه قطر لم يكن موقفا عدائيا، ولم يتطابق مع موقف دول أخرى، اكتفت المملكة بإجراءات رمزية، فلم تتوقف خطوط الطيران، وحافظت الأردن على العلاقات التجارية، والأيدي العاملة، وهذه من العوامل التي تسهل عودة العلاقات بين البلدين بشكل دائم".
وحول توقيت إعادة العلاقات بين البلدين، رأى الحمد أن "الأردن لديه فلسفة جديدة من شقين؛ الأول هو إعادة التموضع والمحافظة على مصالحه العليا بعيدا عن المحاور التي يصعب خوض معاركها، ثانيا أن الأردن اقتنع بتنويع خياراته العربية والإسلامية والدولية في الوقت الراهن حتى لا يتعرض إلى ضغوط لا يستطيع تحملها من أي طرف كان".
وكانت المملكة أعلنت عن ضغوطات تتعرض لها للقبول بخطة السلام الأمريكية، أو ما تعرف بصفقة القرن، وأعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مارس الماضي من مدينة الزرقاء تعرضه لضغوط تمارس على الأردن، في ملف صفقة القرن مع تأكيده على وقوف الشعب معه.
وخاطب الملك مواطنين، قائلا: "هناك ضغط على الأردن؟ نعم هناك ضغوط على الأردن، وهناك ضغوط عليّ من الخارج. نعم صحيح، هناك ضغوط تمارس عليّ، لكن بالنسبة لي فالقدس خط أحمر، وأنا أعلم جيدا أن شعبي معي، والذين يريدون التأثير علينا لن ينجحوا".