الرئيس الفلسطيني لم يخف يوما رغبته في السلام وحرصه عليه، ولم يغلق الابواب أمام أية محاولات وجهود من أجل تحقيقه، لكن هذه الرغبة كانت وما تزال تصطدم بموقف اسرائيلي كارثي معاد للسلام، ورفض تل أبيب للقرارات الدولية، واستمرار الاحتلال للارض الفلسطينية أوضح دليل على النوايا الخبيثة والاحقاد الدفينة للقيادات الاسرائيلية.
ومع اقتراب موعد انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة للامم المتحدة، صعدت اسرائيل من تحريضها على القيادة الفلسطينية وتحديدا الرئيس محمود عباس، للتشويش على الكلمة التي سيلقيها امام قادة العالم في هذا المحفل الدولي، لوضعهم أمام مسؤولياتهم وعجزهم المستمر عن اتخاذ مواقف صارمة تجبر اسرائيل على انهاء احتلالها.
هذا التحريض الاسرائيلي وصل درجة التهديد بالحصار والاقصاء للقيادة الشرعية، باسناد أمريكي وبتحركات مريبة تقوم بها أنظمة الردة في المنطقة، تحريض لم يتوقف يوما، لكنه، ازداد حدة بعد فشل عقد اتفاق تهدئة بين حركة حماس واسرائيل، التي تجهد دول وقوى عدة لانجاحها على حساب المشروع الوطني الفلسطيني، تهدئة تهدف الى خلق كيان منفصل في غزة، يظل أسير الأهواء والرغبات الاسرائيلية، تهدئة انجرت اليها حماس، للابقاء على تفردها بالحكم في القطاع، والانطلاق في مواقفها وسياساتها من أجندة حزبية، تتعارض مع السياسة التي تنتهجها القيادة الشرعية، هذه القيادة أعلنت صراحة، أن أية اتفاقيات مع اسرائيل يجب أولا أن تدرس بعناية، وأن تكون شاملة، وبين طرفين، منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين وبين تل أبيب، وهذا لم تلتزم به حركة حماس، متجاوزة هذا الممثل الذي له الحق ووحده، بعقد أية اتفاقيات مع اسرائيل وغيرها، ومصرة على انجاز هذه التهدئة المشبوهى قبل تحقيق المصالحة وانهاء الانقسام.
وما يثير الاستغراب في هذا المجال أن وسائل اعلام عربية، تنجر وراء الادعاءات الاسرائيلية وتتعاطى معها على انها صادقة ومقدسة، وسائل اعلام تحظى بدعم الجهات الرسمية في البلدان التي تنطلق منها.
اسرائيل، وقياداتها تعترف بذلك فشلت في ثني القيادة الفلسطينية عن موقفها، والرئيس يستعد لمواجهة العالم من على أهم منبر دولي، تعرية لاسرائيل، وتحذيرا من مغبة ما تحيكه مع أمريكا وأدواتها ضد الشعب الفلسطيني، ومطالبة للمجتمع الدولي بالتحرك لوقف العدوانية المستمرة على هذا الشعب. ومن هنا، تأتي أهمية الكلمة التي سيلقيها الرئيس محمود عباس قبل نهاية الشهر الجاري في نيويورك.