2024-11-27 09:39 ص

ورشة البحرين .. البعد المالي المشين

2019-07-04
القدس/المنـار/ سقط العرض الامريكي الاخير في بعده المالي المشين، لكن، لم يسقط في جوهره السياسي الخطير، وفي المنامة جرى التأسيس لخطاب جديد يتمثل في القاء اللوم على السلطة الفلسطينية لاضاعة ما وصفه الصهر الرئاسي الامريكي كوشنير بـ "فرصة القرن" وتحميل رئيسها شخصيا المسؤولية الكاملة عن "حرمان" شعبه من المليارات التي وعد بها للسنوات العشر القادمة.. مع ما يعنيه ذلك بالنسبة الى مستقبل السلطة ودورها، وفي الافق أكثر من دليل على أن الشأن الداخلي الفلسطيني سيكون من الان فصاعدا على رأس برنامج المغامرات السعودية الاماراتية المصرية.
تقول دوائر سياسية أنت ورشة البحرين انتهت الى فشل مالي محتم لكنها على الارجح أتاحت لادارة ترامب ولحكومة اسرائيل الشروع في تنفيذ المرحلة الاخيرة من صفقة القرن التي تعيد تعريف القضية الفلسطينية بمصطلحات جديدة وتعيد تحديد الشعب الفلسطيني بمعطيات وأرقام مختصرة، لا يمكن الا أن تكون شرارة حريق جديد في قلب العالم العربي وفي مركزه الأهم.
وترى هذه الدوائر أن انخفاض العرض الى هذا المستوى البائس هو في الاساس نتاج عن تقييم سياسي مريع للقضية الفلسطينية يتقاسم الامريكيون مع العرب الذين حضروا ورشة البحرين وتحمسوا لفكرة رمي بعض المال لفلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، على أمل أن يتحولوا الى جيران هادئين ومسالمين مطيعين لدولة اسرائيل وأن ينسوا نهائيا قضايا القدس والاستيطان والعودة، ان الـ "لا" الفلسطينية الحازمة والجريئة فعلا التي ألقها الرئيس الفلسطيني هي وحدها التي أحبطت الخطوة الاولى من مسار تحويل القضية الفلسطينية الى مسألة اقتصادية اجتماعية انمائية.. لكن، هذا العرض الامريكي في البحرين لم يسقط في جوهره السياسي الخطير.. وأمام السلطة الفلسطينية الآن مواجهة خطرة مع الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة.
وتفيد هذه الدوائر أن الامريكيين في ورشة البحرين حاولوا تقديم رشوة للفلسطينيين، ولكن على حساب الحق بالوجود والحق بالهوية والحق بالانتماء، كل هذا يريد الامريكيون سلبه، مقابل ازدهار مزعوم واستشارات لا تمنح بل ستمول من قبل خزائن الخيانة الخليجية التي لم تجد حرجا في استقبال واستضافة الوفود الاسرائيلية وفي التقاط الصور معها أو وصف الصلة مع هذه الوفود بانها "أولاد عم".
ـ الدور السعودي الخبيث وشيطنة الشخصية الفلسطينية ـ
على مدار السنوات الاخيرة تجندت "النخب" في السعودية والامارات والبحرين لشيطنة الشخصية الفلسطينية، وفجأة أخذ يبرز مصطلح "السعودية الكبرى" المصطلح الذي ارادت السلطة الرسمية أن تقول من خلاله للشعب أن مصالح السعودية أكبر من حجم أي قضايا يلتف حولها الشارع السعودي ولو كانت قضيته بحجم فلسطين، من هنا بدأ ضرب الثوابت بعناوين المصلحة الداخلية أو بعناوين رياضية وسياحية جعلت من الاراضي الاماراتية مفتوحة أمام الاسرائيليين، أما البحرين فكانت العناوين الثقافية والانسانية شماعتها في جزيرة تستعدي مكونا طائفيا هو الاكبر في داخلها لتشغيل الاسرائيليين بعنوان مزعوم هو التسامح بين الاديان.
وتشير الدوائر السياسية هنا، الى أن البحرين حملت راية التطبيع بالوكالة عن السعودية متصدرة واجهة الانظمة العربية المعتدلة المقاولة في ثوابت امتها والهدف السعودي من ايكال المهمة الى حديقتها الخلفية هو جس نبض الشارع العربي.
وتخلص الدوائر الى حقيقة، وهي أن الخطة الامريكية غير واقعية ومجرد أوهام، فهي لا توجه أي مطالب من اسرائيل، فواشنطن تريد من العرب تمويل خطة سلام لا تشمل دولة، فالخطة بعيدة عن المنطقة.
غير أن الادارة الامريكية بزعامة دونالد ترامب لا تأبه لكل هذا، فهي لديها هدف ماضية في خطوات تحقيقه على الارض بمشاركة دول عربية، وبشكل خاص الخليجية، هدف دعم اسرائيل في كل الميادين، وفتح الطريق لها لتنفيذ برامجها ومخططاتها وفي مقدمتها تصفية القضية الفلسطينية.
في ورشة البحرين، صفقة تطبيع تختبىء تحت شعارات السلام والازدهار، والخطة نوع من المقايضة السياسية الاساسية للشعب الفلسطينية بحزمة من مشروعات التنمية وفرص الانعاش الاقتصادي والمزايا التجراية، انها الاعتماد فقط على البعد الاقتصادي في ظل الافتقار الى حلول سياسية واضحة في طرح الخطة.