هاني ابراهيم
كالعادة، ماطلت «مصلحة السجون» الإسرائيلية حتى اللحظة الأخيرة، ورفضت غالبية مطالب الأسرى الفلسطينيين. قرر هؤلاء بدء إضرابهم اليوم، بالتزامن مع إجراء الانتخابات الإسرائيلية، تحت مسمّى «معركة الكرامة 2»، فيما بقي أمام الوسيط المصري والأمم المتحدة ساعات قليلة لمحاولة وقف الإضراب
غزة | قررت قيادة الحركة الأسيرة خوض إضراب مفتوح عن الطعام بعد إخفاق المفاوضات مع «مصلحة السجون» الإسرائيلية، والتي استمرت لساعات طويلة خلال اليومين الماضيين، ورفضت فيها الأخيرة عدداً كبيراً من مطالب الأسرى. الإضراب، الذي بدأته قيادة الهيئات العليا للفصائل الفلسطينية في السجون، سيشارك فيه الآن قرابة 150 أسيراً في مواجهة أطلقوا عليها «معركة الكرامة 2»، على أن تدخل الإضرابَ دفعات متتالية من الأسرى من مختلف السجون خلال الأيام المقبلة.
وفق المعلومات، فإنه على رأس المضربين محمد عرمانة رئيس «الهيئة القيادية لحماس»، وزيد بسيسو رئيس «الهيئة القيادية للجهاد الإسلامي»، ووائل الجاغوب «رئيس فرع السجون في الجبهة الشعبية»، وحسين درباس «مسؤول الجبهة الديموقراطية في السجون». وعلمت «الأخبار» أن من بين المضربين في الهيئات القيادية 28 أسيراً من «حماس»، و15 من «الجهاد»، و9 من «الشعبية»، وواحداً من «الديموقراطية»، فيما سلّم الأسرى قوائم المضربين لـ«مصلحة السجون» (كما جرت العادة) مساء أمس، على أن يبدأ إضرابهم المفتوح صباح اليوم (الثلاثاء).
وقال المتحدث باسم «هيئة الأسرى»، حسن عبد ربه، إن «التفاوض مع إدارة سجون الاحتلال وصل إلى طريق مسدود، بسبب تعنت الإدارة ومن خلفها المستوى السياسي الإسرائيلي في الاستجابة للمطالب الإنسانية للحركة الأسيرة، والمكفولة في كل الشرائع والقوانين الدولية»، مشيراً، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن الأسرى وضعوا في خطتهم الوصول إلى خوض مجموعة منهم إضراباً، حتى عن الماء، بعد أسبوع من إضرابهم عن الطعام. عبد ربه لفت أيضاً إلى أن «مصلحة السجون» رفضت مطالب إزالة أجهزة التشويش، وإعادة زيارات أهالي أسرى قطاع غزة، كما أنها لم تعطِ رداً واضحاً حول تركيب أجهزة هواتف عمومية بين أقسام السجون، في وقت يستمر فيه عزل الأسرى المعاقَبين إثر الأحداث الأخيرة في سجن «النقب» الصحراوي، إضافة إلى رفضها وقف عمليات الاقتحام والتنكيل والإهمال الطبي بحقهم.
في غضون ذلك، نقلت مصادر من الحركة الأسيرة أن الأسرى ينوون تصعيد خطواتهم الاحتجاجية في السابع عشر من الشهر الجاري، والذي يوافق «يوم الأسير» الفلسطيني، مؤكدين أنهم يسيرون في هذا القرار الصعب والاضطراري بعد الإجراءات العقابية التي تحرمهم حقوقاً أساسية، إلى جانب التي كانوا قد حصلوا عليها في الخطوات الاحتجاجية السابقة، وأفادوا بأن إدارة السجون تمنع أسرى «حماس» من الخروج إلى ساحة السجون جماعياً، بل يجري إخراجهم غرفتين غرفتين لساعة فقط وهم مقيّدون بالأصفاد.
ويوماً بعد يوم، يتكشف جزء من إجراءات «مصلحة السجون» الأخيرة، إذ تفيد المصادر نفسها بأن قسم 1 في معتقل «رامون» مغلق كلياً، وقد تحول إلى زنازين عقابية، إضافة إلى مصادرة المقتنيات الأساسية للأسرى، مثل المنصب الحراري الذي يستخدم للطهي، ومضايقات أخرى من قبيل قطع الكهرباء عن بعض الأقسام، وتوزيع الطعام عن طريق الأسرى الجنائيين، وتركيب أجهزة تشويش على الأقسام كافة. وفي الوقت نفسه، فُرضت غرامات مالية بلغت نصف مليون شيكل على 170 أسيراً، فيما يتواصل الإهمال الطبي في معالجة الأسرى الذين أصيبوا جراء القمع.
في موازاة الإضراب، ذكرت مصادر في غزة أن اتصالات بدأت بين قيادة الفصائل والوسيط المصري لتلافي استمرار المواجهة، وللضغط على العدو للموافقة على مطالب الأسرى. ونقلت المصادر أن «قيادة الفصائل أرسلت رسالة مكتوبة إلى (مبعوث الأمم المتحدة لعملية «السلام» في الشرق الأوسط نيكولاي) ملادينوف تطالبه بالتدخل السريع»، خاصة أن الفصائل ترى في إخفاق الاتفاق داخل السجون تهديداً لمباحثات التهدئة التي تضمّن النقاش حولها قضية الأسرى. وعلمت «الأخبار» أن الوفد الأمني المصري بدأ اتصالاته لتجنّب بدء الأسرى إضرابهم صباح اليوم، من دون أن تفصح عن نتائج هذه المباحثات.
إلى ذلك، أصدرت فصائل المقاومة بياناً مشتركاً أمس، حذرت فيه العدو من «اختبار صبر المقاومة، لأنها لن تقف مكتوفة الأيدي لو تعرض أي من الأسرى للخطر»، مشيرة إلى إعطاء فرصة للوسطاء قبل أن «تقلب الطاولة رأساً على عقب».
الاخبار اللبنانية