وسائل الاعلام هذه، ومنها اسرائيلية، تضيف أن تبادل الرسائل تهدف الى "تصويب" الامور وانهاء مقاطعة الرئيس الفلسطيني للرئيس الامريكي وفريقه، أي فتح الباب لهذا الفريق ليكون ضيفا دائما على القيادة في رام الله، وجاء في الاخبار ان وفدا من كبار المسؤولين في رام الله سيغادر الى واشنطن للقاء المسؤولين الامريكيين، بعد محادثات جرت سرا بين مسؤولين فلسطينيين وأعضاء في فريق كوشنير، دون ذكر، أو الكشف عن أماكن هذه اللقاءات.
بصراحة.. اللقاءات السرية مع الامريكان لم تتوقف، ولم تنقطع فالقنوات لم تردم وبقيت مفتوحة.. وهناك حالة عشق بين مسؤولين فلسطينيين مع الامريكان.. وهؤلاء ينقلون الرسائل سليمة أو كاذبة ومحرفة "الله اعلم".. ففي هذه المرحلة الصعبة في ظل التطورات المتلاحقة والعبث متعدد الجنسيات في الساحة الفلسطينية، هناك من يبحث عن أخضان جديدة في الاقليم والساحة الدولية، وهناك اعادة تشكل وتدوير في المحاور والاصطفافات والعلاقات، منافس الامس حليف اليوم، فهذه الأرض مقدسة ولا يحفي فيها شيء، ولأننا لا نتلمس التغيير في المواقع، والمناصب في هذه المواقع أبدية تتعمق الارتباطات، وتكون عملية ربط الخيوط الغريبة سهلة، حفاظا على المصالح والمنافع الذاتية.
ولدينا ظاهرة، لا تشهدها أية ساحة في هذا العالم، وتتمثل في أن المطبخ السياسي يبقى على حاله سنوات طويلة، لا تغيير ولا تبديل ولا تعديل ولا ضخا لدماء جديدة، وكفاءات مشهود لها، مع أن "مطابخ البيوت" يتم تغييرها من فترة الى اخرى ولا تبقى على حالها خشية "التسوس" جراء تشقق الخشب.
بالتأكيد أن هذه الاتصالات، التي قيل انها سوف تستأنف مع واشنطن، هي لعبة تشارك فيها جهات عديدة داخلية وخارجية، لذلك، هناك من انبرى في دوائر صنع القرار قائلا: لتكثف هذه الاتصالات مع امريكا، لعل يتم اختراق الموقف الامريكي المعادي... ونعدل في هذا الموقف، وآخر، يتساءل: لماذا لا نوجه ضربة للانظمة العربية التي خذلتنا وتتجه دون وصاية ومباشرة لواشنطن، وهذا نسي أن الانظمة مشاركة في لعبة استئناف الاتصالات مع واشنطن.
والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا، هو:
هل هذه الاتصالات السرية أو العلنية مع امريكا، ستدفع الرئيس ترامب على التراجع عن قراراته التي اتخذها لصالح اسرائيل، كالتوطين والاعتراف بالقدس عاصمة لها، أليس الرئيس الامريكي ماض في تطبيق صفقة القرن، هذه الصفقة تطبق على الارض، وأبواب التطبيع بين اسرائيل والانظمة العربية، مفتوحة على مصاريعها، فما الجدوى من الاتصالات مع واشنطن واللهاث وراء فريق جاريد كوشنير، ان ما يجري اليوم هو البحث عن بديل للقيادة الفلسطينية وما نخشاه هو أن تصب هذه الاتصالات في صالح هذا الهدف، اقصاء القيادة الفلسطينية، وهناك من يندرج في خانة "ضعاف النفوس".
وسائل الاعلام، أوردت انه تحت الضغط الامريكي جاءت الرسائل "الناعمة" من القيادة الفلسطينية الى البيت الابيض عبر فريق كوشنير، فما هي قيمة لقاءات المسؤولين الفلسطينيين مع المسؤولين الامريكيين سرا أو علانية.. ألا تصب هذه الاتصالات في صالح مؤامرة ومخطط اقصاء الرئيس محمود عباس، ما دامت الضغوط سببها.
ان قراءة جيدة للمواقف والتحركات والسائس الامريكية وما اتخذه ترامب من قرارات ضد الشعب الفلسطيني، تدفع باتجاه رفض مسلسل اللقاءات والاتصالات العبثي، وضرورة التوجه نحو خيارات جديدة.
إن "لا" الفلسطينية العلنية والصريحة والحاسمة، التي أطلقها الرئيس محمود عباس ضد تحركات وصفقات ودسائس وقرارات الرئيس الامريكي، هي وحدها الكفيلة باسقاط وافشال سياسات واشنطن، وردع أنظمة الردة وفي مقدمتها السعودية والامارات، فلا تكسروا هذه الـ "لا" التي أطلقها عباس، حماية للرئيس ودعما له في مواجهة التحديات.
الضغوط والرسائل الناعمة.. هدفها انجاح صفقة القرن وهذا بحاجة الى موقف فلسطيني غير رافض للصفقة.. ان جهود كوشنير ورفاقه تذهب أدراج الرياح، والاتصالات مع واشنطن تعيد لهذه الصفقة الروح.. هذا ما يجب أن تدركه القيادة الفلسطينية وأن لا تنجر برضاها أو ضغطا الى الشرك المنصوب.