اذا الدكتور محمد اشتية يرأس حكومة مواجهة لتحديات كبيرة، من جانب اسرائيل وقوى دولية واقليمية، يضاف الى ذلك قضايا وملفات داخلية تم ترحيلها من جانب حكومات سابقة، واشتية هو خيار حركة فتح، وبالتالي بحاجة الى دعمها وتوحدها خلفه وهذه مسؤولية رفاقه في مركزية فتح، حيث تراهن بعض القوى على صراع تمحور داخل المركزية لن يصب في خدمة مسيرة الدكتور اشتية الوزارية.
ونعتقد أن الحكومة القادمة ستحظى برضى قوى عديدة خارجية، لكن، هذا الرضى يتوقف على رد فعل القيادة الفلسطينية على تحركات قادمة وقريبة تتعلق بالسياسة الأمريكية وموضوع صفقة العصر، وهنا، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هو: ما هو موقف الدول العربية التي التزمت في القمم العربية بدعم الشعب الفلسطيني ماليا، بمعنى هل ستخضع هذه الدول لتعليمات السيد الأمريكي، وخضوعها يعني صراحة، أن الحصار سيطبق تماما على الفلسطينيين.
صحيح أن رئيس الوزراء المكلف يتمتع بكفاءة عالية في ميادين مختلفة والاقتصادي بشكل خاص، لكن، حكومته لن تكون بعيدة عن تأثيرات التحرك الامريكي، والتشديد الاسرائيلي والتخاذل العربي، وما يحتاجه الدكتور اشتية الان وفي هذه المرحلة هو وقوف فتح خلف الرجل، بعيدا عن التمحور والاجنحة داخل مؤسسات الحركة، فهذا عامل عرقلة، لذلك، ما ينشده اشتية هو أن لا يكون ضحية الخلافات وصراعات الأجنحة، ووسطها أو سببها.
الأيام التي سبقت التكليف الوزاري شهدت صراعات داخل اللجنة المركزية لحركة فتح، بمعنى أن هناك أجنحة داخل المركزية، بعضها رحب بتكليف الدكتور اشتية والبعض الاخر كانت له خيارات أخرى، أو تدفع باتجاه تكليف شخص آخر، لكن الرئيس محمود عباس، وهو رئيس حركة فتح حسم الأمر، وأصدر تكليفا للدكتور اشتية لتشكيل وزارة جديدة، وترى مصادر قوية من اللجنة المركزية، أن اختيار اشتية كان نجاحا لفريق على آخر، وتضيف المصادر أن الخيار شكل فوزا لقوى اقليمية وخسارة لقوى اخرى، فهناك عاصمتان تقودان ما يمكن تسميته باجتذاب تيارات في مؤسسة فتح العليا وهي المركزية. وبصراحة، عواصم عربية بعينها لم تكن بعيدة عن العوامل التي دفعت الرئيس عباس لاختيار محمد اشتية رئيسا لحكومة جديدة، وبوضوح كانت هناك "نصائح" أدرك الرئيس أنها "تذكية" في مرحلة صعبة.
في مركزية فتح تياران، والثالث يسير على خيط رفيع مشدود، لا يرغب في التمحور او الانضمام الى أي منهما، بل يقف موقفا توافقيا أو تصالحيا في حال استدعى الأمر ذلك، أحد هذين التيارين مع قيادات مؤثرة خارج المركزية وقفت الى جانب الدكتور محمد اشتية، وهذا الخيار رحبت به قوى في الاقليم في حين أن عاصمة عربية كانت تتمنى لو أن التكليف كان لعضو آخر في المركزية.
من هنا، فان الدكتور اشتية صاحب الكفاءة، والعلاقات مع أطراف مؤثرة اقليميا ودوليا، بحاجة الان الى ما يسند هذه الكفاءة، ويتمثل في اصطفاف فتحاوي قوي خلف الرجل، يذيب الصراعات والخلافات، والايام القادمة ستكشف الكثير.