على شكل المفاجأة اراد كيان الاحتلال الاسرائيلي اعلان ما اسماها عملية درع الشمال لكشف ما قال انها انفاق حفرها حزب الله بين الاراضي اللبنانية جنوبا والاراضي المحتلة. فكانت التعزيزات العسكرية والامنية وعمليات الحفريات التي قام بها جيش الاحتلال على الجبهة الشمالية.
لكن نظرة سريعة على خلفيات الوضع السياسي والامني داخل كيان الاحتلال اضافة الى الوضع الاقليمي و الدولي تكشف ابعادا وخلفيات مختلفة غير البعد الامني الذي يرتبط مباشرة بالوضع الامني شمالا.
اولا
يواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ازمة قد تكون غير مسبوقة على المستوى السياسي داخليا بدات بانسحاب وزير الحرب افيغدور ليبرمان من الحكومة وبقاء نتنياهو تحت رحمة نفتالي بينيت وحزبه، في وقت تترنح حكومته على وقع اي مفاجأة من بينيت تطيح بنتنياهو. الازمة تعمقت مع التوصيات التي اصدرتها شرطة الاحتلال بمحاكمة نتنياهو وزوجته بقضايا رشوى واحتيال والتي من الممكن جدا ان تقضي على حياته السياسية
ثانيا
يواجه دونالد ترامب الحليف الاول والاهم لنتنياهو وضعا ليس مريحا على المستوى الداخلي الاميركي، على ضوء قضايا عديدة اهمها موقفه من السعودية ومقتل الصحافي جمال خاشقجي، اضافة الى الحملة التي يتحضر الديمقراطيون لشنها على ترامب بعد استلامهم الاغلبية في مجلس النواب، وبوادر الامتعاض داخل الكونغرس من حكومة الاحتلال والتي كان اخرها اعاقة السيناتور راند بول تنفيذ الاتفاقية الامنية بين واشنطن وكيان الاحتلال والمقدرة بثمانية وثلاثين مليار دولار.
هذه الاسباب تشكل دافعا مهما لنتنياهو للهروب منها. وعملية الهروب ليست الا خلق ازمة او معركة للفت النظر عن الازمة الداخلية. والتجربة الاولى للهروب كانت في المواجهة الاخيرة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة واستدراك جيش الاحتلال الوضع بعد الاف الصواريخ التي اطلقتها المقاومة على الاراضي المحتلة خلال ساعات.
التقارير تشير الى ان نتنياهو يحاول خلق ازمة مع لبنان عبر الانفاق التي قيل انها اكتشفت شمالي الاراضي المحتلة، وهو ان كان لا يريد او لا يستطيع خوض معركة جديدة في الوقت الحالي فانه على الاقل يسعى لخلق بلبلة على الجبهة الشمالية تترافق مع بلبلة سياسية على المستوى الدولي عبر دعوة مجلس الامن الدولي لعقد جلسة حول قضية الانفاق.
لكن...
من الواضح ان قادة الاحتلال لا يريدون خوض معركة مع حزب الله خاصة وان تجربة غزة قبل اسابيع ما زالت تطرح اسئلة قاسية على جيش الاحتلال ايجاد اجوبة عليها. فما بالك بمعركة مع حزب الله الذي يمتلك امكانيات وقدرات اكبر، وتمكن من تطوير قدراته الصاروخية وفعالية مقاوميه على الارض. وعليه فان قضية الانفاق قد لا تخرج من اطار التهويل مع علم قادة الاحتلال الاسرائيلي قبل غيرهم بمسارات ومآلات اي معركة مع حزب الله.
وهنا يبرز بعد ثالث لدعاية الاحتلال الاخيرة حول الانفاق، حيث يمكن ربط هذه الحركة مع الحركة التي تكفل بها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو حول الصواريخ الباليتسية لايران وزعمه ان طهران تنتهك القرارات الاممية عبر تجربة صواريخ باليستية يمكن ان تصل الى حركات المقاومة في المنطقة.
لكن مساعي الاحتلال الاسرائيلي برعاية اميركية لتمرير قرارات او استدراج عروضات من حزب الله او ايران بحجة قضية الانفاق لن تنجح. فسياسا اكدت طهران ان قدراتها الدفاعية غير قابلة للتفاوض مع اي طرف في العالم. امام ميدانيا فان كشف انفاق من لبنان الى الاراضي المحتلة (حتى وان كان صحيحا) لن يؤثر على قدرات حزب الله ولن يمنح الاحتلال اي تفوق من اي نوع كان.
وبالتالي، مهما كانت اهداف نتنياهو فانه سيجد نهاية الامر (اذا واصل خطته لاستغلال قضية الانفاق لتمرير مشروع ما او استدراج معركة مع حزب الله)، سيجد انه هرب من ازمته داخليا ليقع في انفاق حزب الله شمالا.
حسين الموسوي