رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها سوريا خلال هذه المرحلة إلا أن هذا الأمر لم يمنعها من الدفاع عن ثوابتها الأساسية والدفاع عن أراضيها المحتلة في السلم والحرب، وهذا ما شهدناه جميعنا في طريقة تعاملها مع المحاولات المتكررة للكيان الإسرائيلي في بسط سيطرته المطلقة على الجولان ودفع واشنطن للاعتراف بسيادة "إسرائيل" على الجولان مستغلة انشغال سوريا في حربها الداخلية ومع ذلك فشلت "إسرائيل" في إقناع المجتمع الدولي بإجراء هذه الخطوة أو تمريرها.
ولأن أصحاب الحق لهم الكلمة العليا في كل قضية، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، قراراً ينص على السيادة الدائمة للسوريين في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية، وتم اعتماد القرار بناء على توصية اللجنة الثانية الاقتصادية والمالية بأغلبية 159 صوتاً بينما عارضته سبع دول فقط في حين امتنعت عن التصويت 13 دولة، بحسب ما جاء على موقع (روسيا اليوم).
وجددت الجمعية العامة في قرارها التأكيد على حقوق السوريين الثابتة في الجولان السوري المحتل، في مواردهم الطبيعية بما فيها الأرض والمياه وموارد الطاقة، وتطالب الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها السلطات الإسرائيلية، بالكفّ عن استغلال الموارد الطبيعية في الجولان المحتل أو إتلافها أو التسبب بضياعها أو استنفادها أو تعريضها للخطر، كما يطالب القرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش بأن يقدّم في الدورة المقبلة تقريراً حول تنفيذ القرار.
وقال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري - حسبما ذكرت قناة "روسيا اليوم" الإخبارية، الجمعة: - إن تصويت الأغلبية الساحقة لمصلحة مشروع القرار حول "الجولان السوري المحتل" رسالة واضحة لـ"إسرائيل" بأن احتلالها للجولان أمر مرفوض وينتهك أحكام الميثاق ومبادئ القانون الدولي.
وأكد الوفد السوري لدى الأمم المتحدة، ضرورة أن يتضمّن تقرير الأمين العام توصيفاً قانونياً دقيقاً، يستند إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة والقرار 497 لممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان، وعدم الاكتفاء باستعراض بعض هذه الممارسات التي تنتهك القانون الدولي دون اتخاذ موقف واضح، يستنكرها أو يحدد موقف الأمم المتحدة منها.
وأشار الوفد إلى أخطر هذه الممارسات، وهي قيام الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى بإجراء ما تسمى "انتخابات المجالس المحلية" في قرى الجولان، مشدداً على أن هذه الخطوة تشكّل خرقاً سافراً لقرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981، فهل نجحت هذه الانتخابات وعلى أي أساس تطرح "إسرائيل" مثل هذا الأمر في مخالفة واضحة لجميع القوانين الدولية.
في الحقيقة باءت محاولات "إسرائيل" بالفشل سواء من خلال استخدام المجموعات الإرهابية المسلحة وعلى رأسها جبهة النصرة في منطقة الحدود الجنوبية أم من خلال التصويت مؤخراً والذي جاء بالإجماع الدولي تقريباً بالاعتراف بسورية الجولان السوري المحتل وفشلت أيضاً الانتخابات المحلية حين رفض أهالي الجولان المشاركة، خلال هذه الفترة وقعت مناوشات سورية - إسرائيلية سبقتها استفزازات واعتداءات إسرائيلية في هذه المنطقة تلتها الكثير من التصريحات السورية الرسمية بأن سوريا لن تتخلى عن الجولان وستعيده حرباً أو سلماً في الوقت المناسب.
اليوم تعود مسألة الجولان المحتل إلى الواجهة في ظل تطورات كبيرة بخصوص الحل السياسي في سوريا، فقد نشرت وسائل إعلام عبرية خبراً مفاده أن اثنين من أعضاء الكونغرس الأمريكي قدما مقترحاً يقضي بأحقية "إسرائيل" في الجولان السوري المحتل، وللمرة الأولى منذ حرب عام 1967، طرح على بساط البحث في مجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قرار ينص على اعتراف أمريكا بـ"السيادة" الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة.
وأشار مشروع القرار، الذي قدمه النائبان الجمهوريان تيد كروز وتوم قطون، إلى أنه "حتى عام 1967، كانت هضبة الجولان تحت سيطرة سوريا التي كانت تستغلها لشنّ هجمات على إسرائيل".
في الحقيقة واشنطن تريد أن تقدّم لـ"إسرائيل" أكبر قدر ممكن من الخدمات حتى ولو اخترقت القانون الدولي، على اعتبار أن "إسرائيل" هي الوحيدة التي تحظى بثقة واشنطن في المنطقة، فهي بالتالي لن تتردد في الدفاع عنها وبما أن "اسرائيل" خسرت جميع محاولاتها في إبعاد الخطر عنها كان لا بدّ لها من إشراك واشنطن في تطلعاتها الجديدة وفقاً لمتطلبات المرحلة الجديدة التي أصبحت فيها "إسرائيل" تعاني الأمرّين بسبب قوة محور المقاومة وخروجه منتصراً من العراق وسوريا وفلسطين، حيث إن مسيرات العودة الفلسطينية حققت ما كانت تصبو إليه في المجتمع الدولي فقد أظهرت مدى قبح الإسرائيليين ومدى إجرامهم في قصف المدنيين وقتل الأطفال إلا أن هؤلاء الأبطال بأجسامهم الغضّة استطاعوا جذب أنظار المجتمع الدولي للظلم الذي يتعرضون له وعلى هذا الأساس شهدنا مجموعة من القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة مؤخراً وجميعها تصبّ في مصلحة الفلسطينيين والسوريين وتدين تصرفات كيان الاحتلال ورغبته في التوسع وطمس هوية الشعب الفلسطيني.
كانت الأولوية في السابق لسوريا في القضاء على الإرهاب والآن تم القضاء على معظم جيوبه التي كانت "إسرائيل" تدعمها، ولا نعلم ماذا سيقرّر الجيش السوري فيما يخصّ موضوع الجولان وهل هناك حديث عن استرجاعه بالقوة أم سيترك الأمر للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية لاستعادة هذا الحق.
فارس