نختلف مع الرئيس أم نتفق معه، فهو حامل الأمانة، وقائد المسيرة وأحد القادة التاريخيين، يتميز بفكره الاستراتيجي وحرصه على أبناء شعبه، لم يتوان لحظة من أجل تحقيق مكسب في خضم تطورات صعبة على مستوى المنطقة، وتحالفات معادية لشعبه، هذه الجهة تهدده وتلك تتوعده، طرحوا عليه خيارات عديدة، ممزوجة بالترغيب والوعود، والاثمان الزائلة، وبقي متمسكا بخيار شعبه.. دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ورفض بشدة المواقف والسياسات الأمريكية، وبأعلى صوته قال: لا للمبادرات الأمريكية التصفوية، و "لا" لتسلل أنظمة الردة وأغراءاتها، هذه الأنظمة التي هددته بالاقصاء.
لحظة الاعلام عن دخوله المستشفى لتلقي العلاج، شحذ المتآمرون على شعبنا السيوف والسكاكين، وماكنات الاعلام الخبيث قادت حملة الشائعات، في تشفع وشماتة وسط تهليل المواقع الصفراء، وأباطيل أصحاب الوجوه المسودة، من خدم الأنظمة ومقاوليها. الشامت في مثل هذه الحالات حاقد والمتشفي نذل، وكلاهما في دائرة الصغار.
هذا الحدث، الذي وقف الشعب أمامه داعيا وراجيا لرئيسه الشفاء العاجل، ليواصل قيادة المسيرة في أخطر المراحل التي مر بها، كشف في الوقت ذاته، عجز البعض وارتباكه، البعض ممن هم محسوبون على دائرة صنع القرار وفي عضويتها، وبعض أصابه الوجوم حائر لا يدري ماذا يفعل في مثل هذه اللحظات، وآخرون سارعوا الى "الكولسة" والاصطفاف والتمحور لرسم خريطة المشهد السياسي القادم في محاصصة مخجلة ومقرفة، ومنهم، من لم تتوقف هواتفهم النقالة "ومكالماتهم مغطاة ومدفوعة" يرجون الأجهزة الاستخبارية في هذه العاصمة وتلك، عارضين الخدمات وقبول تقديم التنازلات مقابل اسنادهم في "معركة الوراثة"، وراحوا يوزعون النشرات الطبية وكأنهم أباطرة في الطب.. انهم ضعاف النفوس، الواهمون بأنهم لهم امتداد أو قاعدة في الشارع، غير مدركين أن غطاء الرئيس لهم هو الذي يحميهم من قصاص شعبي عادل يلقي بهم الى قارعة الطريق، مذمومين مدحورين كغيرهم من المرتدين، ومنفذي الأجندة المشبوهة.
أثبت هذا الحدث الذي أقلق أبناء شعب الرئيس أن الحلقة الأقرب صدئة ومفككة، مشتراه ومخترقة، ويسهل احتواء أفرادها وتجنيدهم.. لا قدرة لهم على حمل المسؤولية، وليسوا أهلا للثقة، صغار في كل شيء، أدعياء وأقزام ومنافقون وفاشلون في كل شيء وعلى كل الأصعدة، اصيبوا بالارتعاش لا يدرون ماذا يفعلون الا الاستنجاد بالخصوم وبأجهزة الإستخبارات من كل جنس.. هؤلاء الذين أقاموا الجدران العالية حول الرئيس ومارسوا التضليل وفبركة التقارير الكاذبة، ووقفوا في وجوه من يؤمنون بأن الدين النصيحة.. ومارسوا كل أشكال التعسف والخسة والقهر والتكويش وملء الجيوب وتجنيد الأزلام، للاستقواء والاذلال، وما كانوا يوما حريصين على رئيس وشعب وقضية، همهم الوحيد منافعهم الذاتية، سقطوا في الامتحان.. وعجزوا عن مواجهة حملات التشويه وحرب الشائعات، والتصدي للمارقين، بل تربطهم معهم خيوط وعلاقات وقنوات خلفية.
الآن، ما يتمناه الشعب هو خروج الرئيس من هذا العارض الصحي بصحة وعافية، متغلبا على المرض وسالما، مواصلا حمل الامانة والمسؤولية.. ليبدأ على الفور عملية ترتيب سليمة للبيت الداخلي، مصغيا للحريصين المحبين له، وهو آخر القادة التاريخيين، فهناك الكثير من المسائل والقضايا بحاجة الى علاج جذري، وتفكيك لاصطفافات خبيثة باتت مفضوحة، وكثيرون على استعداد لأن يضعوا أمام الرئيس ما يساعده في عملية الترتيب التي باتت ضرورة، ولا بد منها.
في الوزارات ظلم، وفي الهيئات تسلل لقوى تتآمر على المشروع الوطني، ومحاور وشلل تتبع المقاولين المأجورين وتحت تصرفهم، في مؤسسات السلطة قيادات فشلت في المهام الموكلة اليها، وانشغلت بالمكاسب الشخصية والتحريض، والاختباء وراء التقارير الكاذبة، والرسائل المبتورة والتقديرات المدسوسة.
ان الرئيس صمام الأمان، وفي دائرة الخطر الجدي القادم من الاحتلال وقوى الاستكبار وأنظمة الردة، ومقاوليها من الخارجين على ارادة الشعب.. وليس أمامنا الا أن ندعو للرئيس بالسلامة والشفاء العاجل وطول العمر.