انها رسائل قوية في توقيت مدروس بدقة من جانب المقاومة الفلسطينية، فرئيس الوزراء الاسرائيلي كان ينتظر لقاء مع الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض، وقبل أقل من اسبوعين من فتح صناديق الاقتراع في اسرائيل ومع تواجد الوفد الأمني المصري في اسرائيل، وأيضا في ظل الحراك المعيشي داخل قطاع غزة، وتذكير للكثيرين بأن المقاومة مستمرة وبعيدة عن تقديم اية تنازلات كما يشاع في ضوء جهود التهدئة، دون أن تنسقط من حساباتها أن الرشقات الصاروخية، تعزز مكانة المقاومة وتحافظ على شعبيتها بل تزيد من عدد انصارها.
هذه الصواريخ التي أصابت ووصلت تل أبيب ومفاجآت اسرائيل وغيرها، سوف تشكل عامل تحريك قوي لوضع القطاع اقليميا ودوليا، وستجبر المستوى السياسي في اسرائيل أيا كان الحزب الذي يتزعمه بأن القطاع لن يبقى الى الأبد تحت الحصار.
لكن، المقاومة وحركة حماس في مقدمتها لم تخرج في ردها عن اطار التفاهمات مع المبعوثين والوسطاء، وهي لا تريد مواجهة واسعة أو حربا حقيقية فهي تدرك تداعياتها، ورئيس وزراء اسرائيل هو الاخر لا يريد حربا لخشيته من الخسائر في ظل اقتراب الموعد الانتخابي، وخسارة اماله بالفوز على خصومه.
ورغم الانتقادات الموجهة لنتنياهو من هؤلاء الخصوم ومن المستوطنين، بأنه استسلم أمام حركة حماس والمقاومة في قطاع غزة الا انه سيقوم بردود عسكرية، دون كسر قواعد الاشتباك، فهو يظل مستسلما للحسابات الانتخابية، دون الوصول الى اعلان الحرب وخوضها، ودون التوصل الى تهدئة، بل المراوغة بشأنها.
لكن، اذا أقدم نتنياهو على مواجهة واسعة كرد انتقامي فانه سيتهم من خصومه "الجنرالات" بأنه فشل في المحافظة على قدرة ردع الجيش الاسرائيلي وحماية المستوطنين، وفي هذه الحرب لن يستفيد انتخابيا، لأن مواجهة واسعة ستوقع خسائر في الساحة الاسرائيلية، مدنيين وعسكر ومنشآت، فرئيس وزراء اسرائيل العائد من واشنطن عالق في الهواء و "كالبالع موس".
وأيا كانت التداعيات، وما ستحمله الساعات القادمة من تطورات وأحداث فان صواريخ غزة التي ضربت تل أبيب حركت المياه الراكدة، وأدخلت الأوضاع في مرحلة جديدة لكنها خطيرة.