2024-11-28 03:45 م

ابن سلمان قاد ثلاث موجات اعتقال حتى الآن

2018-06-07
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن المملكة تحتجز العشرات من الشخصيات السعودية البارزة في السجن، ووُصف الكثير منهم بأنهم خونة. المئات، وربما أكثر، ممنوعون من مغادرة المملكة. وغادر آخرون، بهدوء، وطنهم دون أي خطط للعودة، مما أوجد مجتمعا منشقا سعوديا في الخارج.

وقد ذهب الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أبعد من أي من أسلافه في تخفيف القواعد الاجتماعية الصارمة للمملكة. لكنه يشرف أيضا على واحدة من أكثر الحملات قمعًا، ضد من يُتصور أنهم معارضون، منذ عقود.

وركزت موجة الاعتقالات الأخيرة، في مايو، جزئياً على الناشطين والناشطات الذين دافعوا عن حق المرأة في قيادة السيارة، على الررغم من أن الحكومة السعودية قررت الاعتراف بهذا الحق. والرسالة التي تقف وراء حملة القمع، هي أن ولي العهد وحده هو من يملي وتيرة ونطاق التغيير في المملكة، حسبما يقول المنتقدون.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ناشط سعودي حقوقي تعرض لضغوط حكومية، قوله: "كنا نأمل في مجتمع أكثر توازنا والمزيد من الحقوق...لكن بدلاً من ذلك، ما حدث هو مزيد من القمع بأيديولوجية مختلفة".

وتعكس موجات الاعتقال التوتر بين الحرية الاجتماعية والقمع السياسي في المملكة العربية السعودية "الجديدة"، التي يعتبرها الكثير من السعوديين خطوة إلى الوراء. ومن بين 17 ناشطًا في مجال حقوق الإنسان اعتقلوا الشهر الماضي، ما زال 9 منهم معتقلين.

 "لم يكن الوضع في السعودية بهذا السوء. قال يحيى عسيري، وهو ناشط سعودي معارض، انتقل إلى لندن منذ عام 2013، مضيفا: "لقد كنا نكافح، كانت هناك مخاطر، لكن لم يكن الأمر أسوأ مما عليه الوضع الآن"، مستدركا: "الآن، يجب أن تكون مؤيدًا للحكومة بالكامل، وحتى الصمت غير كاف".

وقالت الصحيفة إن الناس المطلعين على تفكير الحكومة يقولون إن قادة البلاد أرادوا أن يوجهوا رسالة مفادها أن لا أحد -وحتى من يحسبون على الناشطين الحقوقيين الذين يؤيدون إصلاحات الحكومة بشكل عام- يمكنه أن يفلت يد من ذراعها إذا أعلن عن مطالبه للرأي العام.

وفي موقف نادر، أدان الاتحاد الأوروبي، بلهجة شديدة، الأسبوع الماضي "القمع المتواصل للمدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يقوض مصداقية عملية الإصلاح في البلاد". ودعا السلطات السعودية للإفراج عن المعتقلين .

وقد استهدفت موجات الاعتقالات الثلاثة شخصيات بارزة في المجتمع السعودي، وكثير منهم يتحدثون بصراحة ويحظون بسمعة دولية، ولم توجه التهم إلا لعدد قليل منهم. ويُمنع أقارب المسجونين من مغادرة المملكة العربية السعودية. كما مُنع أفراد عائلات ناشطي المعارضة الذين يعيشون في المنفى -وفي بعض الحالات حتى أعمامهم وأولاد عمهم- من السفر، نقلا عن ناشطين وأشخاص مقربين من بعض المعتقلين.

ومن بين حوالي 70 شخصًا ممن اعتُقلوا في الموجة الأولى من الاعتقالات في سبتمبر، كان أحد العلماء الأكثر شهرة في المملكة العربية السعودية، سلمان العودة، وهو صاحب أفكار معتدلة ومن أبرز المنادين بالإصلاح الاجتماعي والسياسي. واعتقل الشيخ العودة وداعية معروف آخر، عوض القرني، بعد عدم تبني موقف الحكومة السعودية المتشدد ضد قطر، وأدلوا بتعليقات العامة على تويتر دعما لعلاقات أفضل بين خصوم الخليج في وقت ضاعفت فيه الرياض حملتها ضد الدوحة.

قال أحد الأشخاص المقربين من العودة: "كان التحقيق بأكمله يدور حول التغريدات  ومشاركات الفيسبوك وصور الاستنغرام ولا شيء خطر"، مضيفا: "الشيء الذي يشترك فيه المعتقلون في سبتمبر هو أنهم شخصيات عامة ومؤثرون ومستقلون وغير مرتبطين بالحكومة".

واستهدفت موجة الاعتقالات الثانية، في نوفمبر، بعض أشهر رجال الأعمال والأمراء الذين احتجزوا في فندق ريتز كارلتون في الرياض واتهموا بالفساد. ثم أفرج عن معظمهم المعتقلين (380 تقريباً) من فئة كبار الشخصيات بعد الموافقة على التسويات النقدية. ومن بين المعتقلين الذين لا يزالون محتجزين، يواجه البعض اتهامات لا علاقة لها بالفساد.

**

وفي السياق ذاته، أصدرت الأمم المتحدة اليوم الأربعاء، تقريرًا وصف السعودية بأنها تستخدم قوانين "مناهضة الإرهاب" بشكل منهجي لتبرير القمع والاعتقالات والتعذيب الذي تمارسه بحق المدافعين عن حقوق الإنسان.

ويأتي تقرير الأمم المتحدة بعد إرسالها بعثة استقصائية رسمية للسعودية بدعوة من الحكومة نفسها، حيث قام مقررها الخاص بـ"مناهضة الإرهاب"، بن إمرسون، بزيارة امتدت لمدة خمسة أيام، التقى فيها بسياسيين سعوديين وقضاة وأفراد من الشرطة. ونقل التقرير أن "السعودية تلاحق هؤلاء الذين يمارسون حقهم بحرية التعبير بشكل منهجي (...) يقبع الكثير منهم في السجون لسنوات طويلة، فيما أٌعدم آخرين في انتهاكات سافرة للعدالة".

واكتمل تقرير الأمم المتحدة قبل حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنّتها السلطات الأمنية السعودية على ناشطي حقوقيين في الأسابيع الأخيرة، في وقت تُلغي فيه السعودية للقانون الوحيد من نوعه عالميًا بمنع النساء من القيادة في 24 حزيران/يونيو الحالي.

وقال إمرسون لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إن "السعودية تشن أشد حملة على المعارضة السياسية منذ عقود، تحت قيادة ولي العهد، محمد بن سلمان"، لافتًا إلى أن حملة الاعتقالات الأخيرة قد طالت نفس الناشطين الذين قادوا الحملات للسماح للمرأة بالقيادة.

وتتصاعد حمل الاعتقالات في السعودية بشكل ملحوظ منذ استلام الملك سلمان بن عبد العزيز للسلطة عام 2015، لكن وتيرتها اشتدت في الآونة الأخيرة، رغم وعود صاحب القوة الحقيقة في السعودية، ولي العهد، محمد بن سلمان، بتوجه الدولة نحو "الانفتاح".

وذكر التقرير أن السلطات السعودية قد منعت إمرسون مند دخول سجون كثيرة، حتى بعد أن أوضح أنه يريد أن يلتقي ببعض ناشطي حقوق الإنسان المعتقلين. وأشار التقرير إلى أن طرق التعذيب التي يُقال إن السلطات الأمنية تستخدمها على المعتقلين، هي الضربات الكهربائية والمنع من النوم والعزل الانفرادي المطوّل والضرب على الرأس والوجه والفك والأرجل.

واتهمت السعودية بثلاثة آلاف حالة تعذيب على الأقل بين الأعوام 2009 و 2015، ويقول التقرير إنه بالرغم من هذه المعلومة فقد أبلغ المقرر القائمين على التقرير، أنه لم يعلم عن إجراء محاكمات لمسؤولين سعوديين متهمين بالتعذيب أو سوء المعاملة بتاتًا.

وأوصى "إمرسون" الأمم المتحدة بالقيام بعدّة خطوات، أهمها إقامة لجنة تحقيق رسمية تعمل على رصد حالات التعذيب وسوء المعاملة والانتهاكات لحقوق الإنسان التي تجري تحت غطاء "مكافحة الإرهاب".